جميل داري
يقال: إن الرواية ملحمة العصر والمرآة التي تجوب الشوارع وتتغلغل عميقا في فكر الإنسان….. فقد احتلت مكانة ممتازة بين سائر الفنون الأدبية الأخرى… لا بل زاحمتها وطاولتها منذ أواخر القرن الثامن عشر.. فقد جذبت الكثير من الشعراء الى عالمهاالجذاب… فما هو السر وراء ذلك ؟ لقد اجتمع الرأي على أن الرواية كلية وشمولية والشعر جزئي وناقص.. يقول ه لورنس : “أنا روائي…. وكوني روائيا أعتبر نفسي أرفع من القديس والعالم والفيلسوف والشاعر ممن هم جميعا أساتذة كبار في أجزاء مختلفة من الإنسان الحي… ولكنهم لا يعرفون الإنسان كله قط ….”
لقد لعبت روايات كثيرة دورا تحريضيا عميقا في نشوب ثورات سياسية واجتماعية.. ففي خضم الحرب الأهلية الأمريكية عام 1862قال الرئيس الأمريكي” ابراهام لنكولن” للروائية الامريكية “هارييت بيتشر ستو” صاحبة الرواية المعروفة ” كوخ العم توم ” بكثير من الإعجاب والثناء: ” سيدتي .. إني سعيد بأن أرحب بك…….. بوصفك مؤلفة تلك الرواية التي أحدثت هذه الحرب العظيمة ” إن هذا إشارة صريحة إلى أهمية هذه الرواية في كفاح الشعب الأمريكي في سبيل الحرية.
كما إن” لينين” اعترف بفضل رواية” الأم” لمكسيم غوركي في خلق الروح الثورية التي صنعت ثورة اكتوبر الاشتراكية التي نكصت على أعقابها وأعقابنا فيما بعد..!
وقد اعترف فيدل كاسترو – أطال الله عمره ولحيته- بفضل صديقه المنتحر أرنست همنغواي على قيام الثورة الكوبية .. قال: ” تعرفت على أعماله قبل الثورة بفترة طويلة.. إذ قرأت أيام الدراسة ” لمن تدق الأجراس” التي يدور موضوعها حول مجموعة من الأنصار.. كان الكتاب رائعا.. إن هذه الرواية من الكتب التي ساعدتني في وضع التاكتيك ضد جيش باتيستا..”
كذلك لم يحرم العرب من الرواية التحريضية.. فرواية “عودة الروح” لتوفيق الحكيم لعبت دورا كبيرا في التأثير على فكر عبد الناصر وروحه.. إنها الرواية التي تتحدث عن ثورة1919في مصر… عن روح الشعب الناهضة الرافضة أغلال العبودية والذل…
لماذا لا يستطيع الشعر بلوغ شأو الرواية في تصوير الرؤى الإنسانية…؟
أليس الشعر أقدم من الرواية تاريخيا وأرسخ منها جذورا في تربة المجتمع…؟ يسأل جبرا إبراهيم جبرا السؤال التالي: لماذا هذا التمايز بين الشعر والرواية..؟ ويجيب قائلا: ” الشعر مهما بلغ من روعة ومهما أدرك من أعماق النفس البشرية يبقى صوتا أحاديا لا يحقق الشعور بالكلية و الشمولية “
ولا يخرج عن هذا الإطار قول” كونراد” وملخصه: ” إن الروائي يخاطب الإحساس الكامن فينا بالزمالة مع كل الحقيقة والإقناع الخفي الذي لايقهر… بالتضامن الذي يؤلف بين قلوب عديدة تشعر بالوحدة .. التضامن في الأشياء التي تربط البشر كلا الى الآخر.. وترتبط الإنسانية كلها معا…. الميت بالحي والحي بمن لم يولد بعد..”
على الرغم من كل عنفوان وجبروت الشعر العربي فإن الرواية العربية اليوم وصلت الى مرحلة عظيمة تركت وراءها الشعر الذي يكاد يختنق من الغبار المثار…
ثمة عواميد قليلة تسند خيمة الشعر العربي.. تعصمه من السقوط الكلي…. في الوقت نفسه تقام صروح الرواية على يد كوكبة رائعة من الكتاب العرب الكبار المعروفين عربيا وعالميا…
واليوم يهجر عدد غيرقليل من الأدباءدنيا الشعر إلى عالم الرواية… لعلهم يعبرون عن أنفسهم زمانيا ومكانيا بمساحة أكبر… أو لعلهم أخفقوا قليلا أو كثيرا في ميدان الشعر فأرادوا ان يجربوا حظهم مع الرواية التي أصبحت موضة يتهافت عليها الموهوب وغير الموهوب….. وهذا أيضا لمصلحة الشعر الذي يتخلص من بعض مدعيه..
كما إن” لينين” اعترف بفضل رواية” الأم” لمكسيم غوركي في خلق الروح الثورية التي صنعت ثورة اكتوبر الاشتراكية التي نكصت على أعقابها وأعقابنا فيما بعد..!
وقد اعترف فيدل كاسترو – أطال الله عمره ولحيته- بفضل صديقه المنتحر أرنست همنغواي على قيام الثورة الكوبية .. قال: ” تعرفت على أعماله قبل الثورة بفترة طويلة.. إذ قرأت أيام الدراسة ” لمن تدق الأجراس” التي يدور موضوعها حول مجموعة من الأنصار.. كان الكتاب رائعا.. إن هذه الرواية من الكتب التي ساعدتني في وضع التاكتيك ضد جيش باتيستا..”
كذلك لم يحرم العرب من الرواية التحريضية.. فرواية “عودة الروح” لتوفيق الحكيم لعبت دورا كبيرا في التأثير على فكر عبد الناصر وروحه.. إنها الرواية التي تتحدث عن ثورة1919في مصر… عن روح الشعب الناهضة الرافضة أغلال العبودية والذل…
لماذا لا يستطيع الشعر بلوغ شأو الرواية في تصوير الرؤى الإنسانية…؟
أليس الشعر أقدم من الرواية تاريخيا وأرسخ منها جذورا في تربة المجتمع…؟ يسأل جبرا إبراهيم جبرا السؤال التالي: لماذا هذا التمايز بين الشعر والرواية..؟ ويجيب قائلا: ” الشعر مهما بلغ من روعة ومهما أدرك من أعماق النفس البشرية يبقى صوتا أحاديا لا يحقق الشعور بالكلية و الشمولية “
ولا يخرج عن هذا الإطار قول” كونراد” وملخصه: ” إن الروائي يخاطب الإحساس الكامن فينا بالزمالة مع كل الحقيقة والإقناع الخفي الذي لايقهر… بالتضامن الذي يؤلف بين قلوب عديدة تشعر بالوحدة .. التضامن في الأشياء التي تربط البشر كلا الى الآخر.. وترتبط الإنسانية كلها معا…. الميت بالحي والحي بمن لم يولد بعد..”
على الرغم من كل عنفوان وجبروت الشعر العربي فإن الرواية العربية اليوم وصلت الى مرحلة عظيمة تركت وراءها الشعر الذي يكاد يختنق من الغبار المثار…
ثمة عواميد قليلة تسند خيمة الشعر العربي.. تعصمه من السقوط الكلي…. في الوقت نفسه تقام صروح الرواية على يد كوكبة رائعة من الكتاب العرب الكبار المعروفين عربيا وعالميا…
واليوم يهجر عدد غيرقليل من الأدباءدنيا الشعر إلى عالم الرواية… لعلهم يعبرون عن أنفسهم زمانيا ومكانيا بمساحة أكبر… أو لعلهم أخفقوا قليلا أو كثيرا في ميدان الشعر فأرادوا ان يجربوا حظهم مع الرواية التي أصبحت موضة يتهافت عليها الموهوب وغير الموهوب….. وهذا أيضا لمصلحة الشعر الذي يتخلص من بعض مدعيه..
هل أستطيع القول : إنه زمن الرواية لا زمن الشعر…. وهل الرواية هي ديوان العرب حقا كما قال غيري..؟