m.qibnjezire@hotmail.com
((حامد بدرخان الأعمال العربية الكاملة – شعر
إعداد وتقديم محمد جزائر حمكو جرو))
هذه هي الكلمات التي تعرّف بديوان للشاعر الكردي حامد بدرخان باللغة العربية..
وفي صفحة الإهداء الكلمات التالية:
والكتاب صادرا عن: عبد المنعم ناشرون-للكتب والثقافة
سورية -حلب- بدعم من السيد رشيد عبد المجيد وزوجته السيدة نازلي خليل
مع ملاحظة (هذا الكتاب يوزع مجانا)
جميع حقوق الطباعة والنشر محفوظة للسيدة:نازلي خليل علي “أم فؤاد”.
في الصفحة السادسة تقول (المدققة):
عندما تجتاحك طفولة ممتلئة بالاستلاب ومتأزمة بتلاشي أقدار قريتك
…….
عندما تنُفى من الوطن
عندما تسجن عصافير كلماتك
……
عندما تتأمل تجاعيد وجه متمرس بالعشق..
عندها اعرف أن ثمة جمال علينا البحث عنه وكشف أسراره
هذا مثل حامد بدرخان حيث كشفت أسراره من شفاه كوردية مزهرة في النضالين الفني والأدبي ،مفعمة بالفكر والمعاناة والصيرورة العتيدة إلى الإنسانية.
كليعزار عبدالرحمن ولو
وأما في الصفحة السابعة فان (ماجد محمد) يقول من بعض ما يقول:
بعد سؤال أو تساؤل يضعه عنوانا : حامد بدرخان كيف نقرأه.
“التساؤل أعلاه برسم قارئ اعتاد على نهل الشعر من معين واحد،مختزلا ربيع القصائد في لون واحد،مرتشفا رحيق المعاني من معنى واحد،لهذا نطالبه بالانعتاق من القالب الواحد،وألا يتشبث بأحاديته القراءاتية لأنه هو نفسه أكثر من واحد…”
ولكي يشرح المناخ الشعري للشاعر حامد بدرخان..يمضي في القول:
“…والقاعدة التي ينطلق منها إضافة إلى الحقل الذي عمل فيه- ويعني الشاعر بدرخان- بتجربته الكتابية،والعصر الذي ظهر فيه وعبر عنه وذلك من خلال الرؤى والأفكار والتصورات والمواقف التي جادت بها قريحته ،وذلك تأكيدا لقول بابلو نيرودا: بان ا لشاعر يجب أن يكون إلى حد ما ..مؤرخ عصره([i]).لذا فإنه إبان فترة المد الثوري والواقعية الاشتراكية……وكانت القصيدة عنده وسيلة لتغيير العالم.. وذلك تأكيدا لما ذهب إليه الشاعر الفرنسي جاك بريفير ورأيه:بأن على الشعر أن يعبر عن رؤيتنا للعالم بلغة الحياة لتبلغ أكبر قدر من الناس،وليتناقلها اكبر قدر من الناس،ولتزيد في وعي اكبر قدر من الناس. لذا فإن حامد لم تُثره السريالية بقدر ولعه واكتنازه بالواقعية،كما انه لم يبحث في حياته عن سبيل الارتزاق الشعري،ولا تمنى أن يكون شاعر بلاط،وإنما كان مصدر افتخاره هوانه شاعر البروليتاريا بامتياز،لهذا كان نقيا كالماء ،صريحا كدوي مدفع،ولعله من خلال بوحه الواضح وصراحة جمله،جاء من يتململ من نفسه الشعري….”
“إن ثمة مفاجأة سيبديها المتلقي عند تناوله لإحدى الدواوين في المجموعة الكاملة من خلال اللغة الجديدة والأسلوب المغاير الذي لم يعتدها القارئ قبلا في قراءته السابقة للشاعر.فتهيأ إذن أيها المتلقي المحصّن واحترس لأن ثمة متحوّل سيزيح الثابت لديك ويتربع مكانه في ذاتك؟”([ii]).
وفي المقدمة التي تبدأ بالصفحة 9 وتنتهي بنهاية الصفحة 14 نقتطف مما يقوله: محمد جزائر حمكو جرو- وهو أيضا من عفرين -شيخ الحديد-:
” قد يكون من اليسر قراءة ما ينجزه الآخرون،بقدر ما يعسر عليهم تأليفه وانجازه([iii])، تسهل جدا أن يلفظوا ما شاؤا من الكلام بقدر ما يستعصي عليهم تركيب جملة مفيدة من الكلام. فكم من الكلام ليس له مغزى،وكم من الكلام للروح غذاء،ولطالما بالكلام تعرّف الأشياء،كل الأشياء،فأتمنى أن أحسن الكلام عن الشاعر حامد بدرخان في تمهيدي هذا لأعماله العربية الكاملة.والكلام عليه يطول إذا ما سردنا تفاصيل مسيرته الأدبية والشعرية.والأحداث التي مرّ بها وسجل حياته الحافل بالتجارب السياسية والإنسانية، فضلا عن الإبداع والفن والكتابة، وما عاناه من الغربة من ا لوحدة والصراع الفكري في فترة كانت فيها حرب تليها حرب، وانقلاب يعقبه انقلاب………ومما لا شك فيه بان حامد بدرخان من الأسماء المرموقةـ ومن الشعراء السوريين البارزين،ورغم ما نشر له الكثير من القصائد في صحيفة تشرين السورية الرسمية،وما قد بثته إذاعة دمشق في برامجها الصباحية من أشعاره،فإن القدر كان ينطحه طوال حياته بسبب ارتدائه اللون الأحمر([iv]) الذي لم يخلعه أبدا.”
“وبما أن حامد بدرخان لم يكن كعامة الشعراء الذين يودّون أن يصفق لهم من لا يفهمهم في الأمسيات الشعرية حتى يذكرهم التاريخ،فقد كان يشكر ويصفق هو في قصائده لكل من يستحق الشكر والتصفيق،شاعرا كان أم عاملا،فلاحا كان أم مثقفا، أم سياسيا كان أم مناضلا،وكل من كان يؤدي واجبه في حياته تجاه وطنه وشعبه….
“أحب دمشق ولياليها…..أحب اسطنبول وضواحيها…اشتاق الى (قرقخان) وتمنى العودة الى من فيها،أحب كل القرى والمدن في العالم،وتمنى الحرية لقاطنيها،في إحدى قصائده يجعل نفسه إبرة بيد نساء فيتنام كي تحن بها ثوب الثائر والمقاتل،وفي قصيدة أخرى نراه يزرع زيتونة كي يأكل منها مناضل من يافا،وفي قصائد أخرى يزغرد لأطفال فلسطين،ويصفق لشعراء أمثال” معين بسيسو ومحمود درويش وغيرهم”وكم غنى لأطفال شيخ الحديد وللمقاتلين في الجبال،بكى على أرواح الشهداء في العالم وفي حليجه خاصة،وحزن كثيرا على غياب (بوشيكن،ناظم حكمت،لويس أراغون،جلادات بدرخان،ممدوح سليم،عزيز نيسين،نوري ديرسم،علي عبد الرحمن،جيكرخون، محمد وسامي الجندي،منذر وخالد الجندي، سعيد حوراني) والكثير من أمثالهم من الكتاب والشعراء والأدباء في كل بقاع الأرض..”
“لم يتقيد الشاعر حامد بدرخان بالبحور والأوزان والقوافي كما نراه وكما ذكره في إحدى القصائد،لأنه لم يكن يهم شكل القصيدة وزينتها بقدر ما كان يهم أن يفسّر ويحلل الواقع بأفكاره الماركسية تحليلا موضوعيا….”
“كان شاعرا واقعيا….وأبدع الشعر بأربع لغات بأسلوبه الفريد في تقديم وتأخير الجمل التي تميز بها، وترك لنا من إرثه قرابة ثلاثين ديوانا من الشعر، منها:
– خمسة عشر ديوانا باللغة التركية
– واثنين منها باللغة الكردية،صدر الأول عام 2006 تحت عنوان “شي” والثاني عام 2008 تحت عنوان”سدورا جيْيانِه”.
– وأحد عشر ديوانا باللغة العربية جمعناها في هذا المجلد،بالإضافة الى مذكراته المفقودة التي لم تر النور بعد”
“ولد الشاعر حامد بدرخان سنة 1924 في قرية شيخ الحديد “شيْيّهِ” التابعة لمنطقة عفرين محافظة حلب…,التي سماها شاعرنا فيما بعد بصومعة الفكر.اسمه الحقيقي هو حميد بن مراد بن حسن خضر،هاجر حميد الى تركيا برفقة والده وأفراد أسرته وهو طفل صغير،حيث استقروا في منطقة قريبة من الحدود مع سوريا تدعى قرقخان،دخل مدارس تلك المنطقة الى أن حصل على الشهادة الثانوية ثم انتقل الى اسطنبول لإتمام دراسته فدخل الجامعة ودرس في كلية الآداب إلى أن نال إجازة في الأدب التركي،كما درس اللغة الفرنسية في إحدى معاهد اسطنبول حبا للعلم،حتى ذلك الحين. بنى علاقات كثيرة وأصبح له أصدقاء كثر نذكر منهم الشاعر(ناظم حكمت،عزيز نيسين،عابدين دينو،صلاح عدولي،وأستاذه ممدوح سليم)….وكان ثمرة تفكيرهم تأسيس الحزب الشيوعي التركي آنذاك.
“عمل محررا في جريدة”غونايدن”….سافر الى فرنسا…” ثم عاد وتنقل بين سوريا وتركيا الى أن استقر في دمشق و”تعرف على الكثير من الأدباء والسياسيين والشخصيات المرموقة،نذكر منهم: الأمير الراحل (جلادات بدرخان)الذي كان هاربا هو أيضا من ظلم وطغيان النظام التركي،الشاعر(جيكرخون،الدكتور والأديب نور الدين ظاظا والسيد رشيد حمو) وغيرهم من الكتاب والمثقفين الكورد الذين كانوا قد عانوا نفس ما كان يعاني منه الشاعر(حميد أراغون)ومن الذين رحبوا به ونالوا ثقته أيضا تذكر منهم: (علي الجندي ومحمد الجندي،سلوى شحادة وناديا الجندي عبد الرزاق عيد،ووحيد استانبولي وحنا مينه ونجاح عطار)وعدد كبير من الساسة والمثقفين العرب.
“ففي دمشق وفي إحدى جلساته مع الأمير جلادت بدرخان وبينما كان يروي قصته المأساوية له وعلى الفور عرض عليه الأمير تغيير اسمه من حميد أراغون الى حامد بدرخان حتى لا يراوده الخوف من ملاحقته وكان شرفا عظيما له بأن ينال هذا اللقب….”
وتعرف الشاعر الى الأستاذ رشيد عبد المجيد الذي علمه اللغة العربية وقواعدها
“وكان يقضي أكثر أوقاته في حلب حيث منزل صديقه رشيد عبد المجيد المنزل الذي تحول فيما بعد الى ملتقى للأدباء والفنانين والفضل يعود إلى زوجة الأستاذ رشيد السيدة نازلي خليل ..وكان للسيدة نازلة خليل الدور الأساسي في بلورة مشروع حامد الشعري واستمراره في حياته الإبداعية…حتى قام هو الآخر بإهدائها ديوانه الأول “على دروب آسيا” الذي صدر عام 1983…..وترك لها تفويضا بأحقية التصرف الكامل بكل ممتلكاته وأمواله وبطبع ونشر كافة أعماله الشعرية …وتكفلت بمصاريف طبع أعماله الشعرية الكردية منها والعربية والتركية على نفقتها الخاصة.وهي تدرس إمكانية إنشاء مكتبة وحديقة حضارية تليق بالشاعر في مكان دفنه في مسقط رأسه بشيخ الحديد..”
وفي الصفحة 16 :
الإهداء:
إلى بريق الخجل الذابل في عرق الزهور والسفر..
الى الدروب البعيدة خلف الأفق المصلوب بعيون الأمهات..
إلى التي أستكين بحنان عينيها..
ودفئ كلماتها ووهج عطف الأمهات..
الى التي أقرأ بوجهها سر الأمهات اللاتي ذرفن دموع عودة الغائب..
إلى خارطة أشيائي..
وأغاني وحدتي بين أحزان الوحشة والضياع والسفر..
إلى رجفة ابتسامتي حين تعانق ابتسامة الأطفال..
وابتسام البؤساء.
إلى من دفنتها في جسدي ذاتا غريبة خلف دروب حناني..
إلى الذات..
وأغنيات الدموع..
اهدي من خلف أصداء حزن ملايين السنين
أرقام مبعثرة في أغنيات الدموع..
حلب 11/3/1978
إنه الإهداء الذي بدأ به ديوانه المعنون ب”ديوان تامار”…و يقول الكلمات التالية:
تمارا
اليوم أبصقك دماء السل..
لأبحث عن عتمة ..
أو ضوء أو..و..أو..
لخلق اسم تمارا عليها
وأبدأ بحث الذات من جديد.
2/10/1978
ونختار القصيدة التي عنوانها “المزمار الضائع” والتي تزين الصفحة 20 من الديوان الكامل..:
بالأمس قالت لي فتاة..
بأنني بحاجة الى حب حقيقي يتفوق على الذات والريح..
بحاجة إلى من تدق أوتار حناني..
أجبتها باللامبالاة..
بالطبع لأن الحب الأبيض لم يعد له من وجود
نعيش في صدورنا..
ونعشق التفلت من إزار الواقع..
ونلعن الشقاء..
ونتغنى الحزن أغان للدموع..
أظن بان الإنسان حاجته الى الحزن كدفء وليد الأمهات..
ولقمة الخبز..
أسرد الأمس في ذاتي..وأغيب عن وعيي..
فأراني كم كنت محتاجا الى تامارا حقيقة..
تهبني حنانا فقدته سنينا في عتمة النور..
حقيقة تفجر بي كل الثورات الرفض..
تزرعني سنابل قمح تسقيها عرق المتعبين
وأنات المحرومين وآهات الجائعين..
· الديوان “حامد بدرخان الأعمال العربية الكاملة شعر” ينتهي بالرقم 949 في نهاية آخر صفحاته التي تحتضن كل ما كتب فيه لتضاف إليها صفحتان فارغتان وصفحتا الغلاف السميك وصفحتان من الورق الصقيل و الملون بالأحمر حيث تزين الصفة الأولى منها عنوان الديوان وفي الصفحة الأخيرة آخر ما كتب الشاعر وبذلك تصبح الصفحات جميعها 955 صفحة هي كل صفحات الديوان .
وفي الصفحة الداخلية الأولى كلمات بخط اليد-ويبدو انه بخط يد السيدة نازلي .(.فهي تبدو أحرفا خطتها أنامل نسائية رقيقة-محمد قاسم):
إهداء
إلى الكاتب محمد قاسم المحترم
بالتفويض من الشاعر الراحل حامد بدرخان
نازلي خليل علي رشيد عبد المجيد
أم فؤاد أبو فؤاد
التوقيع
حلب 5/9/2009
وأما آخر ما كتبه الشاعر ومدون في الصفحة الحمراء الصقيلة الخارجية والأخيرة فهو-الى جانب صورة الشاعر-:
تعبر الرياح من حارتنا
وتعبر الأيام من العمر
ولكن الأصدقاء..
يتركون الآثار والبصمات العميقة
في القلب..
وعلى جدار التاريخ
ومن حولنا يدور الأخطبوط
من البحر الهندي
ومن سهول الأناضول وجبال طوروس
والموصل وسنجار
وفي الجنوب..وفي أرضنا المحتلة
مرت لحظات..ولحظات
لا أريد أن أعيش
على حساب الآخرين
أريد أن أموت بريئا
وليس قاتلا
أنا من الهنود الحمر
أنا من فلسطين
أنا من سلفادور
أنا من ديرسم
أنا من مهاباد
أنا من شقلاوا
أنا من بريتوريا
من تشيلي…
اكره كل أولئك الذين
يسرقون ارضي وخيراتي