محمد قاسم
اعتدنا في مناطقنا أن نعلن عن وفاة الناس عبر ميكروفونات الجوامع:
“سبحان الخالق الحي الذي لا يموت.. انتقل-انتقلت- إلى رحمة الله .. فلان بن فلان… فلانة بنت فلانة- ترحموا عليه –عليها- يرحمه –يرحمها- الله”.
ومن مشكلات هذا النداء:
اعتدنا في مناطقنا أن نعلن عن وفاة الناس عبر ميكروفونات الجوامع:
“سبحان الخالق الحي الذي لا يموت.. انتقل-انتقلت- إلى رحمة الله .. فلان بن فلان… فلانة بنت فلانة- ترحموا عليه –عليها- يرحمه –يرحمها- الله”.
ومن مشكلات هذا النداء:
أولا – أحيانا يكون الوقت باكرا -السادسة صباحا أو قريبا منها- و قد يؤثر ذلك على النائمين والمرضى المتعبين … فيؤذيهم بشكل ما..
ثانيا- أحيانا كثيرة لا يؤدي النداء –الإعلان- وظيفته بشكل صحيح.. فالمنادي -وهو مؤذن الجامع عادة- وربما كان آخر -اضطرارا أو تطفلا..!- فلا يتقنون لفظ الاسم الغريب عليهم.. لذا تنخفض وتيرة الصوت في النداء ولا يصل الى السامعين كما يجب.. فنلاحظ الكثيرين يقولون: “سمعنا نداء عن ميت أو ميتة ولكن لم نفهم الاسم..”. وربما أحيانا يكون عدم الفهم نتيجة الاختلاف بين الاسم -الشهرة- المألوفة في الوسط الاجتماعي.. والاسم المعلن وفق الهوية مثلا..
ثالثا- أحيانا ينادي بعض سكان الريف على موتاهم في جوامع المدينة بغاية الإعلان عن موتاهم.. ولكن ذلك يوجد نوعا من الاختلاط بين متوقي المدن وريفها ..وقد يختلط الأمر على الناس في ذلك.. فيفقد النداء جزءا من وظيفته.
رابعا- اعتاد الناس أن يسمعوا قراءة القرآن بعد النداء.. وكانت فترة القراءة تطول أو تقصر.. بحسب المزاج أحيانا، وبحسب المؤثرات الاجتماعية فقد يتخذها البعض مؤشرا على أن المتوفى قريب من الجامع.. أو هو من المعروفين اجتماعيا.. أو قد يكون وراء ذلك بعض تأثير.. كالأمل في الانتفاع بشكل ما من المسؤولين عن النداء.. الخ.
وأما الباعث على هذا المقال فهو ما علمت من أمر جديد هو: أن فتوى صدر من العلامة الدكتور محمد سعيد البوطي.. -ربما بناء على طلب من الأوقاف أو هكذا خيّل إليّ من إجابة إمام الجامع. طلبت إليه قراءة القرآن خمس دقائق ليعلم الناس أن الميّت موجود في هذا الجامع .. باعتبار النداء صدر عن أكثر من جامع كالعادة..
هو ليس سرا ولكن عدم انتشاره جعله وكأنه سر. فالسر هو ما لم يشتهر عادة.
كان المرحوم ملا محمد ملا إسماعيل (كلهي) يقول دائما: كأنما أصبحت قراءة القران خاصة بلحظات القراءة على الموتى فقط..هذا غير لائق..
وربما كان كلامه يفسر بمواقف مسبقة من البعض –كما هي العادة في مجتمعاتنا- كل واحد ينظر للآخر –أفرادا وجماعات – من منظور مواقف مسبقة.. فالصوفي يرى السلفي من منظور مسبق .. والسلفي يرى الصوفي من موقف مسبق.. والطوائف والمذاهب تتبادل النظرات والمواقف من منظور مسبق..
ومن المؤسف أن الأحزاب والمثقفون –أو على الأقل بعضهم – ينظرون الى الآخرين المختلفين؛ انطلاقا من مواقف مسبقة. وكأنما نظرية الصراع هي فعلا القاعدة في التعامل –ليس بين الأضداد فقط، بل بين المتشابهين والمتجانسين أيضا.. وهذا يعني انحسار الفكر من حالته العامة المشتركة بين البشر.. الى حالة تنحصر فيها في البعد الذاتي الفردي للإنسان بخصائصه الراهنة لكل شخص.. وطبعا كل شخص يختلف عن الآخر عمرا ونضجا وتحصيلا ووعيا وذكاء وسرّيرة نقية وغايات..الخ..
فقدّر ما سيكون من نتائج ذلك من الاختلاف..!
بالنسبة إلي لم يزعجني القرار بمنع قراءة القرآن من على الميكروفونات.. فيكفي ما يقرأ على الموتى أثناء انتظار الدفن في الجوامع أو في المقبرة. وحتى هذه لا سند قوي له.. فقد سألت احد المشايخ -وهو الآن قد توفي- ما هو السند في قراءة القرآن على الأموات..؟ فقال: حديث ضعيف نضع احتمالا أن يكون صحيحا وضعّف أثناء التصنيف.طبعا ليست الحجة مقنعة لسببين على الأقل:
الأول: لا يمكن لأي قيمة -أو حكم- دينية مهمة كهذه أن يدعها الله تسقط في التصنيف.. ألم يكن ممكنا الهام المصنفين بشكل ما -وهو أقل جهدا وصعوبة من الوحي-..؟!
الثاني: لا يعقل إن يبنى الدين في مفاصل أساسية على الظن والتخمين..!
مع ذلك فلا اعتراض على قراءة القرآن في أية مناسبة ووقت ما لم تكن مخالفة شرعية مثبتة.. باعتباره كلام الله يتلى.
وبتوفر المطابع أصبح من السهل طباعة نعوات تلصق في مفارق الشوارع أو أبواب الجوامع أو غيرها فيكون أكثر وضوحا وسرعة في الانتشار. بلا ضجيج.
ما جعلني أتساءل:
إذا كانت قراءة القرآن من على الميكروفونات قد منعت لئلا يزعج الصوت العالي، الناس.. بتضافر فتوى من علماء الدين وتبني الفتوى من الحكومة.. فماذا بشأن الأصوات الأعلى للميكروفونات التي تنقل أصوات الغناء والعزف الموسيقي في المناسبات المختلفة وخاصة الأعراس. فإن قراءة القرآن بصوت عال -في الغالب – لا تتجاوز دقائق ربما عشرة أو خمسة عشرة أما الحفلات الصاخبة فتظل ساهرة طوال أكثر من ست ساعات أحيانا.. بوتيرة صوت أعلى من أصوات المآذن. خاصة في الصيف، عندما يكون الناس نائمين فوق أسطحه المنازل..؟!
ولا تدع الجو الملائم لمن يبتغي الهدوء كطلاب المدارس خاصة في الامتحانات، والمرضى …وغيرهم.
ثالثا- أحيانا ينادي بعض سكان الريف على موتاهم في جوامع المدينة بغاية الإعلان عن موتاهم.. ولكن ذلك يوجد نوعا من الاختلاط بين متوقي المدن وريفها ..وقد يختلط الأمر على الناس في ذلك.. فيفقد النداء جزءا من وظيفته.
رابعا- اعتاد الناس أن يسمعوا قراءة القرآن بعد النداء.. وكانت فترة القراءة تطول أو تقصر.. بحسب المزاج أحيانا، وبحسب المؤثرات الاجتماعية فقد يتخذها البعض مؤشرا على أن المتوفى قريب من الجامع.. أو هو من المعروفين اجتماعيا.. أو قد يكون وراء ذلك بعض تأثير.. كالأمل في الانتفاع بشكل ما من المسؤولين عن النداء.. الخ.
وأما الباعث على هذا المقال فهو ما علمت من أمر جديد هو: أن فتوى صدر من العلامة الدكتور محمد سعيد البوطي.. -ربما بناء على طلب من الأوقاف أو هكذا خيّل إليّ من إجابة إمام الجامع. طلبت إليه قراءة القرآن خمس دقائق ليعلم الناس أن الميّت موجود في هذا الجامع .. باعتبار النداء صدر عن أكثر من جامع كالعادة..
هو ليس سرا ولكن عدم انتشاره جعله وكأنه سر. فالسر هو ما لم يشتهر عادة.
كان المرحوم ملا محمد ملا إسماعيل (كلهي) يقول دائما: كأنما أصبحت قراءة القران خاصة بلحظات القراءة على الموتى فقط..هذا غير لائق..
وربما كان كلامه يفسر بمواقف مسبقة من البعض –كما هي العادة في مجتمعاتنا- كل واحد ينظر للآخر –أفرادا وجماعات – من منظور مواقف مسبقة.. فالصوفي يرى السلفي من منظور مسبق .. والسلفي يرى الصوفي من موقف مسبق.. والطوائف والمذاهب تتبادل النظرات والمواقف من منظور مسبق..
ومن المؤسف أن الأحزاب والمثقفون –أو على الأقل بعضهم – ينظرون الى الآخرين المختلفين؛ انطلاقا من مواقف مسبقة. وكأنما نظرية الصراع هي فعلا القاعدة في التعامل –ليس بين الأضداد فقط، بل بين المتشابهين والمتجانسين أيضا.. وهذا يعني انحسار الفكر من حالته العامة المشتركة بين البشر.. الى حالة تنحصر فيها في البعد الذاتي الفردي للإنسان بخصائصه الراهنة لكل شخص.. وطبعا كل شخص يختلف عن الآخر عمرا ونضجا وتحصيلا ووعيا وذكاء وسرّيرة نقية وغايات..الخ..
فقدّر ما سيكون من نتائج ذلك من الاختلاف..!
بالنسبة إلي لم يزعجني القرار بمنع قراءة القرآن من على الميكروفونات.. فيكفي ما يقرأ على الموتى أثناء انتظار الدفن في الجوامع أو في المقبرة. وحتى هذه لا سند قوي له.. فقد سألت احد المشايخ -وهو الآن قد توفي- ما هو السند في قراءة القرآن على الأموات..؟ فقال: حديث ضعيف نضع احتمالا أن يكون صحيحا وضعّف أثناء التصنيف.طبعا ليست الحجة مقنعة لسببين على الأقل:
الأول: لا يمكن لأي قيمة -أو حكم- دينية مهمة كهذه أن يدعها الله تسقط في التصنيف.. ألم يكن ممكنا الهام المصنفين بشكل ما -وهو أقل جهدا وصعوبة من الوحي-..؟!
الثاني: لا يعقل إن يبنى الدين في مفاصل أساسية على الظن والتخمين..!
مع ذلك فلا اعتراض على قراءة القرآن في أية مناسبة ووقت ما لم تكن مخالفة شرعية مثبتة.. باعتباره كلام الله يتلى.
وبتوفر المطابع أصبح من السهل طباعة نعوات تلصق في مفارق الشوارع أو أبواب الجوامع أو غيرها فيكون أكثر وضوحا وسرعة في الانتشار. بلا ضجيج.
ما جعلني أتساءل:
إذا كانت قراءة القرآن من على الميكروفونات قد منعت لئلا يزعج الصوت العالي، الناس.. بتضافر فتوى من علماء الدين وتبني الفتوى من الحكومة.. فماذا بشأن الأصوات الأعلى للميكروفونات التي تنقل أصوات الغناء والعزف الموسيقي في المناسبات المختلفة وخاصة الأعراس. فإن قراءة القرآن بصوت عال -في الغالب – لا تتجاوز دقائق ربما عشرة أو خمسة عشرة أما الحفلات الصاخبة فتظل ساهرة طوال أكثر من ست ساعات أحيانا.. بوتيرة صوت أعلى من أصوات المآذن. خاصة في الصيف، عندما يكون الناس نائمين فوق أسطحه المنازل..؟!
ولا تدع الجو الملائم لمن يبتغي الهدوء كطلاب المدارس خاصة في الامتحانات، والمرضى …وغيرهم.
إضافة الى طرح تساؤل عن معايير الحرية هنا..!