كلمات في ذكرى رحيل سلوى الأسطواني

سيامند إبراهيم
عبر أثير صوت ا لـ (B.B.C) كنا نستيقظ  صباحاً من نومنا لننتقل من خلال الراديو إلى فضاءات العالم, والمذياع كان واحداً من عالم العولمة حيث  كان الوسيلة الوحيدة للمستمع في متابعة الأخبار ومستجدات الأحداث في العالم, فمن إذاعة لندن سمعنا أن نهر (بردى) قد طاف وذهبنا لنرى المياه التي غمرت المرجة وأسواقها, ومن أثير هذه المحطة كان الشعب الكردي يتابع أخبار الثورة الكردية, وسمعنا لأول مرة أسم القائد المرحوم البارزاني الخالد, والبيشمركة الأبطال وهم يحرزون الانتصارات تلو الانتصارات في قمم جبال كردستان, معركة هندرين وزوزك التي هزم فيها الجيش العراقي أشد هزيمة سنة 1966 مالمذياع كان كل شيء في حياتنا, هذا المذياع والذي تفوق في كثير من البلدان العربية والأجنبية في نقل الأخبار والأحداث, وكان له جمهوره الواسع أكثر من الصحافة الورقية, لكن هسيس صوت (سلوى الأسطواني) الدافئ , لثغة الحرف التي تميز جملتها الإخبارية,  ثمة سحر وألق في نبرة تلك الصبية الدمشقية الخفيفة الظل.
 أجل لقد كانت تدخل إلى ثنايا قلوبنا, شاهدتها لأول مرة في صالون مقهى فندق( الشام), امرأة ممتلئة مفعمة بالحيوية في كل حركاتها, في حرارة حديثها الأثيري الخاص, نظراتها المعبرة عن خلجات قلبها الحار, الاحترام والأخلاق الرفيعة التي تتجلى بها كل مسالك حياتها المهنية الصحفية, لقد كانت صاحبة شخصية قوية وصاحبة مواقف لا تنزاح عن أداء رسالتها الإعلامية بكل صدق وشفافية عالية, كنا نسير بسرعة ونقطع الشارع الجميل لننضم إلى جمعها الغفير, أجل الشارع هو جزء من مسكونات حياتها, لقد ولجت جمهور الشارع عبر أثير محطة الـ (ب- ب- س), بصدقية رسالتها الإعلامية المحايدة, وإحساسها القوي وهي تشدك للموضوع لتستمع إلى نقلها للأحداث بكل صدق وأمانة,
أجل الأقحوانة الدمشقية حلقت من رياض وألق دمشق الجميلة إلى سماوات أرحب لتحط رحالها هناك بين الغيم, غاب ذاك الصوت النقي والعصفورة المغردة من سماء الاعلام العربي, لم تكن تطيق العمل في إعلام الدولة, بل كانت حمامة تسمو في العلياء, لترسل مع النسيم أخبارها الصباحية فندخل إلى عالم سلوى الاسطواني الأثيري لتلون لنا لوحتها كالفراشة الدمشقية الرقيقة الرشيقة فقد كانت تطير من زهرة إلى أخرى لتقطف لنا من رحيقها عسلاً طيباً, لقد كانت أميرة في مملكة الصحافة وإحدى حسان دمشق الجميلة ممن يزرعون في الروح غرسة جميلة كروحها النقية لتنمو مع أيامها المليئة بالصعاب.

وكانت معرفتها بأن الصحفي يدخل إلى كل بساتين الدنيا, ليقطف من كل بستان زهرة, لكن سلوى هي الوردة الأقحوانية التي ملأت سماء بيوتنا بالأخبار الطازجة, مؤدية رسالتها الإعلامية على أكمل وجه, فن الخبر عندها, هي السرعة والصدقية وقد أضافت من روحها الصافية النقية إلى الخبر نكهة أجمل.

………………………….· رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية السورية.

·  عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…