«مأساة ممّي آلان».. جديد القاص والروائي محمد باقي محمد

      بعد صمت دام اثنتي عشرة سنة ، صدر للقاص والروائي محمد باقي محمد مجموعة قصصية جديدة عن دار التكوين في دمشق بعنوان ” مأساة ممّي آلان ” ، لتتوزّع قصص المجموعة الست على ما ينوف على المئة صفحة من القطع المتوسّط ، ولتتناثر موضوعاتها بين الإنسانيّ في أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، الاجتماعي إذْ ينعى فواتاً لافتاً ، والاقتصادي في مُشكلاته العالمثالثية .. الموضوعي منها والذاتي ، ما يحيل إلى مفردات ذات علاقة بتدني دخل الفرد ، أو بظاهرة الفقر ، والثقافي في ذهابه جهات مُجتمعات لا تقرأ ، من غير أن يتلاشى السياسي ، وإن كان الحديث عنه إلماحاً ذا إيحاءات شتى !
    وفي هذا كله كان التجريب حاضراً بقوة ، ثمة لعب على الفني إذن ، فمن تعدّد الأصوات والضمائر إلى التقطيع الفني ذي العناوين الفرعية ، في الإحالة إلى لوحات منفصلة ومتصلة .. متوالجة ومُنمفصلة ، ومن قصة الحدث برصانتها المعهودة ، إلى قصة اللحظة في تماهيها مع الشعري مقاماً ومقالاً ، ناهيك عن حضور ماقبل الأدبي من أهزوجة وأغنية ومثل وأسطورة لتأسيس التفرّد عبر التوكيد على المُخالف والمُغاير ، أو مزج الواقعي بالمُتخيّل ، أو استحضار التاريخي لالتسجيله وتوثيقه بل لاستلهامه واستنطاقه ، وتفكيك محدداته ، أو الاستدلال على قوانينه الناظمة ، ودوائر مراميزه المُتسعة باستمرار ، وفي هذا وذاك ثمة رمزية غنائية ثرّة ومُتباينة ، وزمن يجمع التقليدي الفيزيائي ، الذي تنسال سيالته من الماضي نحو الحاضر فالمستقبل ، إلى أشكاله الحديثة كالمنكسر أو الدائري ، الذي عرفته العرب قديماً ، ولغة تجمع التعبيريّ الدال ، المشغول بدلالة اقتصاد لغويّ صارم ، إلى المُجنّح ذي الأفياء والظلال والتوريات !

    خطوة أخرى نحو الأمام يخطوها قاصّ أوثر عنه ميله إلى التجريب والتجديد ، ومجموعة أخرى تحمل الرقم أربعة على قائمة مجاميعه القصصية ، إلى جانب رواية يتيمة ما تزال ، فهل ستحمل لنا قادمات الأيام نتاجاً روائياً آخر يضاف إلى اشتغاله الخاص على القصة والرواية ، إضافة إلى شغله الإجرائي في مجال النقد !؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…