«الدرس المفيد» موازية لقصيدة الشاعر الكبير نزار قباني «رسالة إلى رجل ما …»

بقلم : فدوى أحمد التكموتي – المغرب

أشكرك سيدي
وَهَّمْتَـنِي أنك
توجتني عرش فؤادكْ
ودمي يسري في عروق دمكْ
وروحي تسكن سويداء روحكْ
صورتَ لي الحياة مزهرية بيضاءْ
فيها نيروز اسطنبول الخضراءْ

وزنابق حرير طهران الصفراءْ

حتى أني تخيلت فيها
وردة الحب الصافي الحمراءْ

أسْكَنْتَ في قلبي
قارئة الفنجانْ
عشقتها حتى الذوبانْ
عشت معها قصة عشق أطولْ
كنت الحورية أسبح في بحر الهوى
بدون قارب أصغر أو أكبرْ
تَحَمَّمْتُ بنهر الأردنْ
حتى يغتسل جسدي
من كهنوت التقاليد العميا
وأولـدَ حورية تحمل معها
قطع من سُكَّرْ
وقصائد نوار تعبثُ بفكري
بروحي بقلبي
حتى صرت أتخيل أني بلقيس
لا أنثى أخرى أو أكثرْ
ذهبت إلى كنيسة المهدْ
زرت فيها المحرابْ
وأخيرا صليت لموسى
وعيسى ومحمد
لم أعهد من قبل سيدي
أني صليت ساعات أطولْ
علمتني العبادة والدينْ
ولم أكن قط سيدي …
قديسة … أو ملاك مبينْ
سافرتْ روحي مصر وسكنتْ
أهرام الجيزة .. ومتحف الكرنكْ
مع آلة عود عبد الوهابْ
صرتُ أعشق العشقَ
المتجبر .. الأصلبْ
في وحدة الوطن العربي الأكبرْ
عرجتْ روحي البتراءْ
عشقتها … ولم أبتغ تركها
لأني وجدت فيها روحي
تلف هنا وهناك
حضارة الروم والعرب والقُدَّاسْ
أدرت وجهي غربا
وجدت الشفق وردة حُلْوَى
مرسومة بأحلى الحللْ
وتمنيتُ المنى
أن أزور زرقاء اليمامة
وسبأ ….
لم تمض علي سيدي دقائقْ
إلا وكنت في صنعاء باليمنْ
تجولت فيها … رأيتها أميرةً
متوجة في عرش من جبلْ
لا تدركها أيادي صلبة
ولو كانت من حجرْ
من الحُوتِيَ أو حتى سمك القرشِ
من البشرْ
رأيتها جبلا صامدا في أعلى القممْ
أغمضت عيني سيدي
ورأيتـُني …
أتجول في خيمة أكبرْ
في برج العربْ
يا ليتني كنت قد تمنيتُ أكثرْ
أن أعيش أطولْ
سنوات .. أو عشرْ
حتى أَعْشَقُكَ أكثرْ
وأذوب في العشق الأكبرْ
بأن أزور مكة وبيت المقدسْ
فتحت أعيني سيدي
يا الله … ماذا بي …؟؟
إني في بيت المقدسْ
إني في قبة الصخرة
أردتُ الصلاة أكثرْ
لكني سيدي نسيتْ
كيفية الوضوءْ
لأني لم أكُ أتصورْ
أني سأكونُ بكل هذه الصورْ
رأيـْتـُني أصلي وأصلي
وأدعو الله أن يمحوَ الذنوب
من الآدامية …
ويصلح حال الأولياءِ والرعية
وأن يسكن السلام
بيت لحم وغزة وقدسية الأقداسْ
وكل العالمية …
صليت سيدي ولم أعهد في
نفسي الصلاة والعبادة
رفعتُ يدي في كنيسة القيامة
أطلب من ربي أن أُعْرِجَ
لمكان القداسة
إنها الكعبة المشرفة
ما انتهى دعائي
إلا وَوَجَدْتُني في المسجد النبوي
يا ربي … ماهذا … ماذا بي … ؟؟
لم أكن أعهدُ أن القدر لي
بعدما كان يتوعدني
يا الله … صليتُ
لموسى وعيسى
ومحمدا نبيا ورسولا
بأن يكفينا شر الدماءْ
ومن القتلى والجرحى
واليتامى والأبرياءْ
كم صليتُ … كم صليتُ … كم صليتْ
لم أعهد سيدي على نفسي العبادة
كأني ملحدةً في زمن الرذالة
زمن ليست فيه
إلا القوة أو الجبانة
وأنا لستُ بالقوية
و لا أمتلكُ سلطة أو مالا
أو أسلحة دمارَ
ولا أنا يا سيدي بجبانة
لأني لم أعهد بعقلي
الدناءة
لكنك سيدي
علمتني
بعدما جرعتني
كأس المرارة
أني كنت مجرد
فكرةً مسليةٍ
لرجل مليء بالنذالة
أشكرك سيدي
علمتني في غمضة عين
أن الرجال في عالم النساءِ
كلهم حــــُثــَـالــــــة .

بقلم : فدوى أحمد التكموتي
المغرب

Fadwa_ahmad_tagmouti@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…