اكتشاف..!!

    بقلم: ميديا كدّو* 

   كنت اتصفح  احدى المجلات بشغف واهتمام،عندما وقعت عيناي على عنوان إحدى المقالات العلمية الملفتة في صفحات المجلة، فانعكفت على قراءة المقال أطير بين الأسطر، حابسة انفاسي، منبهرة بذلك الفيض من الأحتمالت العلمية.

وبينما ألاحق كلمات المقال بابتسامة نصر، لفت انتباهي سؤال موجّه لمفكرين وعلماء مختلفين عن تداخل الاكتشافات الواردة في المقالة مع جذور الدين واسسه، وكانت الأراء مختلفة، لكن ما جعلني انفجر بضحكة مكهربة لأسدّ الطريق أمام دموع خيبتي وغضبي قول أحدهم بأنّ ” إيمانه لن يتزعزع حتى لو اكتشف الباحثون مكان الجنة وحولوه إلى منتجع لعشيقاتهم “!!!
ربما سيتعجب الكثيرون من قرّاء مقالتي لعلامات التعجب تلك التي أذيّل بها جملة القائل، وهذا هو بالضبط ما نعانيه، أن نفقد التعجب والأندهاش في أكثر مواضعه لزوما، لنعتبر بذلك أغرب الأشياء طبيعية، وافظع العبارات عادية!!
   ماعساني أقول في زمن، لكثرة الظلم فيه أصبحت أكثر الجمل تجريحا تبدو لنا بديهية، لرجل (له رتبة قائد اجتماعي) منعته تربيته الذكورية من أن يعطي ابنته وحفيدته شرف اكتشاف الجنة أو حتى المشاركة في اكتشافها!!
ياله من عصر؛ عصرنا هذا، عصر التكنولوجيات والحريات، عصر لاتزال فيه الذكورية المبدعة وحدها مزروعة في عقولنا، وما أن تتأجج مشاعر أحدنا عند إثارة موضوع كموضوع الدين (الذي كانت تخوض فيه المقالة) نجد الأغلبية الساحقة منا تدافع عن أنسانية دياناتنا شرّ دفاع، لكننا نقتل (لغويا) في البداية نصف الإنسانية (النساء)، لنشرّع بعد ذلك كل انواع القتل تحت اسماء مختلفة!
   هذا الرجل ربما لايجد في كلامه – كما رجال ونساء كثيرون – أيّ جرم او انتهاك، وهنا بيت القصيد، بأن نحكم على عقول النسوة بالعطل دون اعتبار ذلك ولو حتى انتهاكا!!
فإلى متى ستظل الأكتشافات محتكرة بإسم الذكورة، وإن وجدت (اكتشافات انثوية) -إن صح التعبير- فإنها تهمش وتنتسى..؟
   إلى متى سنتجاهل مافعلته المرأة – رغم كبتها والظلم الواقع عليها- حتى وإن كان قليلا مقارنة بما فعله الرجل للإنسانية، لكن الفرق بين القلة والعدم شاسع..
فتربية كهذه التي تجعل قادتنا يفترضون بأن مكتشفوا الجنة ذكور والنسوة القلائل اللواتي سمح لهن بالوجود فيها “عشيقات”!! وإلى ما هنالك من غبن – لفظي وفعلي – ، تصرّح كم إن نظرة مجتمعنا للإنسان الأنثى نظرة دونية، وهذا لا يشمل الرجال فقط، فما أكثر اخواتي النساء، من بنات حواء ممن يحكمن على المرأة شللا، لأنهن رضعن مع حليب امهاتهن تربية تعظيم الذكور وجعل الإناث المطية التي تحملهم إلى هذه العظمة، تربية تحكم عليهن ليكن وراء الكواليس، ضائعات الاسم والحق حتى “لغويا”!!

   في  النهاية اودّ ان اعطي نفسي بصيص أمل بأن تمنح المرأة (افتراضيا) في يوم ما حق اكتشاف ولو كلاميا، بأن يبزغ جيل جديد بتربية نتمناها أقل ذكورية كبداية طريق لأجيال لاحقة، علّنا نصل يوما لزمن تصبح فيه انسانيتي وانسانيتك يا اخي نصب عين الجميع.

* مهندسة زراعية

·        هذا المقال منشور في جريدة الامل الصادرة في السليمانية – كردستان العراق (العدد 82).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…

إبراهيم اليوسف

لم يكن إصدار رواية” إثر واجم” في مطلع العام عام 2025 عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، مجرّد إعلان عن عمل سردي جديد، بل ولادة مشروع روائية- كما نرى- تُدخل إلى المشهد الروائي صوتاً لم يُسمع بعد. هذه الرواية التي تشكّل باكورة أعمال الكاتبة الكردية مثال سليمان، لا تستعير خلالها أدواتها من سواها، ولا تحاكي أسلوباً…

عصمت شاهين الدوسكي

الشاعر لطيف هلمت غني عن التعريف فهو شاعر متميز ، مبدع له خصوصية تتجسد في استغلاله الجيد للرمز كتعبير عن مكنوناته التي تشمل القضايا الإنسانية الشمولية .

يقول الشاعر كولردج : ” الشعر من غير المجاز يصبح كتلة جامدة … ذلك لأن الصورة المجازية جزء ضروري من الطاقة التي تمد الشعر بالحياة…