فوتوغراف لأمرأة لا تنحني

  عن دار الزمان الدمشقية صدر حديثاً للشاعرة الواعدة نسرين مسكو زادة ديوانها الأول بعنوان “فوتوغراف لامرأة لا تنحني”, وهو باكورة أعمالها المطبوعة التي أتمنى لها الاستمرار دون انحناء و أخاف عليها ……. من الوأد ……

– العنوان ملفت للنظر ومثير للاهتمام , إذ إن كلمة “فوتوغراف” اللاتينية , لاتعني إلا تقديم صورة طبق الأصل للشيء المرسوم دون تدوير أو تحوير , كما أن عبارة ” امرأة لا تنحني ” تقدم صورة حقيقية لامرأة مليئة بعنفوان الشباب الطامح ومفعمة بروح السمو الموسومة بعزة النفس والكبرياء والمكابرة على مصائب ومصاعب الحياة الكثيرة , وتحدي الواقع المؤلم بشيء من الشغب النابع من الغرور المحبب.
– تستخدم الشاعرة مفرداتها الرقيقة المنتقاة بعناية , بشكل أنيق ,وبأسلوب الوميضة أو الصعقة , حينا , مما يثير لدى القارئ الدهشة والاهتمام, كما كان يفعل الشاعر الفرنسي جال بريفير, أو أحياناً أخرى , بطريقة المونولوج الداخلي, أو التفكير بصوت عال , والبوح بأحاسيس ومشاعر وخواطر مستوحاة من الحياة , تؤججها عفاريت الشعر كما يفعل أغلب الشعراء الحقيقيين بعض قصائد الشاعرة ليست سوى إشارات تعجّب أو استفهام أو مجرد نقاط وفراغات للقارئ ملء الحرية في ملئها بما يريد.

– رغم ان كثيراً من قصائد نسرين الثلاثين التي يضمها ديوانها مستوحاة من ذكرى والدها المرحوم الأستاذ الفاضل محمد دابان عبدي وهي محقة في تعلقها بأب , كقولها :

كل رجال المدينة يشبهونك
إلا أنت فلا تشبه أحداً
إلا أنها  تثبت من خلالها جميعاً لواعج نفسها وهمومها وشكواها من القيود الاجتماعية البالية المفروضة على المرأة في مجتمع ذكوري حتى العظم , تقول :
دعوا تلك الحواء
تلك الخرساء
دعوها ترسم من تشاء
ترسم من جديد
تجهم امرأة جديدة
وحزن أخرى
= = = = = = =
لترسم الشمس امرأة
والرجال ظلالا وألوانا

– أعتقد أن قراءة الديوان , ومناقشته وما ورد في قصائده مكن أفكار , مساهمة جادة في … الإبحار في … محيطات الحزن… الذي يمارسنا …, وقراءة متأنية في فنجين حظوظنا , ليرى كل منا طالعه في فنجانه , بعد شرب القهوة المرة التي غلتها لنا يدا الشاعرة الكريمتان , ومحاولة لفك رموز طلاسم تلك الفناجين ( القصائد) , التعاريج والفراغات والنقاط والخطوط وإشارات التعجّب والاستفهام ليفسرها كل منا حسب تفاؤله أو تشاؤمه أو حسب الحال … التي تمارسنا …

– أجزم بأن الشاعرة بنشرها لعملها هذا  قد يبدو للوهلة الأولى متواضعاً , قامت بعمل شجاع يشبه إلى حد كبير , الوقوف دون انحناء في قلب العاصفة , وحركت في نفوس نخبة مثقفي كوباني , سكون بحيرات عشق دراويشها العذبة التي في طريقها – مع الأسف الشديد – إلى التصحر المميت .

– إن قصائد نسرين نفخُ  في حجرات بقية النار المقدسة الكامنة تحت رماد حياتنا الفانية, وبعثُ جديد لبصيص بعض النور الذي لا يزال مشعاً في مآقي بعض ” أحيائنا ” .

تقول :
وأنت ترافقيني
أكاد أطفئ غرورك هذه
بالنيران التي تشعلني
فيا رحيق الروح
ألا تصارحني ؟
فإني أرى الشوق في عينيك
فلا تنكريني
إنك…
 إنك…
طويلاً … تراقصينني.
– إن أغلب قصائدها دعوة إلى الحياة رغم المحن , كقولها :
وأسرع إلى أصدقائي
في الحي وفي تلك المدرسة
أستدعيهم للعب والرقص
لنلهو كما كنا في الأمس
ونمتطي حصانا كان من جذع الأجاص
ونقيم أعياداً وولائم وأعراس
من كسرة خبز
وابتسامة
وإخلاص .

بختيار بكر

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

مصدق عاشور

مصلوبةً بخيوطِ شمسِ محبتك

يا من كشفتِ لي

سرَّ التجلّي

ووشمَ الحنين على جبينِ الانتظار

أنتِ ميناءُ روحي

قولي: متى؟

قولي: لِمَ البُعادُ

في حضرةِ ثالوثِكِ السرّي؟

رياحُكِ تعبرُني

كأنّي فرسُ الطقوس

وفي قلبي

تخفقُ فراشةُ المعنى

قولي لي متى؟

قولي إنكِ

فراشةُ رؤياي

وساعةُ الكشف

أرسِميني في معموديّتكِ

بقداسةِ روحكِ

يا من نفختِ الحياةَ في طينِ جسدي

حنينٌ

كمطرٍ أولِ الخلق

كموجِ الأزمنةِ الأولى

يتدلّى من ظلالِ أناملكِ

 

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …