حبيبتي يا طعم السفر

 دلشاد عثمان
يا حبيبتي
قتلوني خمس مرات و أعطوا جثتي للأغنيات
يا حبيبتي خمس مرات
وصوتي في تضاريس اللغات
يا حبيبتي
أذكر الآن : ( صباح الخير يا ذات العيون الخضر
يا طعم السفر )
وتماديت : ( أطلي
شرفتي تتسع اليوم لاثنين يحبان السهر )
أذكر الآن ولم يكتمل الحب
تعرضت لقصف المخفر السري قضاءً وقدر
وتبادلت مع الموت الصور
وضعوا الطلقة في عيني وقالوا
قلت : لا وتحملت الألم .
يا حبيبتي
جثتي لا تعرف التاريخ والعنوان
فاعذرني
ففي شباط الثلجي ضيعت احتضاري
مطر ثوري أعطى معطفي لوناً
وقلبي في جواري
واقفاً أرتجل الأشعار في شباط الشعبي مختالاً
وموتي في انتظاري .
يا حبيبتي
أعلنوا أن الشتاء
خارج القانون والأشعار ضد الشمس
أعطوا قصتي للانفجار
فتحاملت على الأشلاء في صمت
ولونت انتصاري
يا حبيبتي
قلت : لا وتحملت الألم .
يا حبيبتي
عندما يستيقظ الماء من النهر
سأبكي فرحاً
فلقد حاولت أن أنتشل الماء من الغفلة
كنت الخيط
كنت السمك الأزرق والزورق
أرخيت شجون الماء
أوشكت ولكن يا حبيبتي
أدركوني سمكاً جف
وخلوا خشب الزورق في حلقي
وقالوا قلت : لا وتحملت الألم .
يا حبيبتي
ما الذي أدخلني في نرجس الأسرار
والضوء البعيد
والذي أسس ريش الجوع في قلبي
وأعطى للنشيد
والذي . أذكر
من يدخل في مستقبل الأيام لا ينسى
وما كنت وحيد
يا حبيبتي
كانت الدقات لا تأتي مع الإيقاع
والساعة في منتصف الليل
وطفلي في حرير الحلم منساباً
وكنا يا حبيبتي
كانت الدقات في دربي
وكانت تذبح الأطفال
فانداحت يدي في الوقت
ضد الوقت
كانت يا حبيبتي
آخر الدقات في قلبي
وقالوا إن وقت الدولة الرسمي
قالوا يا حبيبتي
قلت : لا وتحملت الألم .
يا حبيبتي
خمس مرات وعمال المطار
رفضوا أن يفتحوا الأرض لغزو الطائرات
رفضوا واستقبلوني
وأعانوني على رسم النهار
ضاحكاً في خبز أطفالي
وأفراح الجنون
خمس مرات وقلبي في انتظار
والتي تسهر في راحاتها حتى الندى
كانت عيوني
وتذكرت
وعمال المطار
أخذوا من وجع الإسفلت في المدرج درساً
و أحالوني على مستقبل الأيام
مخفوراً بهتف القبرات
يا حبيبتي
قبل أن أدرج في أرض المطار
صادروا كل الفراشات وقانون السفر
أدركوني قبل أن أحكي لعمال المطار
وجع الطير الذي قال ( صباح الخير ) للأطفال
قبل الصبح واجتاز النهر
أدركوني وأنا منتعش في طرف الفعل
قضاء وقدر
وضعوا السكين في الجرح
وقالوا فتحملت الألم .
يا حبيبتي
أذكر الآن رحيلي عاصفاً ذات مساء
وطني مختبئ في الجسد المرضوض
في صدري في قلبي
في خفقته الأولى قبيل الموت
وحدي هادئاً ذات مساء
يا حبيبتي
لم تضق بي هذه الآفاق
لكن المغني
يبحث الآن عن الدفء ويدعو للغناء
لم أجد في ذلك الليل سوى ثقب صغير
خلته بوابة العالم
فانهالت خطاي الباردات .
يا حبيبتي
ما الذي يفعله المهدور غير الركض رعباً
في تضاريس اللغات
يا حبيبتي
لم أكن وحدي وحيداً هادئاً أعصف في ذات مساء
وطني في اللهث
في الخطوة نحو الثقب
كان الثقب باب الكون في عيني
فألقيت بكل التعب الدهري في الركض
رأيت الثقب ماء
يا حبيبتي
ما الذي يفعله العاشق مقتولاً
سوى الرقص مع الموت المؤدي للحياة
واقتربت
الثقب في عيني ووحدي في عيون الثقب
وحدي للحياة
يا حبيبتي خلته ..
لكنه كان عيون البندقية
… وتناسيت البقية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…