موسوعة الشعر السوري… الرديء!

  خليل صويلح

أفرزت حقبة التسعينيات في سوريا نحو مئة شاعر وشاعرة، وجدوا في رحابة قصيدة النثر ملاذاً للركاكة والاستسهال في اقتحام هذا الجنس الإبداعي. جمع الشاعر الشاب ابراهيم حسو هذه النصوص في موسوعة ضخمة، أطلق عليها اسم “الشعر السوري الرديء” واتخذ شعر التسعينيات نموذجاً.
“لم يكن اختيار هذه النصوص صعباً” يقول ابراهيم حسو. ويضيف “يكفي أن تقوم بجولة افتراضية على المواقع الإلكترونية حتى تخرج بحصيلة ضخمة من هذه النماذج التي تفتقد إلى الحد الأدنى من الشعرية وجماليات قصيدة النثر. كما أسهمت الصفحات الأدبية في الصحافة المحلية في رفد هذه الموسوعة بنصوص نموذجية للبلاهة الشعرية”.

بعد نحو ثلاث سنوات على إطلاق هذا المشروع، وصلت الى بريد الشاعر الإلكتروني مئات النماذج للشعر الرديء، وبالمقابل تسلّم رسائل تهديد من بعض الشعراء، ممن أُدرجت أسماؤهم في صفحات الموسوعة، مرفقة بشتائم جارحة، ورأى هؤلاء أن المشروع تخريبي، وهو “مصنع لتفخيخ الشعرية السورية بمتفجرات الكراهية والقطيعة”.
ويرى ابراهيم حسو أن حقبة التسعينيات تستحق بجدارة اسم “مرحلة نهوض القصيدة الرديئة” بعدما حفلت الساحة الشعرية بأسماء لا تمتلك الحد الأدنى للكتابة. والغريب أن صاحب الموسوعة لا يستثني نفسه من الانتماء إلى هذه المرحلة والمساهمة في كتابة نصوص رديئة ونشرها في الصحافة المحلية طوال تلك الحقبة بسبب العطالة والضجر. وانتظر نحو عشر سنوات كي تتاح أمامه فرصة لنشر مجموعته الشعرية الأولى “الهواء الذي لونه أزرق”، قبل أن تلمع في رأسه فكرة الموسوعة. وإذا به يجد نفسه “غارقاً في التفاهة” إلى درجة الحيرة في اختيار هذا النص أو ذاك نظراً الى الوفرة الهائلة في النصوص الرديئة. ويوضح أن المقياس الذي اعتمده في فرز أصحاب النصوص الرديئة، هو الذائقة أولاً، ثم غياب الحد الأدنى للشعرية والصياغة اللغوية وانتصار الركاكة على ما عداها. ويضع ابراهيم حسو اللوم على بعض النقاد “الرديئين”.
ويستدرك صاحب الموسوعة، أنه تردد أكثر من مرة بطيّ الفكرة، خشية غضب بعضهم وغزارة النصوص الرديئة التي تحتاج في الحد الأدنى إلى نحو ألف صفحة، وبالتالي صعوبة تمويل المشروع وإخراجه إلى النور.
ويتوقع صاحب موقع “أبابيل نت” على الأنترنت، أن تثير هذه الموسوعة، فور صدورها، زوابع من الاحتجاجات والسخط، وخصوصاً أنها ستطال أسماء معروفة في الساحة الشعرية السورية، و“تفضح قناع الحداثة” عن تجارب تسلّلت في غفلة من النقد إلى المنابر. لكن حسو يؤكد أن الموسوعة ستكون ترجمة دقيقة لحال الشعرية السورية اليوم، وما وصلت إليه من هزال وتسفيه لمعنى الشعر وجماليات قصيدة النثر على وجه التحديد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…