محنتي والحياة والأصدقاء..!

دهام حسن

اليوم سأثير حالة وجدانية، منطلقا من محيطي الضيق الذي يعج بتساؤلات عديدة، تشغل بالي، وتقض مضجعي، و(تفري مهجتي) كما يقول حافظ إبراهيم، وتشبعني وجعا و(لماذات)…
لماذا هذه الروح الانتهازية التي تفشت بين الأصدقاء.؟ هيهات أن تجد صديقا لا يكذب.! وهيهات أن تجده بوجه واحد..وأن لا يحتمي بدريئة أفسدتها نبال القذف..
قد أكون قاسيا في تناولي، أو في أحكامي، لأني أنشد الإنسان المثال، وهذا صحيح، لكني أقول بصدق، ما كنت في يوم إنسانا متصوفا لأرسم لوحة مؤطّرة بالقطعيات (يا أبيض يا أسود) لكن الواقع يريني صفيحة السواد تكاد تغطي المشهد كلّه..ترى فلانا من الناس أمامك بوجه وفي مجلس آخر بوجه مغاير، هذه الازدواجية في طبيعة بعضهم تدفعني أحيانا إلى موقف سلبي،  أن أعتزل الناس، وألتزم عندها داري لا أبارحها، وأقاطع بالتالي هؤلاء وبهذه الأقنعة، مع أني أرتضي بحكمة الشاعر، وأتفهم قوله:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
وإذا انتقلت إلى الحقل السياسي، فالواقع أمضّ وأمرّ، فلو تجاوزنا خصلة الكذب في هذا الحقل، وتساهلنا مع هذه الخصلة الذميمة، ربما هنا يكون  مهضوما مع التحفظ، لكن يفجؤنا ويلفحنا وهج خصلة أخرى هي الحقد..! كيف بالقادة أن يكونوا حقودين، والمثل العربي يقول (الحقود لا يقود) وقبل أيام ذكرني أحد الأصدقاء بقول هند تلك المرأة التي لاكت كبد حمزة بن عبد المطلب عم النبي محمد (ص) في غزوة أحد، قال لها الرسول الكريم بعد أن تواجها في مناسبة أخرى:هند الهنود آكلة الكبود..فأجابته هند على الفور: أنبي وحقود..!
طبعا لا نبي بعد محمد (ص) يهدي الناس ونحن في القرن الواحد والعشرين، فقط الأحزاب وقادة الأحزاب .. هم وحدهم ربما ينطبق عليهم مثل هند.. والحقد دليل على عجز القائد أو السلطان..وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه  يقول: إياكم وصفر الوجوه من غير علة…
المشهد الثالث رغم مرارته القاسية جدا جدا، جراء خصوصية الحالة، لأن المشهد يخصني شخصيا ويعنيني بالذات، رغم المرارة، فقد أحيا في نفسي شيئا من الرضى والتفاؤل، وأرسى في وجداني أعمدة لمبنى راسخ صامد، ثمرته المحبة والتضحية الأكيدة نفتقدها اليوم عند ساستنا وأصدقائنا..
الحديث دار بيني ابني وابنتي.. وإليكم الحوار..
– جوان: سأترك الجامعة أختي، وأفسح لك الفرصة للتسجيل فوالدانا عاجزان عن تأمين الأقساط الجامعية لكلينا.. وسأبحث عن عمل لأعود لمتابعة دراستي في الفصل التالي..
–  رشا: لا أخي أنت تابع دراستك لأنك تكاد تنهي الصف الثاني، وأمامك خدمة الجيش، أما أنا سأنتظر لأني جديدة .. ربما الفصل الثاني تتغير الحالة ..
–  دهام.. لا بأس بادلا الأدوار بالتناوب..
كيف جرى الاتفاق..؟ جوان قام بتسديد أقساطه عن الفصل الأول،  ورشا تنتظر إلى الفصل الثاني علّ السماء تمطر ذهبا ..
أليست تضحيتهما مفخرة لي رغم مرارة الوجع..!
 فليت قادة أحزابنا يتعظون بتضحية الشباب، ليتهم يفسحون المجال للآتين من بعدهم راضين لا مرغمين في حياتهم، وحتى لا نغمط بعضهم حقهم، فثمة من قلّم أنانيته، وغادر المنصب بكل راحة بال، طالما هكذا ارتضى المندوبون.. لا أن ينتظروا بصمة المؤتمرات لأن (المؤتمرات لا تبدع الجديد بقدر ما تثبت نتائج ما تمت صياغته)  حسب تعبير لينين.. أي أن الدراسات والقرارات والصياغات تسبق عادة المؤتمرات.. فالمؤتمرات عبارة عن بصمة تطبع على ما تم الاتفاق عليه من قرارات وتوجهات، ولا تأتي بالبدع..
 لكن الفساد خنق العباد، وما هم بمنأى عن الإفساد، فتحوّلوا إلى سدنة وأضداد  والله أعلم..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…