حوار مع الكاتب والشاعر هوشنك أوسي

حاوره : عمر كوجري
emerkoceri@yahoo.com

المؤسَّسات السِّياسية لا تفرِّخ مبدعين يتجاوزونها
• ينبغي أن نميّز بين المثقَّف التسويفي والمثقَّف المبدع
• لن أنسى تقريع معلمتي لي : لا تتكلم بهذا اللسان الأعوج
• خيالي يحاول أن يصادق الغيوم
• واقع الصَّحافة الكردية مأساوي
• المرأة سمُّها عذب, وجحيمها شهي
بعيداً عن الصخب، يمتشق الشَّاعر والكاتب الكردي “هوشنك أوسي” قلمه، يحاول أن يهمس في أذن العاصفة أن : مرُّي بأرضي بسلام.. لا تبطشي بوداعة الأطفال، وهم غارقون في نومهم.

ويقول هوشنك للسَّحابة البيضاء.. أو السوداء :
لا سلمت يداك إذا نسيت أن تسلِّمي علينا أيضاً. فنحن ننتظر قدومك منذ قرون في هذا اليباب الطويل.
هوشنك، على طريقته الريفية المحبَّبة، يكتب. تداعب أصابعه القلم. وبفرح طفولي، يكتب شعراً لحبيبته الغائبة أبداً والحاضرة أبداً. ولأنِّي أحبُّ هذا الشَّاب مبدعاً وإنساناً، فقد أعجبني رقصه الأنيق على أديم الورق الثلجي.
وغضبت من عيني، وهي تراقب تعثُّر هوشنك على إسفلت دمشق، مترنِّحاً
باحثاً عن كوجريته التي يخاف أن يضيعها في لحظة طيش.
باختصار “هوشنك” يرغمك على حبِّه، رغم اختلافك معه.
وعندما تذهب إليه أو يأتي إليك، فيركض نحو الحاسوب، ويكبر حجم الكلمة مائة في المائة،
ليتواصل مع الحرف والكتابة. عندئذََََ، من حقِّي أن أقول : إن هذا الرجل أحدُّ بصراً وبصيرة منَّا. أو على الأقل، منِّي.
ولأنه كذلك، فقد كان هذا الحوار…

الكتابة حريقٌ لا يدرك لعبة الخمود.. لماذا ألقيت فراشتك في نارها..؟.

– أنا لم ألقِ فراشتي صوب حرائق الكتابة. هي متنفَّسٌ لخيالي، لفكري، لإعتلاجات روحي. وهي، بما تحويه من أصداء وأضواء، تجذُّب الفراشة. ليست فراشة الكاتب وحسب، بل المتلقِّي أيضاً. وفي هذا الطواف، يكتسب الحريق الإبداعي جوهره الحقيقي. ثمَّة آصرة فطرية غير مكتسبة، موجودة في الإنسان الذي يندفع نحو الكتابة. فنحن لا نستطيع إعطاء تفسيرٍ دقيق لسرِّ وله الفراشة بالنَّار، وهي تسرع نحو الارتماء في أتون الحريق، وهكذا الكتابة، والآصرة الفطرية التي تربطها بالإنسان.

يبدو لي أنك ذاهب في تفسير المدَّعي من المبدع، في جدلية العلاقة بين اكتواء الفراشة بنار اللهفة، واكتواء الكاتب (المبدع) بنار الكتابة الأصيلة. كيف تقرأ الكاتب المبدع من الكاتب المدِّعي..؟.

– العلاقة بين الفراشة والنَّار تبقى غامضة، كما نوهت. لكن، الفصل بين المبدع والمدَّعي، ليس صعباً. فـ”ما ينفع النَّاس، يمكث في الأرض” وما ينفع النَّاس، هو الإبداع الميثير للجمال والخير وقيَمهما. فيبقى ممتدَّاً نحو الأزل. أمَّا الادِّعاء، فزبدٌ، مصيره الزوال.

برأيك، هل يجني هؤلاء فائدةً من وراء زجِّهم في هذا الإطار؟ وما الكفيل بكشف أوراق توتهم..؟.

– باعتقادي، إن هؤلاء يجنون. لكنه جنيٌ استهلاكي، خاضع لمعايير العرض والطلب. هؤلاء يقدِّمون نتاجاً، جوهره الافتعال، وفاقد للمصداقية الروحيَّة والإبداعيَّة، المبنية على الخلق والجمال والفطرة والارتجال المهذَّب. هؤلاء، يجنون بعض الألقاب والأنخاب. يسوِّقون لأنفسهم ولغيرهم، بشكل مبتذل ورخيص. لكنهم، يفقدون قيمتهم الإبداعية، هذا، إن كانت موجودة.

ولكن، ألا ترى معي أن لهؤلاء الغلبة في لوحتنا الكردية، على الأقل؟ وصار كل من بالكاد يفكُّ حرفاً، يُقدَّم ككاتب..؟!.

– دعني اختلف معك قليلاً. هم ليسوا الغلبة، ولا يطغى نتاجهم الغثُّ على الإبداع الحقيقي الذي يمسُّ نبض الجمال. نعم، لهم حضورهم. صائلون ما بين المنابر، وجائلون بين أسواق الاتِّجار بالكلام، يعرضون بضاعتهم التي لا تماهي روح العصر، ولا تحاكي التاريخ، على من يدفع أكثر.

ما رأيك أن نضع اللوم على المؤسَّسات الكردية التي تكرِّس بعض هؤلاء.

– جزء من اللَّوم، وليس اللَّوم كلُّه. المؤسَّسات السِّياسية لا تفرِّخ مبدعين يتجاوزونها. هذا هو منطق المؤسَّسة السِّياسية الخاضعة لمعايير وظروف معيَّنة. وليس في المجتمع الكردي فحسب، بل لعبت المؤسَّسات السِّياسية دوراً سلبياً على الثقافة عموماً، ما أفرز أنصاف أو أرباع المبدعين على أنهم مراجع ثقافية. هذا الإشكال، موجود في الحراك الثقافي العربي والتركي والفارسي والشرق أوسطي عموماً، باعتقادي. وبما أن المؤسَّسات السِّياسية “نظم، أحزاب، جمعيات، روابط…” هي حالات اجتماعية اقتصادية طارئة، فبديهي أن من يدور في فلكها، وبشكل يسترخص الإبداع، ويستسهل الكتابة، ويستغفل العقل، هذا النموذج أيضاً طارئ. والثقافة الكردية كفيلة بلفظ تلك النماذج التي ليست من صلبها. فالذي جعل ” ملايه جزيري” جزيرياً، لم يكن أمراء أو سلاطين أو مؤسَّسات دينية أو سِّياسية. والذي جعل “جكرخوين” جكرخويناً، ليست المؤسَّسة السِّياسية، رغم دورانه ضمن الفلك السَّياسي. وينبغي أن نميّز بين المثقَّف التسويفي والتسويغي، والمثقَّف المبدع، الذي لا يُخضِع خياله وفكره لدوائر التعصُّب الإيديولوجي.

ما طرحته، يقودني لسؤال إشكالية العلاقة بين المثقَّف والسِّياسي، كيف يتفاهمان؟ إن كان بينهما خصام..؟.

– سأبدأ من حيث انتهيت, العلاقة بين المثقَّف والسِّياسي، ليست سلسة. شخصياً، لا أرى سلاسة بطبيعة التواصل بين الوعي السِّياسي والوعي الثقافي، في منطقتنا. برأيي، الثقافة هي الكل، والسَّياسة هي الجزء. في أوروبا، كانت الثقافة والوعي التنويري هو المفصل المحرِّك لآليات التطوُّر المجتمعي والسِّياسي. فخلقت مجتمعاً ديمقراطياً متقدِّماً، بعد أن أنهى صراعاً مريراً مع الكنيسة وسلطانها. وهذا ما خلق وعياً سياسياً بنَّاءاً، تشكَّل على أساسه، الفهم الأوروبي للفعل السِّياسي. السِّياسة هناك، تتبع الثقافة.. “الرأي العام، الصحافة، مؤسَّسات مجتمع مدني…” على عكس الشرق الأوسط، ومنه المجتمع الكردي، فالثقافة فيه، تتبع السِّياسة القائمة على المنفعة الآنية والمصلحة والبراغماتية. فكيف لا تكون مجتمعاتنا متخلِّفة، والمعادلة الحضارية القائمة على انقياد السِّياسة للثقافة، لا العكس، فاعلة فيها. لأن الثقافة تتعاطى مع قيم الحبِّ والخير والجمال الأزلية في الفكر والمجتمع. أمَّا السَّياسة، فمتحوِّلة، لا ثابت فيها إلا المصالح.

هذا الموضوع مختلف بشأنه كثيراً، وحتى ننوع من الأسئلة، أقول : منذ متى بدأ خيالك يصادق الغيوم، وأمسكت بالقلم، وقررت الكتابة..؟.

– أسمح لي أن أجيب على سؤالك على شقين. فالشق الأول، متعلِّق بالخيال، وهو موضوع يعود إلى التكوين النفسي والفكري، وإلى الفطرة، إلى حبِّ الاستكشاف، إلى بداية تأسيس الوعي، وخاصةً، في مرحلة الطفولة. ففيها، نسأل بغزارة عن أسماء الأشياء واختلاف طبائعها. وهذا السؤال، هو وليد الخيال الظامئ. مازال خيالي يحاول أن يصادق الغيوم. ويحاول ألا يكون محصوراً ضمن وطنٍ معين، أو جغرافيا معيَّنة. تماماً، كالغيمة التي لا يمكنك أن تسألها عن وطنها. أين ولدت؟ أين تسكن؟ وأين سينتهي مشوارها؟ وبكم محطة مرَّت..؟. الخيال يبقى حيَّاً مواصلاً مشواره، حتى بعد فناء صاحبه. وفيما يخصُّ علاقتي بالقلم، فهي منذ الطفولة. حيث كنت من المتفوقين في المدرسة. وكانت لي نشاطات، علَّمتني الجرأة ومواجهة النَّاس. في الابتدائية، كنت عريف حفل، في الحفلات المدرسيَّة. أخطب، أقرأ الشِعر، أقدِّم الفقرات الفنيَّة أمام جمهرة كبيرة من المتفرِّجين. كنت أمثِّل في الفرق المسرحية المدرسية، وأشارك في المعارض التشكيلية، وأنال الجوائز وإعجاب المدرِّسين. وفي الإعدادية، كنت أكتب إنشاءاً جميلاً، يعجب مدرِّس اللغة العربية، الذي أهداني قاموس (مختار الصحاح)  تقديراً لاجتهادي في اللغة العربية. لن أنسى أفضال ذلك المدرِّس ما حييت، لقد كان سريانياً “إنجيلياً” متديّناً. أمَّا أول نصٍّ كتبته، مازلت أذكر عنوانه (رسالة إلى الفجر الجديد). وكان يعبِّر عن تصوّري لتطوّر حركة التحرر الوطني في كردستان تركيا في مطلع التسعينات. حيث كنَّا، وما زلنا ننظر إليها، على أنها فجر جديد.

فيما يخصُّ اللغة، أعني لغتك الأم الكردية، هذه اللغة، ألم تصطدم بمفردات ولغة جديدة على مسمعك؟ وتميُّزك بالعربية في طفولتك تثير إعجابي ودهشتي..؟.

– الخيال الأول، يستسقي لغته من اللغة الأم. ويلقي بظلاله وسطوته على أنماط وأنساق التعاطي مع البيئة. فالوعي الأول، هو وعي الأم. والطارئ الجديد، يضفي بصمته على الوعي، من نافذة لغة جديدة وافدة، بالتأكيد، ستلقى ممانعة أولية في البداية. لكن الخيال الكردي مطواع، ويستجيب للمناخات الإبداعية في اللغات الأخرى. وإشكالية الممانعة في الوعي لدى الطفل الكردي، أو أي طفل، للغة الجديدة، لم يدركها منتدبو “الضَّاد” إلينا. ومازلت أذكر كيف كانت معلمتي في الصف الأول، تزجرني وتنهرني وتهدِّدني بالعصا، قائلة : “لا تتكلم بهذا اللسان الأعوج الأعرج”، عندما كنت أتكلَّم مع أخي الجالس إلى جانبي في نفس المقعد، بلغتنا الكردية الجميلة، بشكل عفوي فطري طفولي.

كلام المعلمة، ألم يخلق لديك نفوراً حيال تلك اللغة الطارئة والصعبة..؟.

أولاً، اللغة العربية، لم تعد طارئة، ولقد أصبحت جزءاً هاماً في تكوين البيئة الكردية. ثانياً، تجهُّم المعلمة وضربها بالعصا على ظهر يدي، وعبارتها القاسية، منطبعٌ كوشم في خيالي. لكنها دفعتني إلى التعاطي مع اللغة الوافدة كاستحقاق ينبغي القيام به وإنجازه وإتقانه، إن أمكن. فنحن كرد سوريا، دخلت العربية في تكوين وعينا الثقافي المعرفي. ونتيجة الظروف التي تعانيها الثقافة الكردية من قمع ومنع في سوريا، نحن مضطرُّون، مغلوبين على ثقافتنا الأم، التأقلم مع هذه الحالة غير الصحيَّة.

ولكنك يا صديقي، وحسب متابعاتي لنصوصك الأدبية وبعض مقالاتك، أرجِّح عدم إتقانك للنحو والصرف والإملاء العربي..! ماذا تقول..؟.

– لقد ذكرت كلمة الإتقان مرفقة بأداة الشرط (إن). كما أنه ليس من الضرورة على المبدع بالعربية أن يكون نحويَّاً ضليعاً في فقه الضَّاد وقواعد نحوه وصرفه. والاختلافات موجودة حتى بين نحاة العربية. طبعاً، لا أدَّعي أنني أتقن اللغة العربية. أنا أجيدها وملمٌّ بها، إلى حدٍّ يؤهِّلني تقديم فكري وخيالي وانطباعاتي لقرَّاء الضَّاد من العرب وغيرهم. وأنت تعلم، إن الكثير من مبدعينا ومثقفينا الكرد، يكتبون بالعربية. وأثناء الاستماع لهم مشافهةًًً، تجدهم يقعون في هفوات ومطبَّات توصلك إلى نتيجة مفادها: وكأن هذا المثقَّف، ليس صاحب ذلك النتاج الرصين. وهذه الحالة طبيعية، وبما فيهم أنت أيضاً تعاني من ضعف واضح في المحادثة بالعربية.

نشرت بالكردية والعربية، هل تبدع في الكردية أكثر أم في العربية..؟.

– علاقتي بالكتابة بدأت من سنة 1995. وكانت بالكردية والعربية في آن. لكن الغلبة كانت للغة الوافدة، وليست للغة الأم، لظروف لا يجهلها أحد. أمَّا أين أجد نفسي، ففي اللغتين.

أنت تكتب مقالات سياسية تتَّسم بالحديَّة، وخاصة عن النظام السوري, وأسمح أن أقول لك: إن البعض ينظر إليك بعين الريبة. هل تعرضت للمضايقة، للاعتقال؟ وقصص الأجهزة مع كتَّاب الرَّأي الآخر، كثيرة وغزيرة، ماذا تقول..؟!.

– يا عزيزي… ماذا أقول لهؤلاء أكثر ممَّا يقوله الماء للصخر. في سوريا، لا يمكنني أن أتحدَّث إلا عن أنقاض دولة وبقايا مجتمع. فمنذ أكثر من أربعة عقود، والنظام السوري يعيث تدميراً وفساداً وإفساداً في وعي ونفسية المجتمع السوري، إلا درجة باتت فيها ذهنية المؤامرة وثقافة التخوين هي لسان حال هذا المجتمع المدجَّن المعلَّب، الفاقد لإرادة التغيير. فالاستبداد في هذا البلد، جعلك تشكُّ حتى في ثيابك التي ترتديها، وفي ظلِّك الذي يلازمك. فتسأل: هل هو عميل للمخابرات أم لا…؟!. لو وعيت لحجم الخراب السِّياسي والاقتصادي والثقافي والنفسي الجاثم على صدر البلاد والعباد هنا، لما طرحت عليَّ هذا السؤال.
نعم، لقد استدعيت للتحقيق والاستجواب، وهددت بالاعتقال، وأنت على علم بذلك. وهل من الضروري أن أتعرَّض للاعتقال، وأقضي نحبي تحت التعذيب، حتى يحصل هوشنك أوسي على شهادة حسن سلوك ثقافي تبرِّؤه من الشكوك التي تحوم حوله، والتي يثرها هؤلاء الذين تحدثت عنهم…!!؟. هذه هي إحدى تجلِّيات المأساة والوضع الكارثي الذي نحن قيه. أحد الأصدقاء وجَّه لي هذا التساؤل: لماذا لم يعتقلونك حتى الآن..؟! إمَّا أن النظام بات ديمقراطياً ويحترم حرِّية الرَّأي؟ أو أنك عميل لهم..؟!. انفجرت من الضحك _وفعلاً، شرُّ البليَّة ما يُضحك_ وقلت له: “لا هذا، ولا ذالك. لم يعتقلوني، كي يجعلوا من صديقٍ مثلك، يشكُّ بي وبصدقية آرائي”. أمَّا عن النبرة الحادَّة في كتاباتي الناقدة للنظام، فلا أجد أية نبرة حادّة. أليس الواقع السِّياسي والاقتصادي والثقافي أكثر فظاعة ومأساوية مما يُكتب عنه..؟. الكثير من أصدقائي نبَّهوني لخطورة تبعات طريقتي في الكتابة. لكن، صدِّقني، إن لم أكتب هكذا، فسوف أختنق.

فيما مضى، اشتغلت في الصَّحافة الكردية, ألا تؤثِّر الصَّحافة على مخيال الصُّحفي (الأديب).

– الصَّحافة صنعة حضارية، هاجسها استقطاب المتلقِّي، عبر تقديم أفضل ما لديها من بضاعة ثقافية، تحمل قيمة معرفية وجمالية، ناهيك عن الخبر والمعلومة والتعليق…الخ. هذا العمل مضنٍ وشاق. وبالضرورة، سيكون على حساب الفعل الإبداعي. فقضية جمع المواد، وترتيبها وتبويبها والالتزام بمواعيد صدور المطبوعة الإعلامية، كل هذه المسائل، تؤرِّق هاجس المبدع. لكن، نحن الكرد، وما تعانيه ثقافتنا، مضطرُّون إلى أن يكون الهم الذاتي في أخر سلم الأولويات.

على ذكر الصَّحافة الكردية، كيف تقرأ واقعها في ساحة سوريا تحديداً؟

– إذا كنت تقصد المطبوعات التي تنشرها أحزابنا، فواقعها مأساوي. لأنها خاضع لحلقات ضغط ذاتية وموضوعية. منها ما يتعلَّق بطبيعة النظم الاستبدادية والمقتسمة لكردستان، ومنها ما يتعلَّق بالمؤسَّسة السِّياسية المتحكِّمة بالصَّحافة، كون الصَّحافة لدينا، هي حزبية، تصدر وتتوقَّف بقرار حزبي. إلى جانب دوائر أخرى، منها، قلَّة الحرفية والتمويل والقرَّاء…الخ.

لماذا الأزرق يرتحل معك أينما ذهبت، وحيثما حللت، حتى منح نفسه عنواناً لإحدى مجموعاتك الشعرية..”ارتجالات الأزرق”..؟.

– يا صديقي… الأزرق، حريقي الذي لا يبارحني، وطني الذي يطاردني وأطارده. الأزرق، معركتي التي أحاول أن أتصالح معها, فتأبى إلا أن تنحرني في أخر مدينة شيَّدتها له. الأزرق، هو النصُّ الذي يكتبني، عينين كوجريتين على الضفة الأخرى لدجلة. فكيف تودُّ لي يا عمر، ألا أباغته خيالاً, ويباغتني حريقاً.

إلى متى، وعيناك تزفان للحزن، للبكاء، للعويل إن شئت، إلى متى سيدوم انتظارك لهذا الأزرق..؟!.

– إلى أن يأذن الجحيم.

ما الثمن الذي يمكن أن تدفعه لتظفر بجدائل.. بعيون.. بقامة الكوجرية..؟!.

– هذا ما ينبغي أن تطرحه على صاحبة تلك العينين، وليس عليّ. أنا المتيَّم بعشقها حتى الثمالة والطيش والجنون. على العموم، الظفر بعينها، مازل أملي، مآلي ومبتغاي.
وفيما يخصُّ دجلة، فهو حزين ومعلَّب، ولحيته طالت، وشعره مغبر، وسدود “أتاتورك” خنقته، وجفت الدماء في عروقه.

هل تستطيع الكتابة أن تعيد لهذا العاشق، حبَّه الأول، وهو يركض في سهول ووديان كردستان..؟!.

– الكتابة هي محاولة أن تضرم حريقاً هنا، وآخرَ هناك، كي تذيب الجليد أو الحديد. ولكنها تبقى محاولة للعودة إلى الذات البكر، محاولة لاستحضار أرواح المكان. وإن لم تصل إلى هدفها، فهذا يعني لا جدوى المحاولة. نعم، يمكن للكتابة أن تعيد دجلة إلى سابق عهده، ويمكن أن تفعل أكثر. ويمكن أن تفشل أيضاً في استدراج دجلة إلى الانقضاض على وضعه، ويعلنها حريقاً هائلاً وكبيراً …

بحسب قراءتي لمقالاتك المنشورة على الإنترنت، أدَّعي أن هناك تفاوتاً بين مقالة وأخرى. فبعض المقالات رصينة وجدية، وبعضها تحمل طابع السخرية ((غير الموظفة))..؟.

– تقنية الكتابة، متوقِّفة على طبيعة الموضوع. وأنا أحاول أن أنوع كتاباتي، خاصة المنشورة في الإنترنت، ضمن زاويتي الأسبوعية.. “القوس الثالث في Rojava.net” وتلك التي انشرها خارج الزاوية. المقالات التي تتطرَّق للشأن الثقافي (أدباً-تشكيلاً-موسيقى…) تتطلَّب الحذر والحيطة والجديَّة والأناة. أمَّا السِّياسية، وخاصة منها الناقدة المتعلِّقة بالشأن السُّوري، بشقِّيه الكردي والعربي، فأحاول أن أطعِّمها ببعض القفشات الساخرة، بدئاً من العنوان وصولاً للمتن. لاحظ هذه العناوين: “النظام السوري وعقلية أبو قاسم الطنبوري” أو “طز في أمريكا…” أو مقال انتقد فيه الأستاذ عبد الحميد درويش، “غلطة الشاطر بعشرة آلاف”، وغيرها الكثير، أعتقد أن النقد_في هذه الأحوال_ لو كان ساخراً، لأصاب مرماه أكثر. والمقالات التي تأخذ طابعاً فكرياً، تكون جادة، كـ( الدولة الوطنية وضرورتها في الشرق الأوسط)، و(عقم أم وهم الإصلاح)….

دارت بينك وبين العديد من مثقفينا الكرد سجالات وردود، الكاتب (نزار آغري) مثلاً. ماذا ربحت؟ وماذا خسرت..؟!.

– يا عزيزي… لم تدر بيني وبين المثقفين الكرد سجالات، فقط كانت لي وقفة مع الصُّحفي المعروف نزار آغري، حول رأيه في تجربة السيّد عبد الله أوجلان وحركته. وجوهر ما كنت أناقشه مع الأستاذ آغري، إن السيّد عبد الله أوجلان، ليس بـ”رحمن رحيم” كما يظنه رفاقه، وليس بـ”شيطان رجيم”، بحسب السيّد آغري وآخرين. الرجل زعيم كردي مهم. وتجربة الـ”P.K.K ” ليست تجربة الأفاعي واللصوص والسحالي، كما يصفه السيّد أغري ومن يدور في فلكه. هذه التجربة، هي إحدى أهم المحطات النضالية للشعب الكردي، حملت الإيجابيات والسلبيات أيضاً. وللأسف، كانت هناك حالات تطفُّل، واستدعاء من بعض أشباه المثقفين الناقمين على السيّد أوجلان، على ما دار بيني وبين آغري. ولا أخفيك، إن لي ملاحظات عديدة على تجربة هذا الكاتب والصُّحفي المهم، وأنا أحد قرائه الذين يحقُّ لهم الاختلاف معه. وثمَّة نقاط كثيرة، كانت مثار تناقض فاقع في مسلكه كصُّحفي كردي، يعمل وفق أجندة شخصية انتقائية معينة. وللذكر، لا الحصر، ذكر آغري مرَّة: إن سبب عدم تواجده في الفضائية الكردية (ROJ TV) هو أنها فضائية أيديولوجية حزبية. ونراه بعد حين، ضيفاً على قناة فضائية أيديولوجية حزبية كردية أخرى –”Kurdsat” قلباً وقالباً. أليست هذه انتاقئية واضحة فاقعة تنمُّ عن تناقض، وبل نفاق…؟!.

ألست معي أنك تبالغ، وعلى أساس كلامك السابق في موضوعة أوجلان. وهذا ما يعطي المسوِّغ لبعض من ينعتونك بـ ”مدير رعاية مصالح عبد الله أوجلان “..؟.

– لا، لست معك، واسمح لي ألا أكون معك. وهذا لا يفسد للودِّ قضية. كما أتمنَّى تعطيني بعض الحرِّية في الكلام هنا، لأن الموضوع حساس جداً. في ماذا بالغت، بخصوص قضية أوجلان؟! أليس بزعيم كردي مهم، قاد حركة تمرُّد سياسية وعسكرية كردية واسعة النطاق ضدَّ أعتى نظام فاشي استبدادي قمعي شرق أوسطي، هو النظام التركي؟ ألم يتعرُّض الرجل، دوناً عن الزعامات الكردية الأخرى، لقرصنة ومؤامرة دولية استهدفته، واستهدفت الشَّعب الكردي في شخصه؟ ألم تُحدِث حركته انقلاباً اجتماعياً سياسياً في كردستان تركيا، بعد عقود من القهر والظلم والصهر القومي الذي مارسه الأتراك على الكرد؟. هل المطلوب من هوشنك أوسي أن يشتم أوجلان، ويهينه في شخصه، حتى ترتاح قريرة البعض، ويهنأ بالهم.!!؟. الرجل معتقل في سجن انفرادي منذ سبعة أعوام. والسُّلطات التركية تضيّق عليه الخناق وتفرض عليه العزلة والتجريد. أليس مطلوباً من المثقفين والسَّاسة الكرد التضامن معه، بدلاً من تركه لرحمة الطورانيين، والتشفِّي بحاله.؟. أليس حق الحرِّية مقدَّس، حتى لمن تختلف معه في الرَّأي؟. كيف لمثقفينا وسياسيينا الكرام أن يبقوا صامتين أمام ما يتعرَّض له أوجلان من إهانة وتعذيب نفسي، في وقتٍ نراهم يتضامنون مع سياسي معتقل هنا أو هناك.؟. ليكن تعاطيهم مع محنة أوجلان إنسانياً، وليس كردايتياً. يا أخي.. ليس حبَّاً في أوجلان، بل كرهاً في الظلم والاستبداد الأتاتوركي، على أقل تقدير. ترى لو كان السيّد كمال بورقاي، وليس الكاك مسعود والمام جلال، يعاني محنة أوجلان، هل كنَّا سنرى كل هذا الصمت المشبوه.؟. لماذا يستكثرون تضامن مؤيدي ورفاق أوجلان مع زعيمهم.؟. أيُّ ضميرٍ سياسي وثقافي وإنساني، له أن يرى أسيراً، كالسيّد أوجلان، ولا يتفاعل ويتضامن معه. بقناعتي، القضية باختصار هي في التالي: العاشق والواله للسيّد أوجلان إلى درجة العمى، من رفاقه. والحاقد والكاره له، إلى درجة العمى، من معارضيه، كلاهما مريض، مغشيٌ على بصره وبصيرته. لقد انتقدت حركة أوجلان في مقال طويل، خلقت ردَّة فعل عكسية من بعض الأوساط المتزمِّتة في حركته، كما لاقت استحساناً إيجابياً لدى أوساط أخرى في نفس الحركة. أوجلان ليس بحاجة لي كي أكون مدير أعماله. أنه بحاجة للإنصاف والموضوعية والوقوف إلى جانبه في هذه المحنة العصيبة التي يمرُّ بها. يا عزيزي…لن تُحلَّ مشاكل الأمة الكردية والإنسانية بموت أوجلان على يد العسكر التركي. لا أخفيك بأنه لدي انتقادات وملاحظات كثير على تجربة أوجلان. لكن، سأحارب لأجل حرِّيته، وحرِّية أي معتقل، بكل ما أوتيت من قوَّة، وحتى النهاية. وليقل الـ(بعض) الذي أتيتني برأيهم عنِّي، ما يقولون. المهم، أن أكون راضياً عن نفسي، ومقتنعاً بما أفعل، لأن “مرضاة الناس، غاية لا تدرك”. ثم أن “أفواه الناس، ليست كتكَّة سراويلنا، نزمُّها ونرخيها، متى وكيف وأين نشاء”، حسب المثل الكردي الشائع.

تتميَّز كتاباتك بطابع التزلُّف والتملُّق لصالح شللية، وانحياز واضح لبعض الأسماء وإغفال أسماء أخرى.

– ما هذا الكلام…!!!؟ أتعني ما نقول…!!!؟. وأين رأيت مكمن الشللية والتزلُّف والتملُّق؟ في أي منحى؟!!.

في مقالاتك في الشأن الثقافي.

– وما وجه التزلُّف؟!

تحشر أسماء بذاتها، مثلاً تضع إبراهيم محمود، المفكِّر مع خلات أحمد الشاعرة، في إحدى مقالاتك. ودائماً لا تنسى (حليم يوسف) الذي أحبُّه وأحترم كتاباته، والعزيز كمال نجم أيضاً حاضر.

– يا عزيزي أنك تقصد المقال المعنون ” هل اللغة هي الهوية الوحيدة للأدب؟”، وفيه، أتطرَّق إلى إشكالية الإبداع الكردي المكتوب بالعربية، أو بلغة أخرى. ورأيت فيه أن ما يكتب بالعربية هو نتاج كردي، لأنه مسكون بالمناخات الكردية وهواجسها وأحلامها. وأوردت بعض الأسماء لتبيان ودعم وجهة نظري على نسقين محددين. الأول : من يكتب بالعربية بشكل مستمر، وأوردت بعض الأسماء، وتوخِّيت أن لا تنتمي لنسق أدبي معين. كالشاعر والروائي سليم بركات، والروائي والقاص حليم يوسف، والشاعر حسين حبش والباحث والناقد إبراهيم محمود…الخ، وفي الطرف المقابل، الذين يكتبون بالكردية بشكل مستمر كـ”كمال نجم، أحمد حسيني، خلات أحمد…الخ”. أما موضوع التجاور أو الجمع، يبقى مسألة تتوقَّف على قراءتي للمشهد الثقافي فمثلاً : أنت تجد إبراهيم محمود “مفكِّراً”، أنا أراه باحث وناقد مهم، ومشروع مفكر. هل يمكنني أن أنعتك بالتزلُّف والتملُّق لمجرَّد أنك ترى إبراهيم محمود مفكراً..؟ لا قطعاً، لكن، من حقَّي أن أسألك: ما هي المعطيات التي استندت عليها، حتى تجيز لنفسك إطلاق لقب أو مرتبة علمية أكاديمية متطوِّرة على الأستاذ محمود..؟. أمَّا الشاعرة خلات احمد، فباعتقادي، هي أهم شاعرة كردية سورية تكتب بالعربية، بالمناسبة هل قرأت لها؟

نعم، قرأت لها بعض القصائد العربية، وبعض القصائد المترجمة من الكردية إلى العربية.

– قد تختلف معي في رؤيتك التقيميية لهذه الشاعرة، ولكنها تكتب شعراً رائعاً. على العموم، هذا رأيي على الأقل. ثمَّ، كيف يمكنك ان تقيّم نتاج هوشنك أوسي من خلال مقال واحد، لتقول: “تتميَّز كتاباتك بـ….”، حتى ولو كنت في هذا المقال “متزلِّفاً”، حسب اعتقادك..!!؟. هل يُعقَل هذا..!؟.

باعتبارك مهتماً بالنقد، كيف ترى المشهد الثقافي (شعراً، قصة، رواية…إلخ). لدى كرد سورية تحديداً، وباختصار لو سمحت؟

– أولاً، دعني آخذ حرِّيتي في الكلام، لأن سؤالك يفتح الأبواب لسلسلة من الأبحاث والدراسات المستفيضة الدقيقة حيال هذا الموضوع الشائك. ومهما توخِّيت التكثيف، لن ألمَّ بهذا السؤال. وثانياً، أنا لست بناقد، ولا أدَّعي ذلك. ربما امتلك بعض الرؤى النقدية. وهذا ما اعتبره نقداً يدخل في باب النقد الانطباعي. والنقد يتجاوز فيما أقوم به أنا. الناقد الحقيقي، يمتلك وعياً نقديَّاً علميَّاً منهجيَّاً. والنقد بالنسبة لي، هو فعل إبداعي، لا ينفصم عن الفعل الإبداعي المنقود، الذي يخلق ويفتح دوائر تثير شهية الناقد الاستكشافية. وتالياً، فالنقد يغني تجربة المبدع.
ولكن، برأيي، إن النقد يا صديقي، يجب أن يحتمل على عنصر الشَّجاعة إلى جانب المراس الأكاديمي. وهذا ما يفتقده نقَّادنا الذين يدبِّجون الكتب عن آثار الموتى، ولا يلتفتون إلى آثار الأحياء.
نعم، أنت تشير بإصبعك لإشكالية مهمَّة، تعتمل المشهد النقدي في سوريا عموماً، ولدى الأكراد خصوصاً. هذا الإشكال، قائم على فعل اجترار التجارب الهامة التي أفرزتها الحركات الثقافية السورية تحديداً. وكأن الناقد، لا يجد أمامه سوى الماغوط وأدونيس وبركات ودرويش…الخ، وأن الساحة الثقافية خواء، وهذه الأرض لم تزهر إلا هؤلاء. لا شكَّ أنها قامات عالية. لكن، تاريخ الإبداع لا ولم ولن يقف عن هوميروس أو المتنبي الشيرازي أو بوشكين أو بودلير، بالإضافة للأسماء السابقة. وهنا بالذَّات، اسمح لي أن أكون معك في هذه النقطة. وهي أن النقد فعل شجاعة. الناقد الشجاع، يحاول أن يستكشف من ضمن نتاج هذه الأرض قامات أخرى مهمَّة مغيَّبة ومهمَّشة. وهذا مكمن الجرأة والشَّجاعة. هذا الناقد، لا يهمُّه صدى الاسم وبريقه، بقدر ما يهمُّه النصّ، والنصُّ وحده.

على المستوى الشخصي، أعرفك نزَّاعاً نحو الأنثى، ومؤخَّراً قرأت لك قصيدة عناوينها مثيرة وغريبة عن منطقك الحياتي. كـ”المرأة الضروس- الجحيم- الحرب- السُّم…الخ. وثانياً، عدم مقاربة هذه العناوين لمحتوى القصائد.

– مشكلتي يا عزيزي، أنني لا أحفظ نصوصي. نعم، تذكََّرت، أنني كتبت مجموعة من الومضات تحت عنوان (متحف الأنثى). أمَّا ماذا يوجد في هذا المتحف، فلا أتذكَّره، عدا بعض العناوين التي ذكرتها. نقطة أخرى، لا أستطيع الحديث كثيراً عن نصوصي ومدى التوافق بين العنوان والمتن. يمكنني القول : إن هذا النصّ، هو وليد حالة معينة، لا غير. أمَّا بالعودة إلى موضوع الأنثى، فهذه مسألة أزليَّة. منهم من وصفها (شرٌّ لابد منه)، أمَّا أنا، فأراها خيراً، لا بديل عنه. ومنهم يراها نصف المجتمع، أمَّا أنا فأراها كلُّ المجتمع. بالمحصلة، الأنثى، سمُّها عذب، وحربها جنان، وجحيمها شهي…

ديوانك “ارتجالات الأزرق” والذي ذيّل بعدم موافقة اتحاد الكتَّاب العرب في سوريا عليه، لأسباب لا نجهلها. لماذا لم يكتب عنه كردياً على الأقل..؟!.

– هذا السؤال، عليك أن تطرحه على المشتغلين في حقلي النقد والصَّحافة الكرديين. هذا الديوان ظلم مرَّتين، مرَّةً، حين رفضه اتحاد كتَّاب العربان، على حدِّ تعبير الشاعر محمد عفيف الحسيني_ على أنها “نصوص شوفينية قومية عنصرية متطرِّفة، تدعو للردَّة عن الإسلام والعودة إلى الزراد شتية…الخ. وظلم مرَّةً أخرى، حين رفض نقَّادنا وصحفيونا الذين تستهويهم الكتابة عن الأسماء الفخمة والنتاجات الضخمة، ويحاولون أن يروِّجوا لأنفسهم على حساب التطرُّق للقامات الكبيرة. أما (هوشنك) المغمور المبتدئ، لا يصلح أن يكون خبراً، ولو صحفياً قصيراً يستهوي فطاحلة أعمدة الصَّحافة العربية والكردية نقداً أو عرضاً.

برأيك يا صديقي هوشنك.. هذا الحوار الطويل هل سيظفر باهتمام القرُّاء..؟!.

– نعم، في هذا العالم، هنالك من سيكلِّف نفسه تجُّشم عناء تصفح هذا الحوار. واعتقد أنه لن يندم على ذلك… صدِّقني.

ما هو السؤال الذي وددت أن يكون ضمن هذا الحوار الطويل، ولم أسألك إياه..؟.

– لا يجول في خاطري أي سؤال معيَّن، وأنت سألتني أسئلة كثيرة، وتستهويني الأسئلة الاستفزازية التي تفتح دوائر للفكر وتطلق العنان للخيال، وقد طرحت بعضها عليَّ. ولو كنت امتلك شيئاً آخر غير الشكر، لقدمته لك. فقط، بودِّي أن أقول لك: إن “كلامي صائبٌ، يقبل الخطأ. وكلامك خاطئٌ، يقبل الصَّواب.”.
دمشق – 1/2/2006

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…