خليل صويلح
العزلة التي يعيشها إبراهيم حسو (1968) في مدينة القامشلي في الشمال الشرقي لسوريا، لن نجد تفاصيلها في مجموعته الشعرية الجديدة «الضباب بحذافيره» (دار الزمان ـــــ دمشق). كأنّ هذا الشاعر يستعير حياةً موازية تنمو في اللغة وحدها، من دون أن تشتبك مع مفردات الواقع الخشن الذي يغرق فيه. قصائد تخاطب الشعر كثيمة صعبة التحقّق في انتظارات طويلة، وهتاف يشبه العواء، على أمل الطيران والتحليق عالياً، وإذا به يرتطم بصخور جرداء وحطام طيور وزهور ذابلة. هكذا تغيب عناصر القصيدة وبنيتها البلاغية ومكوناتها المرئية، لتنزلق العبارات اللاهثة في الهباء في مطاردة امرأة ما «كل ما هناك أرض غائبة مليئة بالأخطاء الإملائية/ أخطاء امرأة ورجل يتناسلان من قصيدة مريضة».
العزلة التي يعيشها إبراهيم حسو (1968) في مدينة القامشلي في الشمال الشرقي لسوريا، لن نجد تفاصيلها في مجموعته الشعرية الجديدة «الضباب بحذافيره» (دار الزمان ـــــ دمشق). كأنّ هذا الشاعر يستعير حياةً موازية تنمو في اللغة وحدها، من دون أن تشتبك مع مفردات الواقع الخشن الذي يغرق فيه. قصائد تخاطب الشعر كثيمة صعبة التحقّق في انتظارات طويلة، وهتاف يشبه العواء، على أمل الطيران والتحليق عالياً، وإذا به يرتطم بصخور جرداء وحطام طيور وزهور ذابلة. هكذا تغيب عناصر القصيدة وبنيتها البلاغية ومكوناتها المرئية، لتنزلق العبارات اللاهثة في الهباء في مطاردة امرأة ما «كل ما هناك أرض غائبة مليئة بالأخطاء الإملائية/ أخطاء امرأة ورجل يتناسلان من قصيدة مريضة».
المقدمة التي كتبها محمد عضيمة تعمل في مكانٍ آخر بأكبر قدر من الشفوية والتحريض اللفظي على نصٍ آخر يعتبره سبب بلاء الشعر. وإذا بنا أمام ديباجة ظلت عند عتبة هذه النصوص، وإن صبّت جام غضبها على الذائقة الراكدة في تلقّي شعر الحداثة، متجاهلاً، عن عمد ربما، الشحنة الهذيانية التي تقود هذه النصوص، في نهاية المطاف، إلى العراء.
ما إن يلتقط إبراهيم حسو أنفاسه، حتى نقع على شذرات متقطعة هنا وهناك، تنفتح على مقترح لغوي ينأى قليلاً عمّا ألفناه في مجموعته الأولى «الهواء الذي أزرق» (2004)، إذ يتخفف من وعورة لغة سليم بركات التي طالما ألقت بثقلها على نصوص هذا الشاعر المفتون بسلفه، حتى ثار على قصائده الأولى وأحرقها أمام باب بيته. هنا تذهب القصائد إلى مقاصد أخرى، في لغة هجينة، على الأرجح بتأثير من لغتة الكردية، فتأتي المفردة من موقع مختلف، في تطلّعها إلى الموجودات، فتأتي عن غير قصد، ضبابية غائمة بمسحة سريالية: «أصابتني خيمة الأمل، وأنا في فضاء تجريبي لكلام جديد عن شفتك السفلى»، أو «لم أغرق الآن كما حبات الرمان المتدحرجة على ثديك المائة والخمسين».
هذا شاعر قلق يعبر أرضاً زلقة، فتتشتت اللغة في ضباب العبارة، بأجنحة مكسورة وأوهام لا يحرسها أحد. عبثاً نفتش عمّا يشبه حياة هذا الشاعر في منفاه البعيد، إذ بقي في منطقة الظل، غريباً عن تجارب أقرانه من شعراء الثمانينيات، فأضاع البوصلة طويلاً، قبل أن يقع على جهة الشمال، ليختبر آلامه ووحشته ومراياه «أنا ضوء منخفض. عصفور وحيد محطوط في البرّاد. كأس خاطئة مليئة بالندم».
ما إن يلتقط إبراهيم حسو أنفاسه، حتى نقع على شذرات متقطعة هنا وهناك، تنفتح على مقترح لغوي ينأى قليلاً عمّا ألفناه في مجموعته الأولى «الهواء الذي أزرق» (2004)، إذ يتخفف من وعورة لغة سليم بركات التي طالما ألقت بثقلها على نصوص هذا الشاعر المفتون بسلفه، حتى ثار على قصائده الأولى وأحرقها أمام باب بيته. هنا تذهب القصائد إلى مقاصد أخرى، في لغة هجينة، على الأرجح بتأثير من لغتة الكردية، فتأتي المفردة من موقع مختلف، في تطلّعها إلى الموجودات، فتأتي عن غير قصد، ضبابية غائمة بمسحة سريالية: «أصابتني خيمة الأمل، وأنا في فضاء تجريبي لكلام جديد عن شفتك السفلى»، أو «لم أغرق الآن كما حبات الرمان المتدحرجة على ثديك المائة والخمسين».
هذا شاعر قلق يعبر أرضاً زلقة، فتتشتت اللغة في ضباب العبارة، بأجنحة مكسورة وأوهام لا يحرسها أحد. عبثاً نفتش عمّا يشبه حياة هذا الشاعر في منفاه البعيد، إذ بقي في منطقة الظل، غريباً عن تجارب أقرانه من شعراء الثمانينيات، فأضاع البوصلة طويلاً، قبل أن يقع على جهة الشمال، ليختبر آلامه ووحشته ومراياه «أنا ضوء منخفض. عصفور وحيد محطوط في البرّاد. كأس خاطئة مليئة بالندم».
جريدة الاخبار / عدد الجمعة ١٢ حزيران ٢٠٠٩