لا يسعُ لاثنين …

  حنان الهوني

لأنه صغيرٌ لا يسعني وذلك الطارق الجديد، دعيني أأثثُ غرفتي الصغيرةَ في قلبي اليتيم ، لأعودَ لها، سأضعُ في الحقيبة شيئاً من خيبةٍ وكثيراً من شجنٍ ، وبقايا ثيابٍ بدون رائحتكِ سأجتهدُ في أنْ أترككِ بسلامٍ لأرحلَ كما دخلتُ.

حنان الهوني، وتأريض الـ «ق ق ج»

تعليق: محمد باقي محمد

   تتابع “حنان الهوني” الاشتغال على الـ : ق ق ج، وذلك في خضمّ الممارسات التي تحاول ” أن ” تؤرض” هذا الجنس الوليد، فيما يحاول بعض النقاد الاشتغال على تقعيده، ومن يدري، فقد يقيض له أن يستوي على عوده يوماً، وينضج، فنكسب جنساً جديداً معافى!
   نحن إزاء لون صعب، على عكس ما يوحي به حجمه، فهو بداية يشترط حدثاً مركزياً، يفرقه عن قصيدة النثر من جهة، وعن الخاطرة من جهة أخرى، ونص ” الهوني ” الموسوم بـ  ” لايسع لاثنين” لا يخلو منه من خلال رجل يحزم حقائبه، ويرحل عن قلب الحبيبة، بعد أن وقف بالباب طارق جديد، ذلك أنّ عاطفة كالحب لا تقبل شريكاً، ربّما لأنّنا نمتلىء بها، بامرأة أو برجل، فلا نعود نرى غيره أو غيرها!
   ولا شكّ بأنّ ” الهوني” نجحت في التقاط لحظة المفارقة، ولكن لا لتشتغل على التضاد كما يفعل البعض، بل لتنتج نصاً قصصياً على درجة كبيرة من الرهافة والهيف والذكاء! ذلك أنّ التضاد لوحده لا ينتج قصّة قصيرة جداً!
    أمّا لغة القصّ فهي لا تخلو من الشاعريّ، المشغول بشغاف القلب، كما في ” دعيني أؤثث غرفتي الصغيرة في قلبي اليتيم” أو ” سأضع في الحقيبة شيئاً من خيبة، وكثيراً من شجن” وإن كنا نتمنى على القاصة لو أنّها عرّفت ” خيبة” و ” شجن” بـ ” الـ ” التعريف، لأنّها تفيد التكثير!
   وها هو الحدث يتضّح، ثمة طارق على باب القلب، ويبدو أنّ الأنثى تتفكّر فيه بشيء من الإيجاب، ولأنّ الشراكة في هذه العلاقة لا تتأتى كما أسلفنا، ها هو الحبيب القديم يجمع سقط متاعه ليرحل نحو دواخله التي وسمها باليتم، بعد أن قررت المرأة أن تطير بعيداً عن عشها القديم!
   لقد جاءت ” الهوني” على تكثيف وتبئير يتاخمان حدود الشعريّ، فاشتغلت على نصّها بضبط يروم التعبير عن أكبر كمية من المعاني بأقل كمية ممكنة من العبارات، ما انعكس على لغتها المشغولة بدلالة الاقتصاد اللغوي، فلا ترهّل إذن ولا تسويف، بل دال يذهب إلى مدلوله عبر أقصر الطرق!

   وفي الخواتيم كان المتن قد استنفذ مهامه كلقطة ذكية، فهلت النهايات هادئة، لقد تفكّر الرجل كثيراً، وقرّر الانسحاب بصمت، وربّما تجلت رؤية القاصة النافذة إلى الجوهري، من خلال ابتعادها عن أحكام القيمة، إنْ على لسان الرجل، أو على لسان المرأة، التي قدمت كما يراها الرجل، الذي قام بدور السارد متكئاً إلى ضمير المتكلم، في إحالة إلى الحديث من أساليب القصّ، ولنكتشف غبّ الانتهاء من النصّ دلالات العنوان، عبر تساؤل عن المكان الذي لا يسع لاثنين، بشكل يشي بنجاحها في تخيره، وذلك من خلال المسافة المفترضة بينه وبين المتن بقصد التشويق، من غير أن يُفصح عن أسراره جميعها، فأسّس لعتبة مُمهّدة، وأفلح في توريط القارىء، ليقوم بقراءة النص، وهذا يُشير إلى أنّ القاصة وُفقت في إنجاز وظيفتي العنوان السيميائية والمعرفية, ما اقتضى التنويه! 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…