محمود درويش ..حيا

  بقلم: جميل داري

ثمة أشياء لا تصدق..
موت محمود درويش دعاية كاذبة
لكني حزين..
لأن جسده في” حضرة الغياب “
لكن روحه عصية على الغياب
أجل.. سيعود إلينا دائما
” شمعة في الظلام “
قصيدة مشعة تحت جنح الكلام
عريسا جميلا على فرس القافية
ممتشقا وجه الوطن
مرتشفا قهوة أمه
متأبطا شعرا..

عمره من عمر الزمن
تعود بي الذاكرة أربعين عاما إلى الوراء
– ونحن بارعون في العودة إلى الوراء –
حيث قصيدته التي حفظتها عن بكرة أبيها..منذ ذلك اليوم صار اسمه وشما في الذاكرة..
كانت تقول:
وطني…. يعلمني حديد سلاسلي * * عنف النسور……. ورقة المتفائل
ما كنت أعرف أن تحت جلودنا * * ميلاد عاصفة…. وعرس جداول
سدوا علي النور…. في زنزانة * *  فتوهجت في القلب شمس مشاعل
إلى هذا اليوم العبوس.. القمطرير

آه…
أشعر الآن أني وحيد..
وحيد حتى آخر الوجع
فطائر الشعر في إجازة طويلة..
في نوم ثقيل..ثقيل..
انهار بداخلي جبل
وجف بحر
وغاب عندليب
محمود درويش قريب.. كقلب عاشق
بعيد… كأمنية حالم

هل خسرناه..؟
كما تخسر الأمهات فلذات أكبادهن..؟
كما يخسر الشاعر قصائده..؟
كما تخسر السماء أقمارها..؟
كما يخسر البحر أمواجه..؟
كما………!؟
آه..!
لست أدري كما ماذا..؟

في لحظات انكسار الروح – وما أكثرها –
كنت وما زلت ألوذ بشعرك
ليعصمني من الموت..
ليوقظ في ألف نجمة

كنت فلسطينيا.. بحجم إنسانيتك
وإنسانيا.. بحجم فلسطينيتك
منذ شبابك الأول..
إلى شبابك الأخير…
إلى قلبك المضرج بالهوى العاتي
إلى موتك الذي لا أعترف به
“الموت لا يعني لنا شيئا…
نكون فلا يكون”
وأنت كنت..تكون..ستكون..
لا..لا يستطيع أن ينال منك..
أن يطمس ظلالك..
أن يعتقل قلبك المدجج بالشعر والحياة
هل كان المتنبي يعنيك حين قال:
وتركك في الدنيا دويا كأنما * *  تداول سمع المرء أنمله العشر..؟

رسمت لنا أفقين:
أفقا للحرية…الحمراء
وأفقا للحياة..الخضراء

أنت شاعر…”عاشق من فلسطين”
والشاعر العاشق.. لا يموت
ها هي الدنيا تردد قصائدك
رسول فلسطين كنت
وكنت رسول الجهات
وكنت تدوي:
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة”

أنت الآن في عالم آخر..
أجمل من عالمنا.. حتما
تنظر إلينا بأسى وألم
ترثي لحالنا…
لأنك صوت..
ونحن صدى
لأنك حي..
ونحن موتى…!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…