أدونيس

عباس عباس

مكرهاً أستيقظ كل صباح, لأنني أكره رائحة الغطاء, أبحث في أوجه مخدتي عن بقعة ماتزال تحمل رائحة الطيب أوماء ورد, كنت قد رذذت به عند المساء , وأنسى أنني لا أشم الروائح عند الفجر, فالحساسية في أنفي من رائحة الورود, تكون قد سدّت ثقوب الهواء!…فأبدأ نهاري  بالملل , أدخل غرفة الإستقبال, احتار بين التلفاز والإنترنيت.

اشمئزازٌ من تشابه الخبر, عربٌ تتفق على ألا يتفقوا…اسرائيل تقتل أطفالاً, وحماس تبرر لها بصواريخ من كرتون, كتب عليها باللغة الفارسية …أسماء أعمام الرسول, الحمزة و العباس!.. قادة الكرد يتداولون الحكم فيما بينهم, اسخفافاً بعقل الأكثرية والديمقراطية!… فذاك لرئاسة البلدية, والآخر في الوزارة له الأحقية!… الأتراك يحاكمون رئيس الجمهورية, لفشله في حل القضية!… والجناية الكبرى, النطق بأسماءٍ كردية…
باراك حسين أوباما, يُستقبل في الدول المسلمة بإسمه الحسين, وفي اسرائيل بإسم باراك, والكل سعيد به, حتى رئيس الركن التركي, طالما الوعد قائم, بإنهاء العملية.
أكتم أفواههم بلمسة سحرية من الروموت كنترول, لأتجه إلى الأحبة, إلى الصحف الكردية الإلكترونية, وهي كصحف موسى…تحوي قصص عن الفراعنة, أو المتفرعنين من كتبة الكرد!..ذاك يُخوِّن رفيق دربه, وذاك يعتبر نفسه فوق الشبهات والأخطاء, وذاك يعمل في مهجره, كبوصلة سحرية للقيادات الكردية.
يسدل الليل وشاح الملل على أخر النهار, بعد أن أكون قد نلت كفايتي من وجع المفاصل وآلم الرأس, لأبدأ من جديد, برش رذاذِ من ماء الورد على مخدة محتواها إسفنج صناعي, نتاج أتعس معمل كميائي في ألمانية, لأن الأجود تُصدَّر, مثل التبغ السوري, لتحسين الحال بالعملة الصعبة لآل الوحش .
في صباح الرابع من حزيران, بعد عيد ميلادي الوهمي بثلابة أيام, وبعد تدشين أول مضخة لبترول الكرد بإتجاه الإخوة الأتراك, بحثت يمينا وشمالاً بين التلفاز والإنترنت الكردي, عن أمرٍ ينسِّيني همي , عن خبرِ يفرِّحني, بخلاف تتفق البترول الكردي, الذي سوف لن ينالني منه ملم واحد , حتى أن لفت نظري شَعرأدونيس الطويل والمسافر في كل الدنيا!… وَجلَّ ما أخافني, أن تكون فلسفته والتي تشبعتها, مجال هذا البحث, لا أن يكون قلمه وجديده !…
أدونيس…. عزيزي…
قهوتي في هذا الصباح, أحسست بنكهة الهيل في عبيرها, وأنا أعبر فضاءاً أنت الرُبَّان فيه, وجبالاً ذراها نقاءُ الفكرِ من حكمتك, فطالما حلمت بتلك الجبال, وأنا أحمل بندقية لا تفرق بين الدماء , واليوم أسدد فوهتها بزهرالنرجس !…
كنت معك فوق جبل الشيخ في السلمانية نلوح للفرات, حيث عرس الجسد, وقوافل من فراشات تلتهم رحيق الحقول .
 معك نسيت أوتناسيت مذاق السائل الكيميائي, ورافقت السحاب وقلت للهباء أرجئ هبوبك.
وسمعت الحجر يبكي في حلبجة, وبرعم الزهر ينكمش, وعلمتني أن حقل الموت مسكونٌ بمحراث أسمه الحياة.
تقاسمنا البهجة معاً, حين صدقنا أن القصف الكيميائي, يقتل كل شئ إلا الحب !…
((لايكفي أن يكون لك شكل إنسان, لكي تكون إنساناً)) قالها عمري خاور
وأتذكر أن هذا جزءٌ من فلسفة الكرد, تعلمناها من قساوة الحياة.

أعذرني سيدي…فالطيران معك , يستوجب إتقان الصمت!… 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…