أقصر الطرق للشهرة ..

د . علاء الدين جنكو

يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ، أتذكر في مثل هذه الأيام من أوائل ثمانيات القرن الماضي ، دخلت مرحلة الوعي لما أقرأ.
بالطبع كنت من عائلة محافظة – والحمد لله – وبعد أن اشتد عودي رحت أستفسر عن موديل الحديث الذي كان جاريا في ذلك الزمان وكان يتبوأ ما يسمى حينها بالمجالس الثقافية.
أين الله ؟ ولماذا تصلي ؟ وصل الناس للقمر وأنت ما زلت ترفع مؤخرتك !! وغيرها من الأسئلة الكثيرة ..

كانت من أوائل ما سئلت عنها ، وأنا الطفل الصغير من قبل بعض المثقفين البسطاء الذين كانوا يتربون على الكتب الحمراء وكانوا يقلدون غيرهم كالببغاءات ..
هذه المشاهد تعود على مسرح الأحداث من جديد ، فكل من فشل في ميدان الثقافة والإبداع والإتيان بما يخدم الفكر رأى أن شتم المقدس هو اقصر الطرق إلى الشهرة .
وليس ما كتبه سلمان رشدي وتسليمة نسرين وحيدر حيدر من سخافات اعتبرتها كثير من المؤسسات أنها أروع ما كتب ببعيد ، ولولا اتهام البعض أني أحكم على الكتب من غير قراءتها، لما ضيعت وقتي الثمين بقراءة أسخف ما كتب من روايات وكتابات رخيصة نجست الورقة والقلم ..

وأسباب هذه الظاهرة – التطاول على الإسلام – كثيرة منها ما يتعلق باختلاف التوجه والدين ، فجميع محاولات غير المسلمين ومن وقف معهم من علمانيو أبناء المسلمين في تشويه صورة الإسلام باءت بالفشل ، وجاءت بالنتائج العكسية ، مما دفع بهم لموجة جديدة مستغلين ما يسمى ظاهرة الإرهاب ، وفي وجهة نظر هؤلاء كل من ركع وسجد هو إرهابي يجب أن يستأصل ، ولو تمكنوا لما أظهروا أي تسامح في مجال العبادة أيضا ، لأنهم في حقيقة الواقع يرفضونها برفض آثارها على سلوكيات ملتزميها ..
فالمصلي الذي لا يشرب الخمر متخلف بحكم صلاته ، والصائم الذي لا يكذب بسيط وساذج ودرويش  ويشفق عليه !! ، ومن يدعوا إلى احتشام نساء بيته يكون قد حكم عليهن بالإعدام !!

ومن أسبابها أيضا : الفراغ الثقافي في فكر من يتهجم ، فالعاجز عن تأليف قصيدة إبداعية تشد القراء والمثقفين، وكتابة رواية تعالج قضية اجتماعية، حتى يأخذ مكانه الطبيعي يكون إساءته للدين هو الطريق الأسهل ليكون مشهورا – طبعا – في نظر البسطاء مثله ..

ومن الأسباب أيضا : وهو خاص بمجتمعنا الكردي ، ما يثار بين الحين والآخر من المواقف السلبية للمسلمين من قضيتنا الكردية ، وهو سبب أعترف بأنه حق ، وآثاره كانت في غاية السلبية لاتخاذ مواقف عدائية من المسلمين .
ولكنه ليس من الإنصاف والعدل وخاصة عند المثقفين أن يجرِّم المبادئ بجريرة منتسبيها .
ثم لماذا لا يكون هذا الموقف أيضا مع تلك الأمم التي قسمت أرضنا وخانت ثوراتنا واحدة تلو الأخرى ؟!!

ومن الأسباب أيضا تلك المواقف الانتهازية والنفاقية من بعض التيارات العلمانية التي ترفض تسيس الدين – وهو ما أقتنع به أيضا – من جهة لكنها تدعوا إلى حكم أغلبية دينية من قبل أقلية دينية أخرى !!

ومن الأسباب أيضا : أن الدين والالتزام به يكبح جماح الشهوة والفساد ، وهو ما يرفضه المثقف المنفتح !! الذي لا يرغب أن يكون لحريته حدود ، حتى لو طعن في أعراض الناس ومقدساتهم ..

والعجب في هؤلاء أنهم يدعون إلى شتم وسب الإسلام بكل ما فيه من فكر وتراث وثقافة وحضارة ونظم أخلاقية ، في الوقت الذي يدعون إلى احترام عاقد ليس لها مكانة عند من له أدنى عقل يفكر فيه ..
كثر الهرج والمرج والإساءة للإسلام، وتطاول الكثيرون على مبادئه السمحة، وسكت الجميع ، إما خوفا على أنفسهم من اتهامات الجبناء، ومن يصطادون في المياه العكرة، وإما تكاسلا وتركا لواجب الدفاع عن مبادئ عقيدة يدين بها أكثر من مليار ونصف إنسان على وجه الخليقة .

ومن هنا أثمن خطوة الرئيس مسعود البارزاني في اتخاذه لقرار تشكيل لجنة في التحقيق لمن أساء للإسلام حتى يضع حدا لكل متطاول ظن أنه بلغ من الفكر مليا ، وهو لا يدري أنه لا يلجأ إلى مثل هذه الأساليب إلا لأنه فارغ من الفكر والقلب ولا يحترم عقائد الناس !!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…