آرام ديكران

لقمان ديركي

لا، ليس فنّاناً عادياً أبداً، ليس مِن ذلك الصنف الذي تطَّلع على تجربته وتمضي، لا.. إنه فنّان يبقى مرافقاً لك طوال حياتك، لن تنساه أبداً ولن تفوِّت على نفسك لذة الاستماع إلى موسيقاه بين وقت وآخر، إنه الفنان السوري آرام ديكران، الأرمني المولود في القامشلي عام 1934 والذي جاب الآفاق منطلقاً منها إلى كلِّ أنحاء العالم، حيث محبُّوه ومحبُّو صوته وأغانيه، غنَّى بكلِّ اللغات الموجودة في الجزيرة السورية، ولكنه اختط لنفسه بأن يغنِّي بشكل أساسي بالكردية، وأصبح مِن أهم علامات هذه الأغنية، بل وإنه أصبح الأيقونة الموسيقية التي يفتخر بها كل أبناء الجزيرة، عزف على آلة الجمبش وأبدع، تلك السلاسة في العزف، والابتعاد عن التعقيد، عداك عن أنه كان من أواخر الحراس على وجود هذه الآلة في العالم، وينسجم صوته مع عزفه، لكن مع الشخصية الأرمنية التي لا لبس فيها لصوته الذي تخاله قادماً لتوِّه من جبال آرارات..
آرام ديكران هو المغني الأول الذي سمعته في حياتي على آلة التسجيل، وأغنيته عن قصيدة الشاعر العظيم جكرخوين «تركني وحيداً.. أيها القلب لماذا مضى هذه الليلة» هي من أشهر الأغاني التي يحفظها الكبار والصغار، وإضافة إلى أنَّ آرام كان فناناً محبوباً من قبل كافة الأجيال، فهو قديم متأصل متجذِّر في تاريخ الفنون، وهو معاصر خفيف يطير بأغانيه السعيدة كالأطفال.. لا مكان للحزن البتة في أغاني آرام، فهو أيضاً مِن مانحي البهجة الكبار، تكاد تُدهش من حجم الفرح في أغانيه، تُدهَش من طريقته الراقصة في التعبير عن الحب، تُدهَش وتقول في نفسك كيف أنَّ هذا الفارس الجزراوي قادم الآن من مستشفيات أثينا في اليونان كي يوارى في مدينته التي لطالما أحبَّها وأحبته..القامشلي.. لكِ العزاء برحيل آرام.

جريدة بلدنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…

مصطفى عبدالملك الصميدي| اليمن

باحث أكاديمي

هي صنعاء القديمة، مدينة التاريخ والإنسان والمكان. من يعبر أزِقَّتها ويلمس بنايتها، يجد التاريخ هواءً يُتَنفَّس في أرجائها، يجد “سام بن نوح” منقوشاً على كل حجر، يجد العمارة رسماً مُبهِراً لأول ما شُيِّد على كوكب الأرض منذ الطوفان.

وأنتَ تمُرُّ في أزقتها، يهمس لك الزمان أنّ الله بدأ برفع السماء من هنا،…

أُجريت صباح اليوم عمليةٌ جراحيةٌ دقيقة للفنان الشاعر خوشناف سليمان، في أحد مشافي هيرنه في ألمانيا، وذلك استكمالًا لمتابعاتٍ طبيةٍ أعقبت عمليةَ قلبٍ مفتوح أُجريت له قبل أشهر.

وقد تكللت العمليةُ بالنجاح، ولله الحمد.

حمدا لله على سلامتك أبا راوند العزيز

متمنّين لك تمام العافية وعودةً قريبةً إلى الحياة والإبداع.

المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في…

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…