سقوط «باب الحارة» في هوة المبالغة و التكرار

  آلاء عامر   

كنا نأمل في أن يتابع “باب الحارة” رسم حالة النجاح غير المسبوقة التي بدأ برسمها في جزءيه الأول والثاني، لكنه مازال يثبتُ مع تتابع حلقاته، أنه يسير في الطريق الخاطئ، سواء من حيث الإخراج أم من حيث الأحداث… 
فأحداث الجزء الثالث وحتى الحلقة الثالثة والعشرين، كانت أشبه ما تكون بملء فراغات الممثلين الذين سقطوا في الجزء الثاني، فحكمة “أبو عصام” وحلمه استعيض عنهما برجاحة عقل “أبو حاتم” وانفتاحه اللذين نزلا عليه فجأةً، أما غياب “العوايني صطيف” فقد ملِئ بعوايني جديد…
وفي ما يتعلَّق بباقي الشخصيات، فقد استمرَّت تتابع حياتها كما في الجزءين الأول والثاني، ومنها فريال، أم زكي، فوزية، أبو غالب، معتز… وغيرهم  حتى القسم الشهير الذي أداه “الإدعشري” في الجزء الأول كرر “عبدو” طقوسه في حلقة أمس الأول…
أما “أم عصام” خانم وابنها عصام، فقد أدخلت زوجتا عصام القليل من الثرثرة إلى حياتهما.
 والعكيد “أبو شهاب” نسي زوجته السابقة أمام حسن وجمال زوجته الجديدة “شريفة”….
في بداية رمضان توقَّعنا من “باب الحارة” قصصاً جديدة بحبكات درامية تزيد من رصيده الجماهيري لا تنقصه، لكن عدم وجود قصة رئيسة تدور في فلكها قصص ممتعة، محا عنصر العفوية من الأداء، وجعل الشخصيات مبالغة وبعيدة عن الواقعية، مدخِلاً في كثير من الأحيان الكوميديا المصطنعة التي سرعان ما شعر المشاهد بأنها في غير موقعها….
“أبو غالب” الذي دخل إلى قلوبنا في العامين السابقين، أظهر من الظرافة في الجزء الثالث ماجعلنا نحتار في أمره، فهو حيناً يملك من الحنكة ما يمكِّنه من وضع الملح الإنكليزي في عجينة الخبز… وحيناً آخر يملك من الغباء ما يجعله  يحفر قرب الحائط بحثاً عن الذهب…
أما “أبو بدر” فقد تحوَّلت شخصيته إلى شخصية كوميدية بامتياز… !!!
هذه المبالغات غير المبرَّرة قابلتها ثغرات غير مغفورة في الإخراج، سواء من حيث زوايا الكاميرا التي حافظت على لقطاتها في كثير من المشاهد فلم نلحظ أيَّ اختلاف أو تمايز في المشاهد، أم من حيث “الاستسهال” في اللعبة الإنتاجية والإخراجية.. كلُّ هذه الثغرات المتضافرة جعلت أخطاء “باب الحارة” غير مغفورة لمسلسل سجَّل على مدى عامين متتاليين رقماً قياسياً في درجة المتابعة والجماهيرية…
—-

المصدر: بلدنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…