الشمع الأحمر

  نالين إلياس

بحثتُ عنكَ طويلاً ولم أجدكَ
بحثتُ عنكَ طويلاً عندما كانتِ الشوارعُ خاليةْ
ولا يُسمعُ إلاّ صوتُ حفيفِ الشجرْ
بحثتُ عنكَ عندما قررتُ أن أظلّ أُحبّكَ
أن أظلَ على الوعدِ
كنتُ أمشي وحديَ في الشوارعْ
أبحثُ عنكَ كالمجنونة
كالغارقةِ في بحورِ المواجعْ
قررتُ أن أتكلمَ معكَ على الهاتفِ

لكن كانت كلُ أسلاكِ الهواتفِ مقطوعةْ
كان كلُ شيءٍ ضدي
ولم تكن إلا أصواتُ الأشباحِ مسموعةْ
لماذا عندما قررتُ أن أُحبكَ فقدتُكَ
عندما قررتُ أن أُحبكَ
أصبحتْ كلُ وسائلِ الاتصالِ بك معدومة
لماذا غادرت بعيداً
لماذا قررت أن تصبحَ شيئاً مذكوراً
أن تصبحَ عطراً قديماً
قصيدةً كلاسيكية
لماذا قررت أن تصبحَ خادماً
بينما جعلتُكَ أنا ملكاً لإمبراطوريتي
لماذا قررت أن تعمل في الكومبارس
بينما جعلتُكَ بطلاً لكلِ مسرحياتي
لماذا قررت أن تصبحَ بيتاً من الشعرِ
بينما جعلتُكَ أنا القصيدة
لماذا أعلنتَ الحرب عليَّ
عندما خسِرتُ كلَ معاركي
لقد أطفأتَ كلَ شموعي
وحرقتَ كُلَ دفاتري المدرسيّة
وسرقتَ كُلَ زهوري
ومسحتَ كُلَ مساحيقِ التجميلِ عن وجهي
وصبغتَ كُلَ أيامي بألوانكَ السوداوية
ومسحتَ عن قلبي ضبابة الأحلامِ الوردية
عودتني على العطورِ الفرنسية والأمريكية
وعندما أدمنتُ عليها  
أعلنتَ حرباً على البضائعِ الأجنبية
جعلتُكَ أنا الكلمةَ ….وجعلتني الحرفْ
جعلتُكَ العنوانَ ….وجعلتني القافية
حذفتُ لأجلِكَ كُلَ شواذِ القواعدْ
وجعلتني أنا ممنوعةً منَ الصرفْ
أعلنتُ على العالمِ حرباً عالمية
وقطفتُ الرؤوسَ من الحدائقِ خِلسةً
ولفّقتُ الأكاذيبَ من على الشواطئِ
وبنيتُ القصورَ العالياتِ على البحارِ
ونمتُ على فراشٍ من السكاكينِ والخنجرْ
عندما قررتَ أنتَ بعد كُلِ هذا
أن تجعلني رقماً إضافياً
صِفْراً على الشمالْ
أن تحكُمَ على قلبي بالشمعِ الأحمرْ
وتدفُنَ ذكرياتي بقلبِ مُحجّرْ
وتسقِني بعدها فُنجانَ القهوةِ بلا سُكرْ
 لقد حكمتَ على قلبي بالشمعِ الأحمرْ
عندما قررتَ أن تنساني
وحكمتَ على عيناي بالجريانِ المؤبدْ
عندما جَفّتْ كُلُ الأنهارِ
بحثتُ عنكَ طويلاً ….عندما قررتُ أن أظلَ أُحبَكَ
يا ليتكَ قتلتني خمسين مرةً
قبلَ أن تحكُمَ على قلبي بالشمعِ الأحمرْ
عندما قررتَ أن تنساني
قررتُ أنا…..
أن أمحُو عِطْركَ عن كُتُبي
وعلى ثيابيَ المدرسيّة
أن أمحُو اسْمَكَ على الجدرانِ
عندما قررتَ أن تنساني
خَسِرتَ المعركة
وعُدْتَ حَرْفاً…خادِماً..صَعْلوكاً

سجيناً خلفَ القُضْبانِ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…