الجوهر أم المظهر ..!!

سلوى حسن

ماذا فعلت بنا المظاهر, وما سبب اهتمامنا بالمظاهر, وكم من الوقت والمال نستهلكه للاهتمام بالمظاهر, وكم تخلفنا عن الغرب لاهتمامنا بالمظاهر, وكم من المعاناة يتحمله الأطفال الأبرياء.
في الدول المتطورة رغم الرقي الفكري نرى البساطة وعدم الاهتمام بالمظاهر فهم لا يهتمون كثيراً بلباس والحلي والمناسبات والشكليات..لماذا ..؟! فالأوربي قد يلبس بنطال وبلوزة طوال سنة لان عنده أولوية الاهتمام يكون بالجوهر, فهو يسافر كثيراً ويطلع كثيراً ويتطور فكره ويهتم بالمواهب والآخرين يكون تركيزه منصباً على الجوهر وليس على المظهر أو الشكل الخارجي لان ليس عنده شعور بالنقص
أما في مجتمعنا الشرقي فالإنسان مقولب يعيش كما يتطلب منه أي في حدود ما يرسم الآخرون له وهو يقتل في داخله الإبداع والعفوية بل بالأحرى فهو يعيش ولا يحيى أي يأكل ويلبس وينام وقد (لا ينام) دون روح, دون إبداع, دون عشق, ولكن الحقد عندنا موجود وموروث بسبب الخوف والكبت فكم من خلاف يحصل بين الأزواج بسبب المظاهر حين تطلب المرأة طلبات لا معنى لها غيرة من الأخريات وتدفع بالزوج أحياناً إلى الانحراف ارضاءً لعقدة نقصها كالاهتمام بالذهب والمجوهرات والأثواب الغالية فتفقد هي الجوهرة الحقيقية في أعماقها وتفقد المرأة السوية الأنثى المعطاءة المحبة, والأنثى هنا ليس جمال القشور بل هي المرأة العفوية الصادقة الحنونة والتي تملك شعوراً بالمسؤولية كم بتنا بحاجة لها وكم باتت الحياة بحاجة لها, ولأننا فقدناها تحولت الحياة إلى ذكورية وحروب ودمار فإلى متى نخبئ الموت في داخلنا بأكليل من مظاهر الحياة الفارغة التي تبعد الأخ عن أخوه, وبكل أسف باتت المرأة هي المخلوقة الجشعة التي تثير الخلافات والأمراض في المجتمع وتربي الجيل على الأنانية والضغينة وحب المظاهر وتجوفت المرأة من الداخل لأنها تتعرض أكثر للتقولب وابتعاد عن الحرية والعفوية لان المجتمع يحاسبها أكثر من الرجل ويحكم عليها من خلال المظاهر فيحكم على المرأة التي لا تهتم بالمظاهر بأنها امرأة مسترجلة وكأن الأنوثة مرتبطة بالمظاهر, أما في الدول المتطورة فيهتمون بالمرأة التي تغذي روحها بحب العمل والعطاء والإحساس بالمسؤولية وهذا لا يتعارض بان تكون المرأة أنيقة وبسيطة وخالية من عقدة النقص, فالإنسان المملوء لاتهمه أراء الآخرين إذا كانت نابعة من عقدهم فهو يسعى إلى خدمة المجتمع وتطور ذاته نحو الأفضل فلتتخلص المرآة من الاستهلاك اليومي الذي يبتلع روحها ويحولها إلى (روبوت) آلي دون إحساس لتصبح هي عالة على مالكها.
في هذا العصر التكنولوجي هذا الاستعمار الآخر الذي يبتلع روح الإنسان دون رحمة. فأين نحن من الرقي والتطور الحقيقي الذي ينبع من ذات الإنسان, من روحه, من عشقه للطبيعة ومتى نتحرر من عقدة النقص التي تدفع بنا للتضحية للاهتمام بالمظاهر وركض وراء التكنولوجيا التي ملكتنا وقطعت الصلات الروحية بيننا,
فأرجو من الجميع الوقوف قليلاً والتمهل والاستمتاع بجمال الطبيعة والعلاقات الروحية والحب والإنسان والله, وهنا تكمن السعادة الحقيقة كما يقول الرائع جبران خليل جبران (خذ كنوزي وأعطني برهة حب)
ـــــــــــــــــــــــــ
·        سلوى حسن : دبلوم أدب فرنسي
 كاتبة وشاعرة من عامودا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…