شجرة الدلب: ديوان شعري جديد للشاعر ( كونى ره ش)

 عن دار الزمان للطباعة والنشر بدمشق  صدر حديثا ديوان ( شجرة الدلب: من الشعر الكوردي الحديث), للشاعر والكاتب الكوردي ( كونى ره ش), المترجم من اللغة الكوردية إلى اللغة العربية من قبل الشاعر عماد الحسن.
وهو الذي قام باختيار القصائد من مجموعات الشاعر كونى ره ش الكوردية.
قصائد الديوان تدور في فلك وجدانيات الشاعر الصادقة عبر  رؤية كونية وشمولية في آن, دون أن ينسى معاناته الشخصية ومعانات شعبه المقهور…وهي حسب المترجم : قصائد صيرورة وليست قصائد مرحلة:
في ( شجرة الدلب) تنهض قصائد الشاعر( كوني ره ش) من أقصى تجليات فضائها الإنساني لتصب في بلورة كل ما هو صيروري عبر تركيبة مفادها التأويل نحو خلاصة التكوين في بعدها الأعم .
و هي إذ تخاطب الأسماء والأماكن والأشياء من حولها عبر نوستالجيا مقننة ومدروسة، تحرص في الجانب الأهم إلى إسقاط الضوء على ماهية حيثيات ما يتوهج من إدكارات مؤلمة وموحية في الذات الإنسانية قاطبة، عبر علاقة ترابطية بين الذاكرة والرؤيا بجدلية محكمة ومتينة .
إنها قصائد تسافر صوب الحياة، منها وإليها، وهي لهذا – ربما- تفتش عن سديمية خاصة بها، وعامة بنا، حين يجزم من خلالها الشاعر ليقول لنا كلاماً مفاده:
” ليس مهماً
أن أقول لكم كلاماً معسولاً
و أنْ تردوا علي بمثله.
المهم :
-أن نحافظ على استمرارية
الشيء المفيد والأجمل
في هذه الحياة  ”

– ما يهم الشاعر يهمنا أيضاً، حين نصافح أدلجة وتهاويل حياة مبتورة الظل من حوله، هذه الحياة التي لا يعتبر الشاعر نفسه فيها ضيفاً خفيف الظل، والسبب يؤول إلى الجدلية المؤسطرة في بلاهة كل ما هو متناقض ومتجانس، رغم توبيخ وتقديم تراكمات حياتية ثرة، منذ أول خطوة ارتكبها الشاعر إلى آخر خطوة له على دروب هذه الحياة المنشودة:
” عابرٌ أنا  …
عابرٌ منهك القوى
بين مفارق وطرق هذه الحياة .”

لكن، في النتيجة تقاس طقوس هذه الحياة بقدر لذتها ورونقها، رغم الكبوات والمحن والآلام، فمحبة الحياة نتيجة انعكاسية لصمت دؤوب، ولصدمات قاسية لها عويلها الموحش والطويل بين مواجع القلب المدمى، وتباريح الآمال المندملة، رغم لوعة الفجائع القصية وهسهسة المعاناة الجلية، ورغم كل شيء، لا يكف الشاعر عن مواصلة الحياة:

” الكبوة تلو الكبوة
معضلة
لكنها تبقى وشماً
نتيجة حب الحياة
و تواصلها ” .

إنها لعبة طقوسية تلك التي يجيدها الشاعر بكل دراية وحنكة، فالوقوف على رجلٍ واحدة قد لا يجلب الملل أحياناً..؟!

(شجرة الدلب) هي عصارة قلب الشاعر كوني ره ش.
لنقرأ قصائد هذه المجموعة وما تيسر حولها من صراخ ٍ عديم الموج، عبر عذابات مجبولة بالدهشة والأنين، في غياب وهبوب ملهمته القصية, تلك الفاتنة التي يتباهى الشاعر بحضورها المائز وبعدها الجارح في آن معا.
لنحترق مع هذا الشاعر، ونتألم معه:
فعذابه عذابنا، وألمه ألمنا،
لنحس به، ويحس بنا،
لنصافحه بحب،
و لنقرأه بحب أيضاً .

وسبق أن ترجم للشاعر( كونى ره ش) من اللغة الكوردية إلى العربية ديوانه الشعري الأول (جودي جبل المقاصد ), ترجمة الأستاذ هجار إبراهيم عام 2004 عن دار الينابيع بدمشق.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…