وزنة حامد
ساد صمت حزين على اجواء المكان , الحزن يتلبس كل شيء- صغيرة ام كبيرة- على سفر سيدة البيت , وحتى القطة قابعة في سكون مهيب وتعبر عن آسها العميق.
هذه السيدة التي كانت حتى غاية الاسبوع الماضي تملأ مملكتها بالحيوية والبهجة , وتمنح لكل شيء حقه , تروي الورود في المزهرية تطعم القطة , تنظف أثاث المنزل, تهتف لصديقاتها لتطمئن على اوضاعهم , ولا تترك واجباً اجتماعياً الا وتكون مشاركة فيه حتى ذاع صيتها في انها ام الواجبات وبات يضرب بها المثل , أجل هي تعرف بأن ذاك النشاط جاء على غرار تأخرها في الزواج حيث كانت طوال عمرها تتأمل فارس أحلامها الذي يملأ حياتها ولا يدع فراغاً يمكن ان يشعرها بالعزلة , فتقول : إما ان اتزوج رجلاً مميزاً أو أبقى راضية بنصيبي دون زواج
ساد صمت حزين على اجواء المكان , الحزن يتلبس كل شيء- صغيرة ام كبيرة- على سفر سيدة البيت , وحتى القطة قابعة في سكون مهيب وتعبر عن آسها العميق.
هذه السيدة التي كانت حتى غاية الاسبوع الماضي تملأ مملكتها بالحيوية والبهجة , وتمنح لكل شيء حقه , تروي الورود في المزهرية تطعم القطة , تنظف أثاث المنزل, تهتف لصديقاتها لتطمئن على اوضاعهم , ولا تترك واجباً اجتماعياً الا وتكون مشاركة فيه حتى ذاع صيتها في انها ام الواجبات وبات يضرب بها المثل , أجل هي تعرف بأن ذاك النشاط جاء على غرار تأخرها في الزواج حيث كانت طوال عمرها تتأمل فارس أحلامها الذي يملأ حياتها ولا يدع فراغاً يمكن ان يشعرها بالعزلة , فتقول : إما ان اتزوج رجلاً مميزاً أو أبقى راضية بنصيبي دون زواج
اذا كان الرجل الذي اريده متواجدا فليظهر واهلا به , اما ان اتزوج فقط من اجل الزواج فهذا يعد هروباً الى الزواج وليس رغبة في مشاركة حياة باكملها مع شخص يمكن له ان يملا فراغ للازواج , ولكن الحياة قدمت لها هذا الشخص الذي لبثت تنتظره طويلاً حتى شاع بين البعض بانها غدت عانسة , حينها ايقنت تماماً ان التحولات الكبرى والمميزة تكون على الاغلب متاخرة , وعندما تحل فانها تحل حاملة كل اصالتها وعراقتها.
كل هذه المشاهد تتداعى امام ناظريها وهي تتخيل للحظات بانها ستغادر للمرة الاولى والأخيرة من بيتها بعد الزواج الذي دام ثلاث سنوات فقط , وانها لن تعود الى بيتها وابنها الذي يحمل سنة ونصف من العمر.
هل ثلاث سنوات كانت كافية لاكتشف فيها واعيش فيها الزواج والامومة وامارس حياتي كسيدة بيت ..؟؟ أجل كانت سنوات مدهشة كل يوم كنت اكتشف فيها لمسات جديدة
هل أنت جاهزة يا جيهان .؟؟ جاء صوت زوجها ليوقظها من الاستغراق في خيال غائر فردت : دعني قليلاً أتامل هذه المملكة الصغيرة التي شيدناها معاً, ربما لن اعود اليها ثانية.
تفاءلي بالخير يا سيدتي , المرض ابسط مما تتصورينه ,
ربما في الاساس هو غير موجود.
لكن الطبيب اشار اليه.
رغم ذلك طلب منا ان نذهب الى العاصمة , لو كان متاكدا لما طلب منا ذلك , لديه بعض الشكوك …
شكوك … شكوك … ليتها كانت شكوك قالتها المراة بخفوت ومدت يدها تحمل طفلها من سريره : انا جاهزة يبدو ان موعد الباص اقترب.
انطلقا في رحلة الثانية عشر منتصف اليل ليصلا العاصمة صباحاً ذهبا على الفور الى الفندق للراحة واطعام طفلهما , في العاشرة خرجا تناولا إفطاراً خفيفاً من عصير تفاح وصندويش جبنة ,واتجها الى الطبيب الذي على ما يبدو كان استاذاً جامعياً لطبيب البلدة الذي ارسلهما اليه مع رسالة قصيرة استقبلهما الطبيب وطلب ان تجري تحليلات قبل ان يبث برايه , فذهبا الى مخبر قريب ليقول لهما ان ذلك لا يجوز الا في الصباح الباكر وقبل تناول المراة شيئا من طعام او ماء . عادا يخفي حنين الى الفندق , ولا يدري زوجها كيف خطرت له قكرة ان يسهر في مكان جميل يمضيا فيه ليلة حافلة وكانها اخر ليلة لهما , لكن الرجل رغم احساسه الداخلي بهذا الواقع الاليم كان يريد ان يتهرب من ان يترك الفكرة تسيطر عليه , فيقول في داخله : الاعمار بيد الله , واستطاع ان يقنعها بالفكرة فذهبا مساء يحملان طفلهما الى مكان انيق لا يرتاده غير الاثرياء رغم انهما لا ينتميان الى تلك الشريحة , لكنها رغبة قد لا تتحقق غير مرة واحدة في العمر وكأن الطفل غير المناسب في مكان كهذا عليه ان يكون شاهداً على وقائع هذه الليلة الحافلة الاخيرة.
مضت بهما الليلة الثرية حتى الرابعة صباحاً عندها طلبا سيارة لتوصيلهما الى الفندق .
في الصباح استفاقا متأخرين واتجها في الحادية عشر والنصف ظهراً الى المخبر لاجراء التحاليل , فطلب منهم طبيب ان يعودا في الدوام المسائي حتى تظهر النتيجة.
في هذه الاثناء رغبت المراة الا تعود الى الفندق طلبت من زوجها ان يمضيا الوقت برفقة صغيرهما في الطرقات والاماكن الجميلة حتى تتمكن من رؤية اكبر مساحة من هذه المدينة التي تزورها لاول مرة وهي بالنسبة لها عملية اكتشاف مدينة جديدة اكثر من زيارة علاج .
في الدوام المسائي اخذا نتيجة التحاليل الى عيادة الطبيب التي كانت مليئة بالمرضى فاخذت المراة تتأمل اللوحات المعلقة على جدران تارة وتنتظر في وجوه المرضى البائسة تارة اخرى , همهمت لنفسها : انه الملجا الاخير لكل هؤلاء للمحاولة الاخيرة للهروب من شبح الموت , هؤلاء كلهم جاؤوا هنا ليهربوا من رائحة الموت التي تفوح من امراضهم كلنا هنا سواء بسواء نحمل ذاك الهاجس.
بعد ساعة من الانتظار ادخلت الممرضة زوجها حاملا التحاليل بينما لبثت هي منتظرة في صالة الانتظار , حدق الطبيب فيها مليا وقال : انه ذات المرض الذي اخبرتك به الطبيب في بلدتك , هذه هي الحقيقة لا استطع ان اقول لك غيرها. ونصحه ان ياخذها الى مشفى حكومي ان كانت اوضاعه المادية لا تسمح له بدخولها الى مشفى خاص , فوافق وعندها الحالها الطبيب الى مشفى حكومي لتتلقى العلاج مجانا لان الاعمار بيد الله في جميع مستويات الامراض ويجب ان لا يفقد الامل بالعلاج حتى الانفاس الاخيرة . عاد الى زوجته واخبرها بالحقيقة لانهما اعتادا على ان يواجها مرارة الحياة بشجاعة , فقالت المراة بانها لا تريد ان تفارق الحياة على سرير في مشفى وانها تريد ان تتلقى العلاج في بيتها وعندما يحين اجلها سيكون ذلك في بيتها.
كل هذه المشاهد تتداعى امام ناظريها وهي تتخيل للحظات بانها ستغادر للمرة الاولى والأخيرة من بيتها بعد الزواج الذي دام ثلاث سنوات فقط , وانها لن تعود الى بيتها وابنها الذي يحمل سنة ونصف من العمر.
هل ثلاث سنوات كانت كافية لاكتشف فيها واعيش فيها الزواج والامومة وامارس حياتي كسيدة بيت ..؟؟ أجل كانت سنوات مدهشة كل يوم كنت اكتشف فيها لمسات جديدة
هل أنت جاهزة يا جيهان .؟؟ جاء صوت زوجها ليوقظها من الاستغراق في خيال غائر فردت : دعني قليلاً أتامل هذه المملكة الصغيرة التي شيدناها معاً, ربما لن اعود اليها ثانية.
تفاءلي بالخير يا سيدتي , المرض ابسط مما تتصورينه ,
ربما في الاساس هو غير موجود.
لكن الطبيب اشار اليه.
رغم ذلك طلب منا ان نذهب الى العاصمة , لو كان متاكدا لما طلب منا ذلك , لديه بعض الشكوك …
شكوك … شكوك … ليتها كانت شكوك قالتها المراة بخفوت ومدت يدها تحمل طفلها من سريره : انا جاهزة يبدو ان موعد الباص اقترب.
انطلقا في رحلة الثانية عشر منتصف اليل ليصلا العاصمة صباحاً ذهبا على الفور الى الفندق للراحة واطعام طفلهما , في العاشرة خرجا تناولا إفطاراً خفيفاً من عصير تفاح وصندويش جبنة ,واتجها الى الطبيب الذي على ما يبدو كان استاذاً جامعياً لطبيب البلدة الذي ارسلهما اليه مع رسالة قصيرة استقبلهما الطبيب وطلب ان تجري تحليلات قبل ان يبث برايه , فذهبا الى مخبر قريب ليقول لهما ان ذلك لا يجوز الا في الصباح الباكر وقبل تناول المراة شيئا من طعام او ماء . عادا يخفي حنين الى الفندق , ولا يدري زوجها كيف خطرت له قكرة ان يسهر في مكان جميل يمضيا فيه ليلة حافلة وكانها اخر ليلة لهما , لكن الرجل رغم احساسه الداخلي بهذا الواقع الاليم كان يريد ان يتهرب من ان يترك الفكرة تسيطر عليه , فيقول في داخله : الاعمار بيد الله , واستطاع ان يقنعها بالفكرة فذهبا مساء يحملان طفلهما الى مكان انيق لا يرتاده غير الاثرياء رغم انهما لا ينتميان الى تلك الشريحة , لكنها رغبة قد لا تتحقق غير مرة واحدة في العمر وكأن الطفل غير المناسب في مكان كهذا عليه ان يكون شاهداً على وقائع هذه الليلة الحافلة الاخيرة.
مضت بهما الليلة الثرية حتى الرابعة صباحاً عندها طلبا سيارة لتوصيلهما الى الفندق .
في الصباح استفاقا متأخرين واتجها في الحادية عشر والنصف ظهراً الى المخبر لاجراء التحاليل , فطلب منهم طبيب ان يعودا في الدوام المسائي حتى تظهر النتيجة.
في هذه الاثناء رغبت المراة الا تعود الى الفندق طلبت من زوجها ان يمضيا الوقت برفقة صغيرهما في الطرقات والاماكن الجميلة حتى تتمكن من رؤية اكبر مساحة من هذه المدينة التي تزورها لاول مرة وهي بالنسبة لها عملية اكتشاف مدينة جديدة اكثر من زيارة علاج .
في الدوام المسائي اخذا نتيجة التحاليل الى عيادة الطبيب التي كانت مليئة بالمرضى فاخذت المراة تتأمل اللوحات المعلقة على جدران تارة وتنتظر في وجوه المرضى البائسة تارة اخرى , همهمت لنفسها : انه الملجا الاخير لكل هؤلاء للمحاولة الاخيرة للهروب من شبح الموت , هؤلاء كلهم جاؤوا هنا ليهربوا من رائحة الموت التي تفوح من امراضهم كلنا هنا سواء بسواء نحمل ذاك الهاجس.
بعد ساعة من الانتظار ادخلت الممرضة زوجها حاملا التحاليل بينما لبثت هي منتظرة في صالة الانتظار , حدق الطبيب فيها مليا وقال : انه ذات المرض الذي اخبرتك به الطبيب في بلدتك , هذه هي الحقيقة لا استطع ان اقول لك غيرها. ونصحه ان ياخذها الى مشفى حكومي ان كانت اوضاعه المادية لا تسمح له بدخولها الى مشفى خاص , فوافق وعندها الحالها الطبيب الى مشفى حكومي لتتلقى العلاج مجانا لان الاعمار بيد الله في جميع مستويات الامراض ويجب ان لا يفقد الامل بالعلاج حتى الانفاس الاخيرة . عاد الى زوجته واخبرها بالحقيقة لانهما اعتادا على ان يواجها مرارة الحياة بشجاعة , فقالت المراة بانها لا تريد ان تفارق الحياة على سرير في مشفى وانها تريد ان تتلقى العلاج في بيتها وعندما يحين اجلها سيكون ذلك في بيتها.
عادا الى البيت بناء على رغبتها حينها دبت حركة مدهشة في المراة فبدأت تصغي للموسيقى تدندن الاغنيات وترفع طفلها وهي تلاعبه وكل مساء تضع مائدة عامرة تسهر مع زوجها حتى ساعة متأخرة من الليل , اما اهلها الذين استغربوا الامر عندما يسالونها عن سبب هذه الحيوية التي دبت فيها فتجيب : لا يموت الانسان إلا اذا استسلم لشبح الموت وماتت فيه شعلة الحياة , إن كان لا بد من الموت لأمت وشعلة الحياة متقدة في عروقي …