المتحوِّل

جان بيت خورتو

 (1)
هو الغيثُ يا سيدتي
هو الصَّمت الحازِمُ لحمقي
هو شفقٌ لا أكثر
للسَّابقِ المتلعثمِ نزقاً على مُجُونِ الحرامِ من النَّسَقِ
فلا ترعدي .. بالجَّفْلِ
فإنَّ نزوعهم للرِّيح نفحٌ غانمٌ بالنَّفْسِ
ولا .. لا تبسطي الحلمَ الجارفَ بالمثلِ
فللجزءِ الحائرِ عنفٌ

لا يجتريه نسقُ .
(2)
هو المتشرزمُ يا سيدتي
على ضلعِ الذّكر الواهي بفسقهِ
مؤنساً سُكرَالقناديل بعزفهِ
على الرَّملِ المُخطَّى بعشقهِ
مُلحِداً استباقاتهم رُسُلاً من الَّلحِدِ
إذ ينفخُ بالأرضِ قدَماً
من الجَّذرِ .. إلى الجَّذرِ
مُسرِفاً أنيناً قابعاً في سديمهِ الْغَاني زبولاً,
فحاءِنٌ أجلُ القصص
و أمَّا للمعانقات .. فليسَ للفراشات من النَّار بسَنَدِ .
(3)
هو المتزمِّتُ الصارخُ بالأعمدة
هو المسلولِ من الضِّلعِ
هو المشنوقُ برغيفهِ الأعمى
هو الصَّارخُ .. ذاك المُنْجَسِدُ أملاً بالوقت العارضِ لحنقهِ
حنق المنْسَلِّ من الزِّمَمِ
فابتدعي .. يا معبودةً منذُ الأزلِ
خلائقً له .. ليمتلئ الشَّغفُ المزلول به رَقْصاً من العُقَدِ
و أسْرفي .. يا آلهةً رفضتِ العرشِ
أسرفي في النَّغمِ
فلعشقه ترانيمٌ لم تُصحَح به قلم .

(4)
هو اليراعُ الطَّافحُ يا سيدتي
هي الكأسُ العاشرةُ التي بها يهذيْ
هو الكرديُّ المزلول بين أضرحةِ القدمِ
هو العنِّينُ القابعُ من الصِّغَرِ
عن أهلِ الترفِ الحائم بالسَّهرِ
فبالحلولِ عليه صومي
لأنَّهم بالوا عليه من الكُسَرِ .

(5)
هو المتحوِّلُ .. يا زائرةً منذُ الأجلِ
عن الطَّعنِ المأخوذِ من السُّفَرِ
هم عتاريْسٌ .. يُنظمونَ العِتْقَ على العُتَقِ
و يُسْلِمُونَ المتاريسَ الهائجات عن الشَّغَفِ
فلا بمحمدٍ ليهذي
ولا بالمتسولينَ للغارقات غُنْيَاً بفُنَنِ
فأنيخي ..
و أسردي لهم سِفْرَ النائمِ من الزُرَمِ[1] .

——

1 . الزرم : هو من قُطع عليه بوله .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…