في رثاء الأخ والصديق عادل اليزيدي

توفيق عبد المجيد

لم أكن أتخيل يوماً أن القدر سيكون قاسياً إلى هذه الدرجة … لم يكن يدور بخلدي أو يتراءى لي أو تتصوره قدراتي المحدودة أنني سأحرم من اللقاء بإنسان كنت معجباً بشخصه وصوته وصورته ومواقفه الجريئة وهو لا يفرط بثوابته الوطنية … وهو يواجه الخصم في عقر داره ويهزمه هزيمة نكراء … أبداً لم أكن أتصور أن يكون اللقاء لا لقاء .
أخي عادل :
يجد الإنسان أحياناً نفسه محاطة بأسلاك شائكة ، وموانع كثيرة ، تصادر حتى تفكيره وتصرفه وقدرته على الثبات والتركيز ، فيخونه القلم ، وتستعصي عليه الأفكار ، وتتمرد عليه الكلمات فيرضخ لهذا الواقع صاغراً مرغماً إلى حين تتلاشى فيه السحابة السوداء وتنزاح عن صدره المثقل بالهموم والمشاغل بعض الهموم وليس كلها فيحاول أن يستعيد بعض القوى ليقوم بدوره ولو متأخراً بعد أن استرجع بعض التوازن الجسدي والفكري ليخوض معركته المستمرة مع الحياة ويجود ببعض ما تجمع في ذاكرته المتعبة فيجعلها رسوماً وكلمات وطلاسم على الصفحة البيضاء .
أخي عادل :
كان النبأ صاعقاً أفقدني توازني ، وأصاب تفكيري بالشلل ، فاستسلمت لما ليس من شيم الرجال وعز علي النوم ، فقضيت ما تبقى من ليلتي بين أرق وسهاد ، أتقلب يميناً وشمالاً … أدخن آخر لفافات التبغ حتى الصباح … وربما لا يصدق أحد انني كنت في وضع لا أحسد عليه … وربما لا يصدق الآخرون أنني فقدت القدرة حتى على كتابة بضع الكلمات التي تجود بها ذاكرتي ويطرحها  صدري المثقل بالهموم لتنزاح عنه بعض الأحزان المتراكمة

اعذرني أخي عادل لأنني لم أكسب شرف المشاركة في استقبالك وأنت القادم بعد عقود من السنين من رحلة طويلة متعبة ، قاطعاً آلاف الأميال ، لتقضي ما تبقى من عمرك القصير في كنف بلاد كانت بالنسبة لك آخر محطات الآلام ، ثم لتغادرها سريعاً بعد استراحة محارب قصيرة ، لتحط الرحال في بلدة سري كانيه ، مسقط رأسك ، وجعبة ذكرياتك الحلوة والمرة وليرتاح حصانك الذي افترشت صهوته ايها الفارس المغوار لتترجل أخيراً .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…