حرائق من قلب وطن لا يعرف الاحتراق

  بيوار إبراهيم

كوني حريقاً أزلياً يا نيران الأمس.
آياتك تتقاطر من أفواه الموت الذي سيعيش مع الموت و بعده.
هل كنا ننتظر الأمس كي يعلن عن أزليته
 يوماً ما كان أمساً للآخرين؟!
  نحن أكراد الله , ربما المساكين في عيون العباد.
و في صدور القوافل لاجئين.
 و في قلوب الألم و الأنين و العذاب أحبة الرحمن.

***
 كوني حريقاً يا تراب مدينة تضمك كل المدائن, و يحتضنك الجنون.
أسفارك تمشي مع الترحال و تتجه نحو قلب الشمس.
أحزان الزلازل و بكاء الريح و العواصف
 و نداء الصمت الذي لا يعرف الحزن و لا البكاء.
أغتالك الإرهاب قبل إن يكون له تاريخ و اليوم بعد أن أصبح.
بات دمك المحروق يهدهد الموت و أصبحت أنت وطن أجرأ من الإرهاب.
لم يلفظك الموت و الحريق, لأن أثداء أمهاتك أصبحت تدر النيران و الحريق.

***

حدثتك تلك الغجرية السمراء, ذات الشعر الأجعد المتموج.
حدثتك بنظراتها الثاقبة و الشرسة في آنٍ معاً.
أن القهوة التي تشربينها خفيفة البن و رقيقة النفس.
كلما تقلبين فنجانك في صباحات الأرق.
تبدأ النقوش و الطلاسم بالحديث عن أمسك.
و اليوم تسألك الغجرية و فنجانك في يدها المغلول بالإسورة المزيفة:
ما بال الشمس تنام على جبينك و الاحتراق على كتفك؟
ضحكت ملئ رئتيك و ضحكت معك كل المدائن التي تضمك:
تلك هي أنا؟
الشمس على جبيني اوركيش الأزل و الموت على كتفي حرائقي التي لا تحترق.

***

أصابع الزمن تتوضأ برحيق آذارك.
 الذي أشتعل هو الآخر من نبض حرائقك التي لم تنطفئ.
أيا أوركيش أو أماديا أو عامودا.
كونوا برداً و سلاماً على وجوه الأرغفة الجافة.
على مدائن  هجرتها أسرابها من الجوع إلى الجوع.
على حرائق أرادت حرقك.
 لكنك أحرقتها و أصبحت أنت الحريق لكل زمن أراد إحراقك و إحراق وطنك.

* اللوحة للفنان آرشفين ميكائيل.

17.11.2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…