(قطتي كانت شقراء) خاطرة: لصديق الروح عبد الرحمن عفيف

 قرأت نبأ وفاة الطيب صالح. فأزدادت رمادية النهار رماداً.
وكنت قد ذكرته لك بإحدى رسائلنا. بعدما قرأت لك إحدى القصص القصيرة. لا أريد تعكير صفوتك. بالعكس أريدك مرحاً وخلاقاً كما أنت دائماً… فالدنيا قضاء وقدر والإنسان ماض إلى التراب والترب. كل أديب أو فنان رائد يرحل, يأخذ معه جزء من روحي. أتأثر لأن فنانين من هذا الطراز ونسونا على الأقل. وكانوا لنا قدوة ومدرسة تعلمنا منها أكثر من شيء يذكر. أكتب لك لأنك مهم بالنسبة لي كإنسان وكموهبة. ولئلا تنزعج أرفق رسالتي هذه بقطتين. الواحدة مكتوبة والأخرى هي صورة وألوان.

خليك مرح خالو
فرج بصلو

قطتي كانت شقراء

قطتي كانت شقراء
تعلم بما أخفيته من
أسرار تحت اللحاف

قطتي كانت ذات دهاء
تلتقط وحدتي بملاماساتها
لتخفف لي خلوات عجاف

قطتي كانت وثيرة الفراء
تنثر زغبها في كل مكان
وتحتك دوماً بالأطراف

قطتي كانت رقطاء
تهيج من رائحة الرباق
وتلتهمها بالظرف والغلاف

قطتي كانت مثقفة وعقلاء
لأنها هضمت الكثير من كتبي
المصورة على ورق شفاف

قطتي علمتني معنى الحياء
فكلما صرخ أحد في وجهي

أهرب لداخلي للتقاء والتخافي

قطتي كانت شقراء تعلم بما أخفيته منأسرار تحت اللحاف

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…