ربحنا الثقافة وخسرنا دمشق

لقمان ديركي  

أسوأ ما يمكن أن يتعرض له بلد يتصدى لتنظيم حدث ما، هو أن لا يكون لديها ما تقدمه لهذا الحدث، لكن هذا الأمر يمكن تجاوزه بحسن التنظيم وجودة الوافدين القادمين من بلاد أخرى لتقديم فنونهم وإبداعاتهم، إلا أنَّ غياب البلد المنظم عن الفعالية يبقي في الحلق غصة وفي القلب حسرة وفي المعدة حرقة لا يمكن إطفاؤها بكم حبة مالوكس أو كم خيارة وخسة وغيرها من مضادات الحرقة الطبيعية والكيميائية.
فإذا كانت الصين التي أبهرت العالم بحسن تنظيمها لأولمبياد بكين بعدما أبهرتنا بحفل الافتتاح الأسطوري، ستكتفي بما قدمته، فلن يكون هناك من لائم لها، فلقد قدمت ما عليها، لكن يبقى أن الشعب الصيني سيغص كلما رأى فتيان وفتيات البلدان الأخرى يحصدون الميداليات بينما يكتفي شبانهم بالتصفيق والترحيب بالضيوف وصب القهوة يا حمود ويا هلا بالظيف وما يصير لا والله إلا تبتغدى معنا، لكن الصين ليست من ذلك النوع من العقليات، الصين تحصد الميداليات، بل وتنافس على الصدارة، وهي تتصدر القائمة الآن لأول مرة في تاريخها الأولمبي، هذا يجعلك ترفع القبعة أو العكَال احتراماً وتقديراً.
ونحن في دمشق عاصمة ثقافية، جبنا بيتر بروك وخلينا المهتمين يشوفوا مسرح هالأسطورة شخصي بعد ما كنا نسمع عنه سمع وكتَّر خيرنا، جبنا كم عرض مسرحي حلوين وكتَّر خيرنا، جبنا الجعايبي من تونس وكتَّر خيرنا، جبنا فيروز وكتَّر خيرنا، وجبنا زياد رحباني وكتَّر خيرنا، بس شو جبنا نحنا من عنَّا، شو قدمنا لجمهورنا من عنَّا، شو عملنا مشان الثقافة ببنطها العريض، شو هي المواهب السورية اللي نكوشناها وقدمناها لناسنا، شو هي المناخات اللي أمنَّاها للشباب السوري مشان يبدعوا، شو هي الميداليات اللي حصلنا عليها في أولمبياد الثقافة العربية.
هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أننا بلد مزدحم بالمواهب، بالإضافة إلى أننا لسنا بلداً غنياً يرمم نواقصه بالمال على طريقة ما في شي ما بتحله المصاري، لأنو إذا كانت القصة بمين جبنا وشو عرضوا لنا لكانت دبي عاصمة ثقافية كل سنة، حلو نعمل متل دبي، بس الأحلى نعمل متل ما نحنا بنعمل.
حلو نشوف شخصيتنا بالفعالية، حلو حتى للضيوف اللي جايين يشوفوا شي نحنا عاملينه، وعنا كتير شغلات نعملها، والحكي مو بس للأمانة، بل ولجميع الجهات، وكل الأشخاص، فلا يمكن أن نضع كل شي على أكتاف الأمانة، أو أن ننتظر الأمانة كي تؤمن لنا شوية مصاري لنعمل مشاريع وهمية لا قيمة لها.
وأخيراً فما استقطبته أمانة العاصمة من فعاليات خارجية يجعل من دمشق عاصمة ثقافية حقاً، لكنه لا يجعل منها دمشق، فما الفائدة إذا ربحنا الثقافة وخسرنا دمشق؟!!.

المصدر: بلدنا 20/08/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فراس حج محمد| فلسطين

في النص الأخير قلت شيئاً شبيهاً برثاء النفس، وأنا أرثي أصدقائي الشعراء:

كلّما ماتَ شاعرٌ تذكّرتُ أنّني ما زلتُ حيّاً

وأنّ دوري قريبٌ قريبْ

ربّما لم يُتَحْ للأصدقاءِ قراءةُ قصائدهم في رثائي المفاجئ

وها هو الشاعر والناقد محمد دلة يغادر أصدقاء على حين فجأة، ليترك خلفه “فارسه الغريب” ونقده المتوسع في قصائد أصدقائه ونصوصه. محمد دلة…

أحمد جويل – ديرك

 

لقد أدمِنتُ على تذوّق القرنفل كلَّ يوم،

ولم يكن باستطاعتي التخلّص من هذا الإدمان…

وذات يوم، وكعادتي الصباحيّة، دفعتني روحي إلى غيرِ بُستان،

علّني أكتشف نكهةً أُخرى،

لعلّها تُداوي روحي التي تئنّ من عطره…

 

بحثتُ في ثنايا المكان…

وإذا بحوريّةٍ سمراء،

سمراء كعودِ الخيزران،

تتزنّرُ بشقائقَ النّعمان…

عذرًا، سأكمل الخاطرة لاحقًا.

 

شقائق النعمان كانت تخضّب وجنتيها برائحةِ زهرة البيلسان.

أمسكتْ بيدي، وجعلنا نتجوّلُ…

سيماف خالد جميل محمد

 

هناك حيث تنبعث الحياة، حيث كانت روحي تتنفس لأول مرة، هناك أيضاً أعلنتْ روحي مغادرتها، لم يكن من الممكن أن أتخيل ولو للحظة أن تغادرني أمي، هي التي كانت ولا تزال الصوت الوحيد الذي أبحث عنه في الزحام، واليد التي تربت على قلبي في الأوقات الصعبة، كيف يمكن لخبر كهذا أن يتسلل…

بدعوة من جمعية صحفيون بلا حدود الدولية، أقيمت اليوم، السبت ٦ نيسان ٢٠٢٥، أمسية شعرية متميزة في مدينة إيسن الألمانية، شارك فيها نخبة من الشعراء والكتّاب اعضاء الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد.

وشهدت الأمسية حضورًا لافتًا وتفاعلاً كبيرًا من الحضور، حيث تناوب على منصة الشعر كل من:

صالح جانكو

علوان شفان

يسرى زبير

بالإضافة إلى الصديق الشاعر منير خلف، الذي…