في الأبحاث السابقة حول ” التجذر التاريخي للأمة الكوردية ” عبر آلاف السنين, والتي نشرت حلقات منها في الصحافة العربية والكوردستانية وبخاصة الالكترونية, وضعنا القواعد المنهجية الموثقة لتلك الدراسات بإسنادها إلى مصادرها الأثرية والتنقيبية المباشرة , أو اعتماد أبحاث ودراسات المتخصصين وقارئي التاريخ الحقيقي الموثق والمستند إلى وجهته العلمية والأكاديمية , بعيدا عن الإملاءات السياسية والسطور المفبركة الخالية من الحياة, أو تلك المعتمدة على موقف إنكاري مسبق ورافض لمعطيات التاريخ ونتائج أبحاثه الحاسمة والناطقة على أرضها, أو في أروقة المتاحف , وفي رقم الأثريين المتبتلين في معابد الحقيقة, وهياكل الأوابد المعبرة بحفائرها وحجارتها وفخارها وصخورها وقطعها الآجرية المستعصية على الاندثار, عن التاريخ المنطوق
ومما يؤكد تلاقي الدراستين , التأكيد على النسب الهوري للنبي إبراهيم , وقصة رحلته من الشمال إلى الجنوب والاستقرار في مكة المكرمة لبناء الكعبة المشرفة مع ولده إسماعيل , كما جاء ذكره في القرآن الكريم , والذي أوردناه في دراسة سابقة تقدمت هذا البحث, وحللت مضمون السمية الآرية وانطباقها النحتي اللغوي الكامل على الكوردية الحالية , فقد بحث د.سيد قمني في (أور) هذه التي خرج منها إبراهيم الخليل في رحلته التاريخية العظيمة , فاستبعد أن تكون أور الكلدانية إذ أن رحلة النبي كانت قبل نشأة أور الكلدانية بألف عامأي حوالي 1950 ق.م , والذي انتهى إليه أن هذه المدينة تقع في كوردستان كما ينص بالحرف يقول : ” والغريب ها هنا هو أن آرام النهرين وفدان آرام وحاران /حرّان/ كلها مدن تقع شمالي بلاد الشام وشمالي غربي العراق, أي في كوردستان وأرمينيا ..” حيث العشيرة الإبراهيمية يقول د. القمني : ” من المعلوم أن هناك مدنا عديدة معروفة باسم (أور) لأن كلمة أور تدل على معنى المدينة أو تنسب المدنية إليها , فبالإضافة إلى أور (الرافدية في العراق) قرب مصب الفرات هناك أورشليم (مدينة السلام) وأرتو مينوس باليونان و أوروك بالعراق , وأور = آرتو على جبال آرارات شرقي بحيرة وان في الأراضي الكوردية الأرمنية .. “, وأور وآر وآكرتعني بالكوردية “النار” , وقد نسب إلى الآر “النار ” الآري , لحدة في الطبع ومزاج فيه بأس وعصبية ينسجمان مع الطبيعة الجلية القاسية للأقوام الزاغروسية القديمة التي شكلت – في مراحل تاريخية متعاقبة وطويلة – ذلك التمازج العريق بين الهندوأوربيين والآريين في آريان أو أيران وجبال زاغروس المعرقة في القدم , وقد فصل القول د. سيد قمني في أصل الترجمة العبرية , واختلاف ذلك عن النص العربي للتوراة كما بينا , لينتهي إلى القول بأدلة واشتقاقات , لقربها من اللغة الهورية الكوردية , كما نص عليه العلامة المذكور , ليقول : ” وهكذا يتضح لنا أن العشيرة الإبراهيمية وافدة على المنطقة الجنوبية (العربية والكنعانية) من جنوب أرمينيا بشمال كوردستان والممتدة جنوبا حتى أوركيش ذات اللغة الهندوأوربية الكوردية على الأرجح , لسيادتها في هذه المنطقة – في ذلك التاريخ البعيد – أما أولاد إبراهيم وأحفاده فقد تعلم كل واحد منهم لغة أهل المناطق التي سكنوها , فإسماعيل تعلم العربية في مكة (من قبيلة جرهم سدنة الكعبة) واسحق وموسى تعلما العبرية , … “, واوركيس ديم” التي يعزو المؤرخون انطلاقة النبي الكريم منها , تنطبق إلى حد كبير على تلك المدينة المنسية التي كان الحديث يكثر عنها في الرقم الأثرية البابلية والأكادية كما يقول الباحث الأثري المتخصص في أوركيش “كرى موزان”, جورجيو بوتشيللاتي, والذي دخلنا موقعه الأثري في جولة سياحية دامت عدة ساعات في نهاية آذار المنصرم من هذا العام, هذه المدينة الرائعة كما يقول الباحث المذكورالتي شكل “أبناؤها أقدم الحضارات في سوريا القديم , حيث سترى الأبنية التي تبينكيف أغنت حياة القدماء الذين عاشوا فيها .. كمدينة مزدهرة بشكل كامل في 3500/ ق.م .. المصدر / موزان بوصفها أوركيش, قيد التصنيع , جورجيو بوتشيللاتي , مدخل سياحي , صفحتان, “, والربط أو النحت اللغوي للمدينة التي انطلق منها – في رحلته التاريخية كما يقول د. القمني – يمكن رد تسميتها بوضوح إلى ثلاث مفردات كوردية هي أور “النار”و كس وهي الجيم المصرية والسين المبدلة من الشين , وهي كثيرة في الكوردية” سرشوك وشرزيك , والكلمة الثالثة “ديم ” وهي تعني المتقدة , وديم ومعناها الرؤية الحاصلة , وبتركيب الكلمة يصبح معناها ” المدينة المتقدة المرئية , وهي منسجمة مع تقاليد الكورد والأقوام الأخرى في إيقاد النار لهداية السارين في الظلمات , وما كان للنور والنار من مكانة في حياة الشعوب, وفي بحث سيدنا إبراهيم عن حقيقة الخلق والوجود والرسالة التي ” يخرج بها الناس من الظلمات إلى النور ” كما ورد في الأثر , وما كان للمدينة العاصمة من أثر بارز في المنطقة السهلية الشاسعة والفسيحة المخصبة ذات الغلال والأنهار , وحنينيه الجارف في دعائه الخاشع وهو يرفع قواعد البيت الحرام إلى الزروع والثمرات ” حيث أسكن أهله بواد غير ذي زرع , ليقيموا الصلاة “, بعد خروجه – التماسا للتوحيد والحنيفية, من أرضه المعطاء في شمالي كوردستان بزروعها وينابيعها, إلى أعالي الجبال في سلاسل طوروس وأمانوس وزاغروس حيث الامتداد العميق لحضارة الهوريين التي امتدت إلى نهايات الألف الثانية ق.م ,/ 1200/., وما كان لذرية إبراهيم من أثر عظيم امتد إلى أولاد إسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط إلى فهر ولؤي وغالب وبني هاشم وسبطهم في الذروة من سنام قريش الرسول الكريم , مما يعد بحق صلة تاريخية وثيقة بين الكورد والعرب المستعربة من حملة الرسالة أولاد إسماعيل كما نصت عليها كتب الأثر والتاريخ , وعلى رأسها سيرة ابن هشام ” ص / 5/ “,(ومما هو جدير بالذكر أننا سوف نأتي على تفاصيل جولتنا السياحية الموثقة في أوركيش وسور ومسرح الهوريين في بحث قادم) , فالربط محكم ودقيق في نحت أوركيش , والرحلة التاريخية موثقة من الشمال إلى الجنوب , مما أجمعت عليه الوثائق والدراسات التاريخية , والملاحظ بقوة هو ذلك الترابط الدقيق, الذي عقده القمني وغيره من الدارسين و بين الحثيين والكاشيين والهوريين الذين كانوا يحكمون بلاد الشام في الألف منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد ,إلى جانب صراعات لم تهدأ في هذه المنطقة الحيوية في العالم القديم, وكيف استطاع الشعب الحثي الآري أن يقضي على دولة (هوريا) , لتتاوب المجموعات الممتدة إلى البارثيين والساسانيين والأخمينيين , ماة هو جدير بالمتابعة والدرس المنهجي الوثيق وبخاصة في معاقل الهوريين وأوابدهم, ما يأتي لاحقا.