هوزان أمين *
” هكذا تكلم سمو ” عنوان كتاب جديد يحمل الرقم 30 من سلسلة منشورات مؤسسة سما للثقافة والفنون في دبي من تأليف الشيخ توفيق الحسيني، يتألف الكتابُ من طرائف الشخصية الكردية المعروفة اسماعيلي دين او (سمو) كما كان متعارفاً عليه بين الأوساط الشعبية في مدينة عامودا منذ ما يقارب أربعة عقود وأكثر من الزمن والى اليوم ما زال معروفاً وقصصه وحكاياته متداولة بين أهال المنطقة وعامودا ’ بل تجاوزتها إلى العديد من المناطق الأخرى وأصبحت حكاياته وقصصه بمثابة ارث شعبي موروث يخلفه الآياءُ لأبنائهم .
الكتاب يضم بين طياته 48 طرفة أو حكاية في 95 صفحة من القطع المتوسط ، الغلاف مزين بصورة نادرة ل اسماعيلي دين من أرشيف المؤلف .
الكتاب يضم بين طياته 48 طرفة أو حكاية في 95 صفحة من القطع المتوسط ، الغلاف مزين بصورة نادرة ل اسماعيلي دين من أرشيف المؤلف .
قام الشيخ توفيق الحسيني مؤلف الكتاب بجهد كبير حتى استطاع جمع تلك القصص والطرائف من أفواه العديد من الشخصيات التي كانت شاهد ة على أقواله وكلماته، واستطاع عبر قريحته الأدبية الفذة أن ينقل لنا تلك النوادر والحكايات بأسلوب أدبي بليغ تبعث البهجة في النفوس وتضع المتلقي في جو تلك الواقعة والحدث، وان يتعرف الأجيال القادمة على تلك الشخصية التي جمعت العديد من الصفات في الآن معاً من سرعة بداهة وروح الدعابة والفكاهة والجرأة ، وتؤكد أن تلك الشخصية حقيقية وليستْ خرافية حيث يقول المؤلفُ في مقدمة الكتاب حول أهم صفاته ” فذة، فريدة، عاتية، مبرقعة بجنون ذكي، وفطنة فيها من الغفلة والجهل شيء كثير، وسلوك أرعن أحياناً وشرس أيضاً طوراً” .
اسماعيلي دين لم يُخلق مجنوناً أو مختلاً كما عرف عنه و لحق باسمه كلمة دين (Dîn ) اي المجنون باللغة الكردية، بل أصبح كذلك نتيجة هزة أو صدمة عاطفية عنيفة ألمت به جعلته بهذا الشكل وبهذه الشخصية .
فقد أضاف الشيخ توفيق الحسيني هذا الكتاب إلى ارثه ونتاجاته الادبية والثقافية الضخمة وزود المكتبة الكردية بكتاب سيظل في ذاكرة الشعب الكردي إلى الأبد ، فقد امتهن فن الكتابة والإبداع منذ عقود من الزمن وتخرج من بين يدي كبار العلماء في عامودا وهو سليل عائلة وطنية متدينة ورث العلم والفقه والمعرفة من أجداده، ولد في قرية تل موزان ( اوركيش الاثرية) وانتقل إلى عامودا واستمع الى قصائد ملاي جزيري واحمد خاني منذ نعومة أظافره وترعرع بين الكتب الادبية والقانونية والتشريعية حيث كان والده يجمعها ويرتبها بين رفوف مكتبته الكبيرة والغنية التي قل نظيرها في المنطقة برمتها في ذلك الزمن، حيث يقول في حوار معه أجراه الكاتب ديلاور زنكي ” كنت في تلك الأيام أرى الرجال من أصحاب اللحى والعمائم يحضرون إلينا يتداولون أطراف الأحاديث فإذا فرغوا من ذلك تناولوا كتاباً وطفقوا يتدارسونه ويتأولّون المعاني ويتحاورون في أمور غامضة ويذهبون في ذلك مذاهب شتى، ويتلفظون بأسماء ومصطلحات تبدو لي شاذة وغريبة في منتهى الغرابة والشذوذ”
درس الابتدائية في عامودا ثم انتقل إلى الثانوية في القامشلي ثم درس العلم والمنطق والتفسير والشريعة الاسلامية واللغة العربية في جامعات عامودا حيث يقول ” وجدت في عامودا ثلاث جامعات للدراسات العليا وكانت مناهجها لا تختلف عن منهج جامعة الأزهر في شيء، فالكتب التي كانت تدرّس هنا كانت هي نفسها التي تدرّس في الأزهر الشريف ”
وقد كتب القصة القصيرة والمسرحية وله بحوث في الديانات القديمة ومواضيع أخرى، منها: بحث في الديانة اليزيدية وبحث في الديانة الزرادشتية القديمة، صدرا في كتابين مستقلين ومنفصلين وقد أعد قاموساً باللغات الثلاث الكردية-الانكليزية –العربية، وقاموساً آخر باللغة الكردية والعربية “كردي-عربي” وترجم كتبا أخرى لكبار المؤلفين والأدباء والروائيين عن الانكليزية مثل: برنارد شو، وجون شتاينبك. ويشار كمال وعزيز نسين وأغاثا كريستي وغيرهم.
إن الخوض في غمار شخصية الأديب وشيخ المثقفين الكرد الشيخ توفيق الحسيني كدخول البحر والتحدث حول إعجازه وخفاياه لذا نستطيع القول باختصار انه كاتب ومبدع ومثقف بامتياز ولو سردنا مجموع مؤلفاته وكتاباته الأدبية ومقالاته ربما لن ننتهي منها بدءاً من: شرح قصيدة البردة للإمام البوصيري ومختارات من ديوان الجزيري و ديوان الجزيري (العقد الفريد) انتهاء ب هكذا تكلم سمو، قرابة الستين كتاب من تأليف وشرح وتفسير وبحث و ترجمة .
إن كتابه هذا ” هكذا تكلم سمو” يسرد لنا قصصا وحكايات لا زالت متداولة وتضرب بها الأمثال وقريبة من حكايات وطرف نصر الدين خوجة ذو العمامة الكبيرة التركي ، وكذلك شخصية جحا في الموروث الشعبي العربي ، فحكايات سمو لا تقل غرابة وفكاهة عن حكاياتهم ، وتجمعهم صفات عدة، فقد كانوا ممتطي الحمار ومحبي الإسفار والتنقل وباعة متجولين أحيانا إلى متسولين في أحايين أخرى .
نذكر هنا إحدى طرف اسماعيلي دين وقد طبعت على الغلاف الأخير للكتاب .
( إن شـربتم غدوتم مثلي – وإذا شـربتُ ، فمثلَ مّنْ سأكون )
يقال أن ثلة من الفتيان كانوا يتعاطون الخمر في أحد البساتين وكان الوقتُ ربيعاً تحت ظل الأشجار وأمامهم الكؤوس ومائدتهم زاخرة بالأطعمة الشهية والأفاويه فمر بهم “سمو” فدعوه إلى مشاركتهم فأسرع إلى الجلوس وبدأ يأكل ثم أنهم أترعوا له كأساً من “العرق” وقدموها له وقالوا له :
– هيا اشرب .
لكنه أحجم عن تناولها وأبى أنْ يشرب فألحوا عليه وحاولوا أن ينزلوه على رغبتهم فلم يفلحوا فظلوا يشددون عليه في الطلب دون جدوى فضاقوا بإبائه وضاق بإلحافهم ولكي يحسم الأمر ويقطع دابر هذا الخلاف قال لهم:
– كأني أراكم بلا عقول.. فهل انتم أيضاً مجانين؟
إنكم تشربون فتتشبهون بي فإذا شربت فبمن سأتشبه.
اسماعيلي دين لم يُخلق مجنوناً أو مختلاً كما عرف عنه و لحق باسمه كلمة دين (Dîn ) اي المجنون باللغة الكردية، بل أصبح كذلك نتيجة هزة أو صدمة عاطفية عنيفة ألمت به جعلته بهذا الشكل وبهذه الشخصية .
فقد أضاف الشيخ توفيق الحسيني هذا الكتاب إلى ارثه ونتاجاته الادبية والثقافية الضخمة وزود المكتبة الكردية بكتاب سيظل في ذاكرة الشعب الكردي إلى الأبد ، فقد امتهن فن الكتابة والإبداع منذ عقود من الزمن وتخرج من بين يدي كبار العلماء في عامودا وهو سليل عائلة وطنية متدينة ورث العلم والفقه والمعرفة من أجداده، ولد في قرية تل موزان ( اوركيش الاثرية) وانتقل إلى عامودا واستمع الى قصائد ملاي جزيري واحمد خاني منذ نعومة أظافره وترعرع بين الكتب الادبية والقانونية والتشريعية حيث كان والده يجمعها ويرتبها بين رفوف مكتبته الكبيرة والغنية التي قل نظيرها في المنطقة برمتها في ذلك الزمن، حيث يقول في حوار معه أجراه الكاتب ديلاور زنكي ” كنت في تلك الأيام أرى الرجال من أصحاب اللحى والعمائم يحضرون إلينا يتداولون أطراف الأحاديث فإذا فرغوا من ذلك تناولوا كتاباً وطفقوا يتدارسونه ويتأولّون المعاني ويتحاورون في أمور غامضة ويذهبون في ذلك مذاهب شتى، ويتلفظون بأسماء ومصطلحات تبدو لي شاذة وغريبة في منتهى الغرابة والشذوذ”
درس الابتدائية في عامودا ثم انتقل إلى الثانوية في القامشلي ثم درس العلم والمنطق والتفسير والشريعة الاسلامية واللغة العربية في جامعات عامودا حيث يقول ” وجدت في عامودا ثلاث جامعات للدراسات العليا وكانت مناهجها لا تختلف عن منهج جامعة الأزهر في شيء، فالكتب التي كانت تدرّس هنا كانت هي نفسها التي تدرّس في الأزهر الشريف ”
وقد كتب القصة القصيرة والمسرحية وله بحوث في الديانات القديمة ومواضيع أخرى، منها: بحث في الديانة اليزيدية وبحث في الديانة الزرادشتية القديمة، صدرا في كتابين مستقلين ومنفصلين وقد أعد قاموساً باللغات الثلاث الكردية-الانكليزية –العربية، وقاموساً آخر باللغة الكردية والعربية “كردي-عربي” وترجم كتبا أخرى لكبار المؤلفين والأدباء والروائيين عن الانكليزية مثل: برنارد شو، وجون شتاينبك. ويشار كمال وعزيز نسين وأغاثا كريستي وغيرهم.
إن الخوض في غمار شخصية الأديب وشيخ المثقفين الكرد الشيخ توفيق الحسيني كدخول البحر والتحدث حول إعجازه وخفاياه لذا نستطيع القول باختصار انه كاتب ومبدع ومثقف بامتياز ولو سردنا مجموع مؤلفاته وكتاباته الأدبية ومقالاته ربما لن ننتهي منها بدءاً من: شرح قصيدة البردة للإمام البوصيري ومختارات من ديوان الجزيري و ديوان الجزيري (العقد الفريد) انتهاء ب هكذا تكلم سمو، قرابة الستين كتاب من تأليف وشرح وتفسير وبحث و ترجمة .
إن كتابه هذا ” هكذا تكلم سمو” يسرد لنا قصصا وحكايات لا زالت متداولة وتضرب بها الأمثال وقريبة من حكايات وطرف نصر الدين خوجة ذو العمامة الكبيرة التركي ، وكذلك شخصية جحا في الموروث الشعبي العربي ، فحكايات سمو لا تقل غرابة وفكاهة عن حكاياتهم ، وتجمعهم صفات عدة، فقد كانوا ممتطي الحمار ومحبي الإسفار والتنقل وباعة متجولين أحيانا إلى متسولين في أحايين أخرى .
نذكر هنا إحدى طرف اسماعيلي دين وقد طبعت على الغلاف الأخير للكتاب .
( إن شـربتم غدوتم مثلي – وإذا شـربتُ ، فمثلَ مّنْ سأكون )
يقال أن ثلة من الفتيان كانوا يتعاطون الخمر في أحد البساتين وكان الوقتُ ربيعاً تحت ظل الأشجار وأمامهم الكؤوس ومائدتهم زاخرة بالأطعمة الشهية والأفاويه فمر بهم “سمو” فدعوه إلى مشاركتهم فأسرع إلى الجلوس وبدأ يأكل ثم أنهم أترعوا له كأساً من “العرق” وقدموها له وقالوا له :
– هيا اشرب .
لكنه أحجم عن تناولها وأبى أنْ يشرب فألحوا عليه وحاولوا أن ينزلوه على رغبتهم فلم يفلحوا فظلوا يشددون عليه في الطلب دون جدوى فضاقوا بإبائه وضاق بإلحافهم ولكي يحسم الأمر ويقطع دابر هذا الخلاف قال لهم:
– كأني أراكم بلا عقول.. فهل انتم أيضاً مجانين؟
إنكم تشربون فتتشبهون بي فإذا شربت فبمن سأتشبه.
محرر موقع سما كرد