المتطرِّف!

عبد الستار نورعلي

(مهداة إلى الأخ دانا جلال)

المتطرّف!

قالوا:
إنّ المتطرِّفَ يهوى الموتَ،
يضاجعُ حقداً أسودَ،
يغرزُ نصلَ السيفِ
وصوتَ رصاصِ الليلِ المظلمِ
في جسدِ الحبِّ
هواءِ الأنفاسْ،
ويُفاخرُ بالقتلِ السريّ

وصريرِ الأنفالْ،
ما قالوا أنّ المتطرفَ في الحبِّ
زهرةُ صبارٍ في الصحراءْ،
تتلقى الشمسَ قناعاً
منْ ماءْ،
وتحيلُ الرملَ سِناناً
منْ سكينٍ
مِنْ أنواءْ
تحتَ الأقدامِ السوداءْ،

المتطرِّف!

هلْ يعرفُ صاحبُ ألسنةٍ من دمْ
وعيونٍ يملأها سَـمْ
وأصابعَ، مخالبَ منْ غَمْ
وشظايا منْ لحمْ
أنَّ المتطرفَ في الحبَّ
عطرٌ
يتهادى بهواءِ الشَمْ
لم يحملْ في القلبِ النابضِ
غيرَ الهمْ،

الهمُّ اثنانِ،
همٌّ
بينَ أزقةِ وطنٍ مسبيٍّ
بسيوفِ الأعداءْ
والأخوانْ
لا يعرفُ طعماً للنومْ،

همٌّ
في ميدان صراعِ الثروةِ
والكرسيِّ
وأنهارِ الدمْ،

المتطرّفْ!!

مهمومٌ
يفترشُ التربةَ بساطاً منْ حبْ،
وصلاةَ نقاءٍ في القلبْ
منْ أجلِ المطرِ على الدربْ
منْ أجلِ الوطنِ المغلوبِ على أمرهْ
بيدِ الغزوِ
بيدِ الذئبْ
بيدِ الأخوةِ
والأعداءْ،

مهمومٌ
منْ أجلِ امرأةٍ
تغزلُ بسرابِ الأحلامِ طعاماً
للأطفالْ،

مهمومٌ
منْ أجلِ الثورةِ في الأرضْ
منْ أجل الخيرِ على الأرضْ
منْ أجلِ القنديلِ الصامدِ
فوق الأرضْ،

المتطرِّفْ!

في الحبِّ الغافي على أهدابِ مسيحِ الودعاءْ
متطرّفْ،
في حبِّ جبالِ الأرضِ الشمّاءْ
متطرّفْ،
في حبِّ النهرِينِ ووادي الشهداءْ
متطرّفْ،
في حبِّ نزيفِ بيوتِ الفقراءْ
متطرّفْ،
في حبِّ الشمسِ الساطعةِ الحمراءْ
متطرفْ،
في حبِّ الانسانِ القابعِ خلفَ القضبانِ الصمّاءْ
متطرّفْ،
في حبِّ الصافي الرقراقِ من الماءْ
متطرّفْ،
في حبِّ الشلالِ الهادرِ في الأرجاءْ
متطرفْ،
في حبِّ القنديلِ الشامخِ
مضيئاَ
في الأجواءْ
متطرّفْ،
في حبِّ كلامِ هديرِ العلياءْ
متطرّفْ،
في حبِّ خشوعِ العلماءْ
متطرّفْ،
في حبِّ قصائد عشقٍ عصماءْ
متطرّفْ،
في حبِّ حقوق المرأةِ والأطفالْ
والضعفاءْ
متطرّفْ،
في حبِّ الأحلامِ البيضِ الغنّاءْ
متطرّفْ،
في حبِّ الصبرِ على الغلواءْ
متطرّفْ،
في حبِّ حمامةِ سلامٍ بيضاءْ
متطرّفْ،
في حبِّ الوردةِ زاهيةً حمراءْ
متطرّفْ،

إنْ كانَ المتطرِّفُ هذا،
سجِّلْ:
إنّي متطرّفْ!

عبد الستار نورعلي
sattarnoor42@yahoo.se
الأربعاء 2 سبتمبر 2009 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم اليوسف

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…