يعرض أعماله في ألمانيا خليل عبد القادر يقتفي أثر الخراب في العالم

محمود عبدو

لأنّ اللوحة لعنته وبقاؤه وخيانته الأولى في آن, فها هو يعلن مجدداً ويكرر اللعنة والخيانة برسم لوحات تبهر الصالة الألمانية في مدينة هانوفر، وليعلن عن معرضه الجديد اعتباراً من 7/1 ولغاية 7/2/2010.
وتعدّ تجربة الفنان خليل عبدالقادر من التجارب السورية المميزة والمهمّة, متنقّلاً بفنه من عاصمة أوروبية إلى أخرى, وقريباً سيقيم تظاهرة فنيّة وحده في تركيا بخمسة معارض في الوقت ذاته في المدن التركية الرئيسية، وبلوحات تصل إلى أكثر من مئتي لوحة وبمقاسات كبيرة.  ويشير خليل عبدالقادر في حديثه لجريدة «بلدنا» عن تجربته ومعرضه الأخير بالقول:
 المرأة ثرثرتي، لأنّي فقدت الكلام.. لون ورديٌّ، وجلجلة الشمس لأخضرٍ بري، رعشة الأرض الظمأى وزوبعة من سؤال، وجهها منفى، وساقها غصن ياسمين، والحلم مساحة الفرح التي أنشر من خلالها إنسانيّتي، الحلم طاقة مفتوحة ألتقط من خلالها أحاسيسي، والفنان هو الوحيد الذي لم يُرسم له دور مسبق ليوقف المشهد، لكنّه المتهم بتهريب الحلم إلى هذا العالم المسكون بالفجيعة والخراب والألم، هو الوحيد الذي مزَّق كلّ الأوراق والقواميس، فاللوحة استيقاظ الأرض في أحشاء الفنان.. تجعله يهوى إلى أعماقه لتمتصَّ وحشته ووحدته. ويضيف خليل أنّه لم يبحث عن لغة ضائعة تجمع أحزان شخوصه، لذا فالقلق والانتحار كحجم الخراب تسافر معه، فكيف له أن يعطي حزناً بحجم الطعنات دون ندم.  وحول المدارس النقدية بيّن التشكيلي خليل أنّ المدرسة النقدية الحديثة ومصطلحاتها ودلالاتها لا ترتقي إلى مستوى أن يعمد الفنان إلى صبِّ اللون مباشرة على سطح اللوحة، لكي يؤلف هواء يدعى هواء، ربّما.. لكن لا أعلم، فأنا أرسم فقط، ربما تتحول اللوحة في الغد إلى إعصار فتهبط الشمس من عرشها موقداً أزلياً. وعن طقوس مرسمه؛ ذهب إلى أنّه حين يرسم فهو يشعل قناديل الطفولة والحنين مجرّداً المكان من ألوهيّته، يدخل الهواء عارياً من الباب، نصف حزين، وكأنه ضوء النهار يوقظني، فتنساب الرياح في عمى هذا الجسد في زوبعة قسرية، فالسكون أنثى هذه الرياح، فكم من لوحة بيضاء تخبّئ حجم السؤال. تتبارى فيها الخطوط ليرسم أقماراً، وكأنها عشب يابس ينتظر الثقاب.

 
خليل عبدالقادر من مواليد قرية حسي اوسو شمالي سورية 1955. حاز الجائزة الأولى للتصوير الزيتي في بينالي ـ مدينة نانت الفرنسية عام 2001. شارك في المهرجان الدولي للرسم الحر في مدينة أنجيه الفرنسية عام 2002، وحصل على منحة بلدية هيرفورد الألمانية لمدة ستة أشهر عن أكبر جداريّة رسمها للمدينة بارتفاع 4 أمتار وطول 16 متراً.. متفرغ للرسم، ويعيش في مدينة هيرفورد في ألمانيا منذ العام 1994.. أعماله موزعة في كلّ من نيويورك ”ارنوت ارت غاليري”، وكونست رامن غاليري في “نورنبرغ” في ألمانيا، وفي العديد من المجموعات الخاصة في مدن اوسنا بروك، وبون، ودوسلدورف في ألمانيا.. متزوج من الشاعرة السورية مها بكر، وله طفلان؛ ايفار وجوان، أقام معرضه الفردي الأول في المركز الثقافي في مدينة مصياف 1975، والمعرض الثاني في مدينة تدمر 1975، والمعرض الفردي الثالث في متحف حلب 1982، وفي العام 1991 المعرض الفردي الرابع في غاليري الجوشن في مدينة حلب، والمعرض الفردي الخامس في المركز الثقافي الإسباني في دمشق 1992، ومعارضه الفردية في ألمانيا، و1995 قاعة الكونشرتو في مدينة بادزالتسوفلن ـ ألمانيا، المركز الثقافي الدولي لثقافات العالم في مدينة هانوفر 1997، والمعرض الخاص لمناسبة مئة عام على تأسيس شركة أوبل الألمانية 1998، وقاعة البنك المركزي للفنون في مدينة هيرفورد 1999، ومتحف اريك ريمار المركزي في مدينة أوسنا بروك 2000، ومعرض في فندق ماريتيم الدولي في ألمانيا عام 2008، ومعرضه المقام حاليا في فندق ميلانيوم في هانوفر.

جريدة بلدنا 

23/01/2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…