ملف قضية المرأة (حقوقها وتحررها) (1) مع الكاتبة والشاعرة د. حنان فاروق

  إعداد : حســـــين أحمد
Hisen65@hotmail.com

قضية المرأة قديمة جديدة , تطلع علينا في كل يوم أقلام تنبري للدفاع عن قضية حقوق – المرأة وتحررها , وهي أقلام ذكورية في اغلب الأحيان .يجدر بالإنسان في مثل هكذا موضوع أن يتساءل: من هم الذين يحولون دون حصول المرأة على حقوقها .!؟ بل ما هي هذه الحقوق .؟! ولكي يتفاعل الموضوع بأكثر, ولابراز جوانب الخلل والعطب التي رافقت حياة المرأة تاريخياً . نوجه أسئلتنا المدونة أدناه إلى السادة الكتاب والشعراء المحترمين الذين يناولون موضوع المرأة بأقلامهم النيرة – واقعاً و طموحاً.
الأســئلة :

س (1) – ماذا تريد المرأة تحديداً .!؟

د.حنان فاروق : ولو أني لست من الثوريات أو ذوات الباع في الدفاع عن قضايا المرأة لكن ببساطة المرأة تريد تحقيق  ذاتها..ليس شرطاً أن يكون تحقيق تلك الذات متشابهاً لدى كل النساء فلكل طريقة تفكيرها ومتطلباتها التي تختلف عن متطلبات أختها..هناك من تحقق ذاتها في ألبي هناك من تفعل ذلك فى العمل أو في المجال الإبداعي بصوره المتعددة…المهم أن تحقق ذاتها ولا تبخس حقوقها..

س ( 2) – هل هناك من سلب حقاً من حقوق المرأة قهراً ..؟

د.حنان فاروق : تختلف المجتمعات فى قضية السلب تلك..هناك مجتمعات تسلب المرأة حق التنفس وإيجاد مساحة لنفسها ولحرفها  ..وهناك مجتمعات تبخسها حقوقها المادية والتوريثية..وهناك مجتمعات تبخسها آدميتها ولكنا لا ننكر أن هناك مجتمعات قدمت للمرأة الكثير..وبالمناسبة المرأة ليست وحدها التي تبخس حقوقها هناك رجال كثيرون أيضاً تبخس حقوقهم..

س (3) – ما هي رؤية المرأة المستقبلية في تنشئة الأجيال .؟

د.حنان فاروق : الأجيال الجديدة مظلومة..فالمرأة التي أثقل كاهلها بالعمل ومتطلباتها الإنسانية والإبداعية وتحقيق ذاتها وكذلك الرجل لم يعودا  قادرين على احتواء الجيل الجديد بالشكل المطلوب خاصة مع وجود التقنيات الحديثة وثورة الاتصالات من فضائيات وإنترنت وألعاب رقمية  التي نلقي بهم إليها لينشغلون بها عنا ويدورون في خضمها ويكبرون فى كنفها ثم نعود لنشكو ابتعادهم وخلودهم إليها وتركهم إيانا..
نحتاج نوعاً من الاقتراب الذي يناسب العصر والمرونة التي من غيرها لن نستطيع أن نصل إليهم وقبلهما الوقت الكافي الذي يخلق مساحة مشتركة بيننا وبينهم ويعيد الأمور إلى نصابها لكي تنشأ تلك الأجيال سوية النفس والجسم…

س (4) -هل تكتفي المرأة بحقوقها الإنسانية المتاحة بحسب الشريعة الإسلامية …؟

د.حنان فاروق : فى رأيي أن الإسلام الصحيح الوسطي لم يظلم المرأة وكفل لها كل الحقوق التي تجعلها آمنة مطمئنة متوافقة مع نفسها ومجتمعها..وقد قال رب العزة :
(ما فرطنا في الكتاب من شيء)
س (5) – إن هؤلاء الذين يطالبون بحقوق المرأة عليهم أن يجاهروا بالإعلان عن ماهية هذه الحقوق ..؟

د . حنان فاروق : ربما أسلفت أني لست ممن لهم باع في هذا المجال..ولكن دعنا نتفق أن المرأة من حقها أن تثبت نفسها في المجال الذي تبدع فيه طالما لا يمس هذا المجال مخالفات دينية أو خلقية..هناك مجتمعات كثيرة ترفض هذا وتقيد ذلك الإبداع وتعرقل تقدم المجتمع ككل بإهدار طاقات من الممكن أن تدفع عجلة التقدم للأمام ..نحن إلى اليوم نرى من ينظرون للمرأة التي تتعامل مع الإنترنت مثلاً نظرة مرتابة متشككة دون النظر إلى ماهية عملها وجلوسها على النت وبالمقابل لايؤاخذون الرجل العنكبوتي بنفس الدرجة ..بالقطع لست أريد الدخول إلى معمعان الكلمات الرنانة كالمجتمع الذكوري وجبروت الرجل و..و….لكنى فقط لا أريد أن أهمل جوانب مازالت فيها حقوق المرأة مهدرة بلا داع ..ولا معنى..

س ( 6) – إذا كان هناك من اضطهد المرأة فلاشك  أنه الرجل . إذا  كيف للذي اضطهدها ” أصلا ” أن يطالب لها بالتحرر والاستقلالية..؟

د.حنان فاروق : من قال أن الرجل وحده هو من اضطهد المرأة..
لقد اضطهدت المرأة نفسها منذ البداية حينما استسلمت لأعراف لا تمت لدين أو خلق بصلة والآن تعيد اضطهاد نفسها وإبداعها حين تصر على حبسه وسجنه وراء قضبان وحش الاضطهاد القديم..يجب أن تتحرر المرأة من صراعها الدائم مع الرجل والألفاظ والمصطلحات المقيدة لفكرها مثل (المجتمع الذكوري) (وصراع الرجل والمرأة) و..و…
وغلا ستظل تدور فى دائرة مفرغة لا فكاك منها..هذا لا يعني أن تهمل حقوقها لكن يجب أن تنهي المبالغة فى تصوير الاضطهاد ومقارنة نفسها بالمرأة الغربية والنظرة الدونية لشرقيتها..

س (7) –  أية حقوق ( بالمقابل) تقّر بها المرأة للرجل….؟

د.حنان فاروق : (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)
أفبعد قول الله قول…؟

س (8)- هل أن لحقوق المرأة وتحررها من صلة جوهرية  بقضايا مثل :الأزياء والحفلات والسهرات والماكياج وغيرها  ..

د.حنان فاروق : لا أظن أن المرأة العاقلة الحكيمة تناقش حقوقها على هذا النحو من السطحية..المرأة التي تملك عقلاً يعرف كيف يفكر أبداً لا تضيع عمرها في جدليات المظهر والمكياج و..و..لأنه بالتأكيد هناك الأهم في مجتمع يموج باضطرابات مجتمعية وسياسية وتربوية تحتاج لكل فكر وقلم وفعل ليعيد الأمور إلى نصابها.

س (9)-  من عجب العجائب أن المرأة لا تطالب بحق من حقوقها  ولكن الذي يطالب لها بالتحرر والاستقلالية  هو الرجل وأي رجل أنه : رجلا لا يريد لها إلا ان تتخلى عن أجمل ما حباها الله من الطيبات .

د.حنان فاروق : التحرر والاستقلالية مطلوبان  للرجل والمرأة معاً حوارنا يجب أن يكون حول الكيف لا العنوان..
ودعونا لاننسى أنه لاحرية فى الدنيا تامة..وأن الحرية التي لا يقيدها قيد إنما هي في حد ذاتها قيد صاحبها الذي قد يقتله.. فالدين والأخلاق والقوانين والتقاليد كل هذه الأشياء قيود للحرية وإن لم تكن موجودة لعدنا إلى مجتمع الغاب..وهذا مالا يريده أحد..إذن علينا أن نحدد ماذا نريد بالحرية والاستقلالية ونتفق على كيفية ومنهج التنفيذ لا أن نستسلم لكلمات مطاطة ذات عباءة فضفاضة يفسرها كل وفق هواه ورغباته.

س (10) – لا ريب أن المرأة حصلت على حقوقها الاجتماعية – الوظيفية- وما يتعلق بإبداء الآراء والأفكار, ولقد حصلت أيضا على حقوقها التعليمية سواء في التدريس أو الإدارة أو المناصب الوزارية أو حق الترشيح في الانتخابات سواء أكانت في البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية,وهي في أمان في كنف القانون والشريعة…بعد كل هذا ماذا تريد المرأة  من الرجل ….!؟

د.حنان فاروق : تريد احترامه وثقته ..إن حصول المرأة على ألف حق لايساوي فى عين المرأة الحكيمة جناح بعوضة أمام احترام وثقة الرجل ..إن المساواة فى نظري تحتاج لإعادة نظر لكي نتكلم عنها..فالمساواة هي النظرة العادلة فيما تفعله المرأة وتبدعه..هي تثمين عمل المرأة وجهدها بما تستحقه وفهم تضحياتها بالصورة الصحيحة..تماماً كما يحب الرجل أن يرى جهده مشكورا ومحموداً لدى المرأة..

س ( 11) – هل فكرت المرأة ما أصاب الناس في العالم من الإمراض, والويلات ,وغير ذلك من أسبابٍ إلا من تلك الحرية العمياء التي تتشبث بها المرأة أو من يردون لها ان تفعل ذلك .؟؟

د . حنان فاروق : دعنا نكون من الدقة بمكان ونحن نتحاور في هذه النقطة..تطبيق الحرية العمياء للرجل والمرأة معاً هو الذي يهدد أسس المجتمع ويسبب الويلات..الحرية العمياء هي مشكلة الطرفين وليست مشكلة المرأة فقط..إنها مشكلة العالم بأسره لأن كثيرين لايستطيعون فهم ماهية الحرية إلا في حدود أهوائهم هم ولو فهموها حق فهمها لما حدثت المشاكل والكوارث التي يتحدث عنها سؤالكم الكريم.

س (12) – هل المرأة التي تسقط بإرادتها ورغباتها في حبائل الرجل تبقي لنفسها, شيئاً من عزة النفس ..؟

د.حنان فاروق : السؤال يظلم الرجل والمرأة فى آن..فهو يسمي الضعف البشري (سقوط) ويصف الرجل بأبشع الصفات عندما يقول (حبائل الرجل) وكأنه لا وظيفة له إلا اصطياد فريسة وكأن المرأة هي تلك المسكينة التى لا تعرف عن الدنيا شيئاً فيغرر بها..والحقيقة غير ذلك..الحقيقة أن الإنسان (وبالمناسبة الإنسان لا يؤنث في اللغة فهو يطلق على الرجل والمرأة معاً) به ضعف..(وخلق الإنسان ضعيفاً)..هذا الضعف هو الذي قد يجعله في لحظة ما يستسلم لرغباته هو قبل رغبات الآخرين ولذا لم يفرق الدين مثلاً بين الزاني والزانية بل جعل عقوبتهما واحدة ..فقط قارن بين الحالة الاجتماعية لهما فقط إن كانت الإحصان أم لا.. إذاً فالضعف سواءا كان للرجل أو للمرأة يزعزع الثقة بالنفس وعزتها ويدفع الإنسان نحو حافة الهاوية مالم تتداركه رحمة ربه فيعود إلى جادة الصواب..

س ( 13)-  قضية تعدد الزوجات في الإسلام والتي باتت مدعاة نقداً وتحامل كبيرين ,هل فكروا هؤلاء بشروط تعدد الزوجات في الإسلام ولعل من ابرز شروطها العدل والمساواة . فان كان قضية قد استوفت العدالة فأي ضيرا في هذا .الا ان الإسلام يرفض الزنا بكل إشكالها وأنواعها حفاظا على الفرد وصحة الإنسان وتماسك الأسرة ضمن المجتمع .بالمقارنة لو عدنا إلى قانون الزوجات في الغرب  نرى انه لا يحق للفرد الا زوجة واحدة فقط , ولكن يجاز له باقتران بأكثر من واحدة تحت مسمى ( بوي فريند و كيرل فريند ) أي (صديقات الزوج و أصدقاء الزوجة ) فهؤلاء لهم في كل يوم ان يغيروا بين هذا وذاك ..؟!

د.حنان فاروق :  أظن أن موضوع تعدد الزوجات قتل بحثاً وتكلم فيه الفقهاء وغير الفقهاء..وأنا لن أناقش الموضوع في حد ذاته وأيضاً لست مع قوانين الغرب التي تجعل الحرام سيداً على ما أحل الله ظلماً وعدواناً..صحيح أني لا يسعدني أبداً أن يتزوج زوجي عليّ ..وهذا ليس عيباً فقد كانت السيدة عائشة وهي من هي تشعر نفس الشعور ..لكن الحق أحق أن يتبع وكل ميسر لما خلق له…

د.حنان فاروق :
 – شاعرة وكاتبة مصرية من مواليد عام 1967
– حائزة على جائزة المجلس الأعلى للثقافة في مسابقة الشباب فئة الشعر. عام 1991
– حائزة على جائزة مسابقة الشاعر علي الصافي. 2001
-حائزة على جائزة ممر المضيق من مؤسسة كستخادة بملقا إسبانيا عن القصة العربية عام 2008 م
-حائزة على جائزة الإبداع السنوية المقدمة من دار ناجي نعمان ببيروت عام 2008م
– ماجستير أمراض باطنة كلية الطب جامعة الإسكندرية
– دراسات حرة في الثقافة والدعوة الإسلامية
– عضو جمعية الكتاب والأدباء المعاصرين بالإسكندرية
– لها أعمال منشورة في العديد من الصحف والمجلات الأدبية العربية، وكذلك المواقع الإلكترونية.
– شاركت في العديد من الفعاليات والندوات شعرية
-عضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب
-عضو اتحاد المدونين العرب
-عضو اتحاد المدونين المصريين
-صدر لها ديوان (على موعد) عن دار الكتب للطبع والنشر والتوزيع
-تحت الطبع: مجموعة قصصية بعنوان (خطوط تائهة) عن دار اكتب للطبع والنشر والتوزيع

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…