في مقصف بيلسان..

  دهام حسن

التقيتها دون موعد في مقصف بيلسان
التقيتها.. حبيبتي..
هي وأختها… وواحدة أخرى ترمقني كثيرا
أترى تعرفني.؟
أم ترى غرمت بي كعادتهن كثيرا.؟

تفصلنا بركة  ماء
يتراقص خيالهن على صفحاته
مع الموج الصغير تيها وسرورا

ووسوسات الشفاه وهمساتها

وهن يرتشفن من الكأس عصيرا
ونسائم تهب جريئة
فيهفو فستانها شعرها حريرا

وصرت أستاف أنثى عطورها
ثملا من نهكتها
وهي تنساب عليّ عبيرا

هربت اليوم من الدار ضاجا
إلى بيلسان..
علّني أدفع الغمّ عنّي
ويطير بي الخيال
 وأغدو في لهو المقصف أميرا
فأحالني مقصفه إلى غلّ السمر الجميلات
– يا ويحي – ثانية أسيرا

أرسلت إليّ مع النادل كتابا قصيرا
تنصحني ألّا أشرب كثيرا
وتقول مازحة:
بالصحو تهلكني
فكيف إذا أصبحت سكّيرا

وتلكز من  بجانبها.. رفيقتها
كلما مسّت شفتاي الكأس مسّا يسيرا
ويك أخاف عليه
 من الشرب كثيرا كثيرا

وما إن هلكت سكرا حتى
 سارعن إليّ…
خطفنني..وحملنني..
 أقلّتني  بسيارتها..
تسأل الناس العبورا..

 أحطن بي..
ترشّ عليّ من عطرها بخورا
وكلما تململت.. في المقعد الخلفي
وكنّ اتخذنه لي سريرا

 ضحكن سائلات..
أترى..سكران هو..؟
 أم اصطنع السّكر علينا زورا..؟

فلم أصب من حبيبتي.. ليلتها..
إلا وصلا  حميما .. لا فجورا..
فوالله  ما عرفت الحبّ
إلا على يديها نسكا لا شرورا
ويشفع لي ليلتي في بيلسان
إن  كنت عاصيا.. فقد كنت  مخمورا

فما أحيلاها ليالي بيلسان..
أنس وسهر وخمر وخود حسان..
 ترتاح بأمسياتها كثيرا كثيرا
يستقبلك  مزار (لالش)*..
مشهده لوحة حية.. شخوص ناطقة..
كأنك بمهرجان 
فينأى بك الزمن والمكان
فتية تلفعوا بأكسية كالطيلسان
فأضفى على السهر مرورهم .. حبورا
فما أحيلاك  ليالي بيلسان سهرا وحضورا
.. **** *********
(لالش)* مزار ديني ومعبد ومحجّ تؤمه الطائفة الإيزيدية، وهو موجود
في كردستان العراق
ومقصف (بيلسان) في جنوب مدينة عامودا ببضعة كيلو أمتار… 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…