أجرت جريدة ” افرو-اليوم” في عددها الصادر يوم 30/8/2006 لقاء مع الكاتب الكردي و مسؤول دار النشر ” سبيريز” السيد مؤيد طيب اجراه ياسر حسني، و دار اللقاء حول اللهجة الكرمانجية و مسألة اللغة الكردية ” الستاندارد” في جنوب كردستان . و نظرا لاهمية اللقاء و آراء الكاتب طيب ارتأينا ترجمة اللقاء و تقديمه لقرائنا الاعزاء
الترجمة عن اللغة الكردية : بسام مصطفى / هولير
– منذ مدة يدور الحديث في المراكز الثقافية و وسائل الاعلام حول وجود حركة قوية باتجاه محو اللهجة الكرمانجية من برامج التعليم و هذا على وشك ان يصبح قرارا من البرلمان خاصة بعد ان تم توحيد ادارتي السليمانية و هولير . و هذا ما دفع اكثر من 150 كاتب و مثقف كردي من الداخل و الخارج لان يوقعوا و يقدموا وثيقة اعتراض الى السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان . و من اجل مناقشة الموضوع و تنبيه الجمهور بحقيقة المشكلة تعقد ندوات و محاضرات . و لكن ، ما هي حقيقة المسألة ؟ خاصة و ان رئيس البرلمان قد فند هذه الادعاءات . من وراء هكذا تطلعات و من هو المستفيد مما يحدث ؟
– لدينا مثل كردي يقول : ” لادخان بدون نار ” . و توجد حركة كالتي ذكرتها في الواقع و كانت توجد في السابق ايضا و توجد فئة في كل من ( هولير و السليمانية ) تؤيد مثل هذه الحركة و مثل هذه التوجهات ، و ترفض وجود اللهجة الكرمانجية في المدارس، و لكن كانت في مستوى الكلام فقط . في الفترة الاخيرة ، يبدو ان معارضي اللهجة الكرمانجية قد نظموا انفسهم اكثر . و قد حصلت على بعض المعلومات التي تؤكد ان بعض اعضاء البرلمان من الكتلتين ( الاتحاد و البارتي ) قد توصلوا الى قناعة ان مناهج التعليم التي تتبع في مدينة السليمانية يجب ان تععم على كافة انحاء كردستان مع تغييرات بسيطة لا تذكر !
و بصدد هذه المحاولات المذكورة اكد رئيس البرلمان انه لاتوجد مثل هكذا قرارات حين سئل عن حقيقة المشكلة . و هذا الرد كان جيدا و طمئن الناس . و لكن اعتقد ان رده كان يجب ان يكون افضل اي ان يقول بان البرلمان لن يسمح بمرور مثل هكذا قرارات و كان ذلك اذا حدث سيطمئن الجمهور اكثر .
– هل للبرلمان صلاحية اصدار قرارات كهذه ؟
– في الحقيقة هذا ليس من صلاحيات البرلمان . حتى و اننا نؤمن ان القرارات تؤخذ بشكل ديمقراطي داخل البرلمان . و فبيما يخص بعض القرارت، اذا لم تأخذ رغبة اصحاب الشأن بعين الاعتبار فان القرار سيكون لا ديمقراطيا حتى لو اتخذ من قبل البرلمان او اي جهة اخرى . كقرار ” ابادة ” اللهجة الكرمانجية فحتى لو اتخذ بالتصويت فاي ديمقراطية في قرار كهذا !
القرار المذكور يتعلق بسكان محافظة دهوك و بالتالي هم اصحاب الشأن و بعد ذلك يستطيع علماء اللغة ان يتناقشوا حول الموضوع و يدرسوه من كل الجوانب بشكل علمي . اعضاء البرلمان ، الذين نحترمهم جميعا ، ليسوا علماء لغة ، و اغلبيتهم ليسوا ضليعين في هذه المسألة . اذاا ، يجب ان يؤخذ رأي الناس بعين الاعتبار .
– اذا اصبحت برامج التعليم باللهجة الصورانية فقط، ما الضرر من ذلك ؟
– ليس شيئا جيدامنع او الغاء لغة التعليم و الكتابة الادبية الكردية الاولى التي كتبت بهذه اللهجة (الكرمانجية ) و معظم ابناء شعبنا في الاجزاء الاخرى من كردستان يتكلمون و يكتبون بهذه اللهجة . منع اللهجة الكرمانجية ليس في مصلحة الشعب الكردي ! .
اليوم كردستان العراق حرة و من الروعة بمكان انه يوجد في كردستان الحرة: كرمانج و صوران و هوراميين و الفيليين و اذا كان هناك (ظاظا) لكان ذلك افضل و السبب ان الحرية التي ننعم بها ستساعد في تطور الادب الكردي بمختلف لهجاتها .
اذا الغينا الان اللهجة الكرمانجية من مناهج التعليم ، نرتكب ثلاثة اخطاء كبيرة : الخطا الاول ، نكون قد اغلقنا الباب الذي كنا نساعد به الكرمانج في الاجزاء الاخرى من كردستان . و ثانيا ، من المعلوم ان عدد كبيرا من المجلات و الجرائد و نشرات الاخبار و مراكز اعلامية تصدر باللهجة الكرمانجية . و اخيرا هناك كادر متخصص يتطور شيئا فشيئا و اذا ما الغيت اللهجة الكرمانجية سيعيق العملية الانفة الذكر .
– ما الذي يمكن فعله لوقف هذه الحركة اي الغاء اللهجة الكرمانجية و من الذي سيقوم بهذه المهمة ؟
– الان و نحن نعيش بحرية و تحت ظل نظام ديمقراطي من غير الممكن اصدار قرارت تخالف ارادة الشعب . كردستان العراق حرة اليوم . اي اننا نحن اصحاب القرار . سابقا ، كان في امكان بعضهم اقناع وزارة التربية و التعليم في عهد صدام بمثل هذه القرارات المخالفة لارادة الشعب و لكن الان الوضع مختلف و ليس هناك فرصة لمن يحاول ان بفعل شيئا كهذا .
اقول ان محاولة فرض اللهجة الصورانية و الغاء الكرمانجية من مناهج التعليم و في المدارس ، ستبوء بالفشل . و في هذا الصدد ، فان برلمان و حكومة الاقليم ايضا لا تملكان صلاحية اصدار قرار كهذا و للشعب ان يرفض و يقاوم القرار اذا ما صدر . فنحن لا نعيش في ظل نظام استبدادي يقمع شعبه بالحديد و النار .
– قبل ان تتحول الفكرة الى قرار ما الذي باستطاعتنا عمله برأيك؟
– يجب ان ننظر الى الموضوع بروح اخوية و نفس طويل . و ان نقوم كطرفين يمثلان رأيين مختلفين باجراء مناقشات علمية و مستقلة و ان نقنع الطرف الاخر ان هذا العمل خاطىء و ليس في مصلحة الكرد جميعهم . و هو يدخل في اطار التعصب و الجهل ايضا .
البعض يعتقد ان اللهجة الكرمانجية لا تصلح للكتابة و القراءة ، و البعض الاخر يظن ان الكرمانجية لهجة متخلفة بعكس اللهجة الصورانية المتقدمة و المتطورة دون ان يكتبدوا عناء التفكير في تبعات قرار تعميم الصورانية في كافة انحاء كردستان .
هذا غير معقول و غير ممكن لاننا ننسى بذلك ان هناك ثلاثة اجزاء اخرى من كردستان و ان القسم الاكبر من الشعب الكردي يعيش في الاجزاء الاخرى . على سبيل المثال ، اذا اصبح الصوران كلهم اساتذة مدارس ابتدائية فان عددهم لايكفي من اجل مدارس كردستان تركيا (كردستان الشمالية) حين يتحرر الكرد هناك و تصبح الدراسة باللغة الكردية هناك ! اذا: لا مكان لسيادة لهجة على الاخرى .
لا شك ان اذاعة نشرات الاخبار باللهجتين الصورانية و الكرمانجية قد ساهم في تقريب اللهجتين ، و لم تعد احداهما غريبة عن المشاهدين و المستمعين . على شعبنا ان يبين للحكومة ان قرارا كهذا غير مقبول . و يجب علينا ثانيا ان نفهم اخواننا ان اقتراحهم هذا خاطىء بما يمكن ان يثيره من تعصبات و احقاد و حساسيات نحن في غنى عنها .
– هل ما يقام الان من عقد ندوات و القاء محاضرات و جمع التواقيع.. الخ من اجل توضيح المسألة و توعية الناس يساهم في ايجاد الحل المناسب ؟
– اقول انه في نظام ديمقراطي و حكومة منتخبة من قبل الشعب و الجماهير كل الطرق الديمقراطية من اجل الغاء قرار او مشروع قرار ، شرعية . جمع التواقيع ، المظاهرات ، تنبيه الرأي العام ، اثارة المسالة في وسائل الاعلام كلها طرق ديمقراطية و تستخدم في حالتين : من اجل وقف مشروع قرار او من اجل اصدار قرار مرغوب فيه من قبل الشعب . فهذه الوسائل و الطرق المذكورة اعلاه هي ديمقراطية و مشروعة تماما.
و الافضل ان نسرع في العمل قبل ان يصبح المشروع قرارا . لانه في هذه الحالة سيكون رد فعل الجماهير اقسى و اعنف . فالحكومة يجب ان تعلم ان اصدار قرار كهذا سيلقى رد فعل عنيف . فعدم اصداره افضل من ان يصدر و لا يجد طريقا الى التنفيذ .
– ما هي الضمانة ان فكرة القرار هذا ليست شيئا طارئا و مؤقتا و ان يتعدى الى المجالات الاخرى بحيث ان الاخوة الصورانيين يقتدون بها في كل شاردة وواردة ؟
– هذا سؤال مهم جدا . كما نعلم ، في مؤتمر اتحاد المعلمين الذي عقد في شقلاوة عام 1958 كانت محاولات كهذه قد جرت . و حتى قبل عام 1958 وجدت محاولات مماثلة تقريبا منذ عام 1920 و حتى يومنا هذا . اشقائنا من هولير و السليمانية من كتاب و لغويين لم يتوقفوا و حاولوا جاهدين و بشتى الوسائل ان يجعلوا من اللهجة الصورانية لغة كردستان كلها ، على الاقل و كمرحلة اولى في كردستان العراق . و كانوا دائما يواجهون عائقا واحدا و هو وجود البهدينان (الكرمانجية ) في كردستان العراق . فهم يقولون انه لو لم يكن بهدينان هنا لما كانت هناك مشكلة اللغة و لكانت الصورانية هي اللهجة الرسمية المعتمدة . و لكن مسعاهم هذا فشل على الدوام ، بل و زاد من تمسك الطرف الاخر بلهجته .
و ان يصل هذا المسعى الى عام 2006 ، اعتقد اننا يجب ان نفعل ما بوسعنا لمنعه من ان يصبح حقيقة و واقعا حتى لو كان من طرف واحد . اعني ، يجب ان نطالب ان يكون التعليم من المرحلة الابتدائية و حتى الجامعة باللهجة الكرمانجية . بالاضافة الى وضع منهاج خاص يتمكن بواسطته الكرمانج من تعلم الصورانية و الصوران الكرمانجية . هذا هو رأيي في الموضوع و لا مخرج امامنا غير هذا الطريق !