مقابلة خاصة مع السيد صبري محمد أمين وأخيه سعيد ــ حفيدي الفنان الكبير المرحوم سعيد آغا جزراوي

مقدمة :

روي هذه القصة عن حياة الفنان الراحل سعيد آغا جزراوي عندما كان ابنه الحاج محمد أمين سعيد آغا على قيد الحياة في مدينة القامشلي وذلك في تاريخ 12.12.1986 وأخذ هذه الحقائق والمعلومات على لسانه ومن اناس عاشروه في جزيرة بوتان , وكل الشكر للأخ الاستاذ وليد حاج عبد القادر كري الذي جمع الكثير عن حياة سعيد آغا هذا العملاق وصاحب الصوت الجبلي الذي عاشر في عصره نجوم الفن الأصيل أمثال محمد عارف جزراوي وحسن جزراوي ومريم خان وكويس آغا وعيسى برواري رحمهم الله وتركوا لنا فنا أصيلا يمدح بهم في كل زمان ومكان ومن الصعب أن نسمع أمثال أصواتهم وبقوة عزمهم واخلاصهم للفن في هذا الزمن حقا أنهم كانوا عظماء
 
شفكر مع صبري وسعيد أولاد المرحوم محمد أمين سعيد آغا جزيري

حياة سعيد آغا جزراوي :
هو: سعيد بن محمد بن صالح بن سليمان الجزيري
مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بدأ  بروز الحس القومي والمطالبة بالاستقلال مع بروز اتجاهات طورانية تركية تطالب بالتغيير في وقت كان فيه العالم كله يمر بمنعطف ادت ازماته او بشكل ادق مهدت للحرب العالمية الأولى في هذه السنوات وفي منطقة بوتان الكردية العريقة بتراثها وفولكلورها …المدينة التي قاد منها البدرخانيون شعلات انتفاضاتهم القومية .. ومن مدارسها انطلق ابناء الأثير الجزيريين ومدارسها التي علم فيها ابن خلكان ..والتي ابدع فيها ملايي جزيري ـ والأصح سيدايي عشق و أفيني ـ اروع قصائده الشعرية ….. وكانت مرتعا لأحمدى خاني الخالد ومرقد مم وزين ولم تسلم من ابداعات ـ باتي ـ وـ ماجن ـ و ـ سيابوش ـ ولن ننسى ـ فقي طيرا ـ …هذه المدينة التي لملمت جراحاتها بعد تشتتهم ـ كان  للبدرخانيون دورا مهما ـ في ارجاء المعمورة ..هذه المدينة التي ظلت ولفترة طويلة ـ ولم تزل ـ شعلة للنضال القومي الكردي … نعم انها ـ جزيرا بوتان ـ … تلك الملهمة عشقا وروحا وطنية ملتهبة ..والتي اضحت محجة للفن والتراث الكردي ..ومرتعا خصبا لتأريخ صيرورة هذا الشعب بآماله وآلامه ..ولد المغني الكردي سعيد آغا الجزيري الذي شغل الكرد ـ فعلا ـ بصوته وملأه بأخباره وأسفاره ومصائبه المتلاحقة لردح طويل من الزمن وعرف سعيد آغا أنذاك كفنان ومقاوم ايضا للاستعمار الفرنسي ..
 
مولده ونشأته :
هو سعيد بن محمد بن صالح بن سليمان الجزيري لقب فيما بعد ب سعيد آغا جزيري .. ولد في بوطان حوالي العام 1905 ويقال بأنه ولد قبل هطول الثلج الأحمر بسنة تقريبا … عاش طفولته وقسم من شبابه في ربوع جزيرة بوطان ..لم يتلق اية علوم او ثقافة غنائية … ولخصوصية بوتان وطبيعتها الجملية الخلابة كان الشباب يخرجون على شكل مجموعات الى المرابع والحدائق المحيطة بالمدينة هذا يحمل دفا وذاك طبلا او اية آلة موسيقية فيصدح كل ما في جعبته من الأغاني .. وفي الرحلات المتعددة تميز بين خلانه بالصوت الجهوري الطيب والأداء المميز وأخذ يرتاد الأعراس والمضافات خلسة حيث يغني ويؤدي المقامات البوتانية .. ونظرا للوضع الاجتماعي السائد لم يكن الأهل ليسمحوا لأولادهم باحتراف الغناء وما لبث الخبر حتى وصل الى مسامع ابيه فدعاه الى البيت وهدده بعصاه التي كانت بيده قائلا : اسمعني الآن فوالله لو كان صوتك جميلا واداؤك سليما سأسمح لك بالغناء .. وال فوالله سأمنعك بحد هذه العصا … وهنا ملكته الحيرة والخوف … حيرة وخجل من الغناء امام الأب وخوف من الفشل ومعناه العقاب والمنع من الغناء ابدا ولكن لا بد من خوض الامتحان .. فأصدح يغني / احمدي ما لا موسي / .. وغنى بعدها اربعة اغاني متتالية وبين كل مقطع وآخر كان الأب يترنم مع ولده باعجاب … وعندما انتهى قال له والده : .. ان صوتك جميل واداؤك رائع وحرام ان تحبس هذه الموهبة فانطلق وغن اينما شئت ….

في تلك الفترة انتشر صوته في منطقة بوتان واعتبر من المؤدين المميزين للغناء الكردي .. تزوج من فتاة جزيرية اسمها ـ عدلي أو عدولي ـ .. استدعي للخدمة في الجيش التركي فآثر مع مجموعة من اصحابه الفرار من تركيا وتوجهوا الى العراق حيث استقروا في بغداد واخذ يبيع الشلغم / الشمندر السكري المسلوق / على عربية حيث كان يؤمن مصروفه اليومي … تعرف هناك على بعض من الكرد المحليين وبدأ يغني في الليالي مدعوا الى بيوتهم وعن طريقهم تعرف الى مسجل للأعاني حيث سجل له عدة اسطوانات لتنتشر اغانيه هناك ايضا … وفي بغداد هده الحنان والشوق لزوجته فغنى الأغنية المشهورة ولتدمغ بطابعه واحساسه / أري .. أو .. هه ري عدولي .. / وبدأ يستعد للعودة الى بوتان الا ان الأخبار وصلته عن موقف السلطات التركية منه وان اعدامه لا مفر منه لذا آثر الذهاب الى / سورية / المستعمرة من قبل الفرنسيين واستقر الوضع به في ديريك التي كانت قد بدأت تعمر حديثا … احتار بداية ماذا سيعمل ليكسب رزقه خصوصا وقد نوي ان يستقدم زوجته واطفاله من بوطان … في ذلك الوقت فتحت فرنسا باب التطوع للسكان المحليين للتطوع في ـ الجندرمة ـ الدرك المحلي فتطوع فيها واستقر في قرية / كري كرا / لمدة اربعة سنوات توفيت خلالها زوجته عدولي وبقي الأطفال لوحدهم فاستقدم حماته الغنية من بوطان التي آثرت بدورها البقاء عند احفادها …. وفي احدى الليالي قدم لص الى داره للسرقة فاستيقظت العجوز على حركاته داخل المنزل فصاحت باللص الذي ابتعد قليلا ولكنه عاد بعد قليل لتصيح فيه من جديد ويبدو ان اللص قد زال عنه الخوف ومع اصرار العجوز على الصياح هرب من جديد وهنا ايقظت سعيد وأخبرته على وجود لص في الدار فأخذ بندقيته الفرنسية وكمن للص الذي عاد من جديد فاطلق عليه سعيد النار وقتله .. وتوجه سعيد الى الضابط الفرنسي وشرح له الوضع فطلب منه الضابط ان يدفن القتيل … و … اخذ اولاده للسكن في ديريك … ولكن من اين له البيت فلا مساكن للأجرة … اذن ما العمل ؟ .. قالت له حماته أنها ستشتري من مالها ارضا وستبنيه شريطة ان يسجل هذا العقار باسم احفادها فقط … رضي سعيد بذلك … وفي تلك الفترة كانت ديريك قد بدأت تخطو خطواتها لتصبحبلدة فكثرت فيها المحلات التجارية وكونها أضحت في بقعة مهمة حيث المثلث الحدودي والذي افرزته اتفاق سايكس بيكو ودول ما سمي ب / سورية والعراق وتركية / فقد قام سعيد آغا ببناء عدة محلات تجارية وفرن * في أرضه وبدأت احواله تتحسن يوما بعد يوم وعندما شعر بعدم حاجته الى الوظيفة استقال من الجندرمة وتزوج من ديريك وانجبت له زوجته الجديدة سبعة اولاد لم يبق منهم احياء سوى ابنة واحدة …. ورغم مشاغله الكثيرة لم يترك الغناء … وفي يوم مشهود له في ديريك روى شهود عيان كثيرون بأنه قدم في احد الأيام جنرال فرنسي الى ديريك وقدمت العشائر لإستقباله والسلام عليه وامتلأت ديريك بالضيوف والزوار فامتلأت الفنادق وضجت المقاهي بالرواد وفي المساء خطر بباله الغناء فصعد الى سطح الدار وترتل بأغنية / أحمدي مالا موسى / وروي حينذاك بأن اهالي قرى / كري كرا ـ كاني كرك ـ بورز ـ بازندان ـ بانه قصر ـ كانيا نعمي ـ كرزرك … / كانوا يتسمعون الى غنائه والى صوته الجبلي  
 … وخرج جميع زوار المقاهي والمطاعم من اماكنهم الى حيث بيت سعيد لسماعه … بعضهم دفع الحساب وبعضهم لم يدفع حيث هرع اليه اصحاب المقاهي مترجين منه التوقف عن الغناء ولكنه رفض فعرضوا عليه ربح الليلة مناصفة ولكنه ابى … وبقي الناس يستمعون اليه الى ساعات متأخرة من الليل ….

 ديريك اثناء الحرب العالمية الثانية :
 
في هذه الأثناء كانت فرنسة قد شدت قبضتها على كامل ـ ما يعرف ب ـ سوريا اليوم … وكان الوضع في الجزيرة هادئا آنذاك … وعندما سقطت فرنسا واحتلتها جيوش هتلر واستلام فيشه الحكم ومن ثم تعيين احد اعوان النظام الجديد في سورية ومن ثم التحول الأوتوماتيكي للعملاء الى النظام الجديد …وكانت الأخبار تصل الى ديريك آنذاك من خلال نشرات ومطبوعات الجيش الفرنسي وذلك عن ابادة الجيش الألماني للبشر وكذلك اخبار اندحارهم على الجبهة السوفيتية …. وحين سقوط حكومة فيشب ومن ثم استلام الديغوليين للسلطة التي امتدت الى المستعمرات ايضا … كانت الحركة الوطنية المقاومة للاحتلال ـ آنذاك ـ قد اشتد ساعدها والوضع الدولي لا يسمح لفرنسا بادامة انتدابها لذلك لجأت الى خلق المبررات لبقائها وذلك بزرع الفتن عن طريق عملائه فاستغل التفاف بعضا من ضعاف النفوس من المسيحيين حولهم وبدأ يستغل مآسي الفرمان المدان جملة وتفصيلا ذلك الفرمان المفتعل من قبل السلطات العثمانية مثيرا بذلك مشكلة طائفية والتي كانت في الأساس صراع بين الوطنية آنذاك وعملاء الاستعمار وازلامهم … صراع بين المطالبين بالاستقلال وبين المؤيدين لبقاء الأجنبي على ارض الوطن … وخطت فرنسا خطوات عملية في مشروعها فبدأت تنظم عصابات سرية للمسيحيين تمدهم بالسلاح سرا وتمهد الطريق امامهم لتوجيه ضربات الى نواة الحكومة الوطنية الفتية فتم استقدام كافة عناصر الدرك المسلمين بحجة اخضاعهم لدورة تدريبية حيث اوعزوا الى عملائهم بالهجوم عليهم وهذا ما تم فقتل من قتل وجرح من جرح ومن ثم تم الهجوم على المخافر ايضا … وعندما تبين للفرنسيين براعة عملائهم بالفتك امدوهم من جديد وعلانية بالسلاح والمال وطلبت منهم توسيع حملتهم لتشمل الكرد … وفعلا فرز تماما الوطني من اللاوطني وبدأت عصاباتهم تهاجم القرى الكردية وتنهب ممتلكاتهم ونظرا لمساعدة السلطات الفرنسية لهم لم يتمكن الأهالي من التصدي المستمر لهم فهجروا ديريك باتجاه ـ قزه رجب ـ ومنهم سعيد واولاده حيث كان اخوه ـ صبري ـ قاطنا بالأساس هناك …. ونتيجة لهذه الاضطرابات المفتعلة من قبل الفرنسيين واصرار الوطنيين على انسحاب القوات الفرنسية وامام امتناع الأخيرة دخلت القوات الانكليزية من العراق كالجراد الى المنطقة وهنا انتقل اعوان فرنسا بتبعيتهم الى العمالة لصالح الانكليز والتي كانت عليها ان تهب لوقف النهب والاعتداء الممارس .. بدلا من كل ذلك دخل الانكليز طرفا لمساندة عملاء فرنسا بالأمس ونتيجة لتمسك الكرد بالموقف الوطني واصرارهم على رفض الاحتلال من اية جهة وتمسكهم بالحكومة الوطنية في دمشق فقد رأى الانكليز توجيه ضربة الى مركزهم في ـ قزه رجب ـ وفعلا توجهت المدرعات الى هناك التي قصفت البلدة بلا هوادة وفر اهلها الى جميع الاتجاهات منهم من فر الى تركية ومنهم الى ارياف ـ جل آغا ـ ودخلت القوات الانكليزية البلدة حيث اكملت تدميرها وذلك بحرق البيوت والممتلكات بالنفط والنار وكان نصيب سعيد آغا الفرار الى قرية ـ كيشكي ـ عند صالح عبدي بن مرعى آغا ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل توجه الانكليز عن طريق اعوانهم الى الريف بحثا عن الوطنيين وعلموا بأن سعيدا ووطنيا آخر يدعى صوفي إبراهيم وشخصين آخرين محتمون في قرية كيشكى فأرسلوا قوة الى هناك للقبض عليهم حيث سلمهم صالح عبدي وتوجهوا بهم الى ديريك وكان الاعدام مصيرهم حتما اسوة بغيرهم لولا حادثة عكرت صفو الانكليز وأعوانهم حيث وجهت دعوة لصالح عبدي بالتوجه لمقابلة الكابتن الانكليزي ومباركة قدومهم وقرر صالح عفدى تلبية الدعوة للاستطلاع وتبيان نوايا القادمين الجدد وتوجه لذلك بصفته زعيما لعشائر / آليا / ويبدو ان الانكليز وبمعاونة عملائهم في قرية ـ حياكا ـ كانوا قد قرروا تصفية صالحى مرعى فكان الكمين المحكم هناك .. وما ان وصلوا القرية حتى احتفوا به ـ صالح عفدى آغا ـ كثيرا وأخذوا اسلحتهم منهم وقادوا احصنتهم الى خارج القرية وما ان قطعوها حتى انهالت الرصاصات ليسقط مرافق صالح قتيلا وجرح ولده وهج حصان صالح على صوت الطلقات واستفز منطلقا به بأقصى سرعته وتمكن صالح من انقاذ ولده الجريح وذهب به مباشرة الى القامشلي ومن هناك اتصل مع الكابتن الانكليزي وأنبأه عن تصرفه الدنيء وقررمن لحظته مقاطعة الانكليز …وهنا لعبت الاقدار دورها فقد اراد الكابتن ان يهديء الأوضاع قليلا فجلب الذين تم اعتقالهم من عند صالح لمحاكمتهم ولسوء الحظ كان المترجم سليم أفندي من أهالي ديريك حيث كان يترجم الأجوبة معكوسة من الكردية الى الانكليزية مثلا : أجب لماذا قاومت الانكليز ؟ .. أنا لم أكن املك سلاحا لمقاومتكم وكنت نائما حينما قصفتم ـ قزه رجب ـ ليترجم سليم أفندي الجواب على الشكل التالي : .. قاومت وسأقتل أي مسيحي يقع في يدي يبدو انكم نسيتم المذابح ..ليزداد الكابتن غضبا ولكنه لم يجرؤ على اصدار حكم الاعدام … وحكم بما يلي : .. السجن في دير الزور وغرامة 1500 ليرة لكل شخص .. وسيق سعيد آغا ورفاقه الى سجن دير الزور وبقيت زوجته مع اطفالها واطفال زوجها في كيشكي حيث مرت سنوات عجاف واخذ المرض والجوع يفتك بالناس وكان وباء الجدري والحصبة الأشد فتكا بالأطفال … معظم اولاده ماتوا جوعا ومرضا … بقي سعيد ورفاقه سجناءا سياسيين في دير الزور والمصيبة بقييوا أربع أعوام منسيين … حيث انه بعد جلاء الفرنسيين والانكليز من سورية لم يتمكن احدا من اطلاق سراحهم …في السجن تعرفوا على سجين من دير الزور وبعد ان عرف قصتهم دلهم على طريقة تمكنوا بواسطتها من تأمين الافراج عنهم وذلك بكتابة رسالة الى الشيخ سعيد العرفي الذي كان مفتيا للجمهورية ووطنيا آنذاك .. وتم ايصال الرسالة اليه من خلال الطعام الى الشيخ الذي ما ان استلم الرسالة حتى سعى لدى السلطات لاطلاق سراحهم ولكن ما من سلطة تجرأت على لن تأخذ على عاتقها قرارا كهذا لأنهم مسجونون بأمر المندوب البريطاني الذي كان مقره في بيروت آنذاك … وتوجه الشيخ الى بيروت ونال الموافقة على اطلاق سراحهم …واصر على الذهاب الى دير الزور وبعد ان اخرجهم من السجن لم يدعهم الذهاب فورا ـ وعلى حد تأكيد ابن سعيد فقد كان نهار خروجهم من السجن نهار الخميس فاصطحبهم المفتي الى الجامع الكبير وفي اليوم التالي بعد خطبة وصلاة الجمعة طلب الشيخ التبرع للمساجين المطلق سراحهم ..وبعد ذلك وزع عليهم المبلغ بالتساوي وسمح لهم بالانصراف  الى بيوتهم ….
 
عاد سعيد آغا الى ديريك واستقدم اولاده الى هناك ولصعوبة العيش توجه مع اسرته الى قرية / قاصتبانى / من قرى آليان تابعة لمنطقة ديريك وهي منطقة غنية بالماء وتمر بها ساقية متدفقة على مدار السنة ..وتوجه سعيد آغا الى مختار القرية / حسين عبدي / وطلب منه زاوية على ضفة الساقية ليزرعها ـ رزا ـ مناصفة فوافق هذا ولجدية ـ سعيد ـ في العمل بدأت أحواله تتحسن وبعد ان استقرت الحالة به مع اهله والمتبقين من اولاده … اشتاق الى ابنة أخيه الوحيدة خصوصا بعد فقدان صبري بعيد / حريق قزه رجب / حيث كانت تعيش في الموصل فتوجه الى هناك بحثا عنها ,هنا اجتمع مع ثلة الطرب من جديد ولعل اهمهم بالنسبة له صديقه ـ سالم عدي جزيري ـ وقالوا له بأن الاذاعة الكردية في بغداد تقلب الدنيا بحثا عنه وتوجه الى بغداد حيث سجل كل ما عنده من أغاني فولكلورية .. ولبراعته في الغناء والأداء لقبته الاذاعة ب / سعيد آغايي جزيري / حيث ان لقب الآغا ليست منزلة طبقية او لقب اجتماعي بالرغم من كونه من عائلة معروفة ومشهورة في بوطان …بقدر ما كان هذا اللقب ـ آغا ـ مرتبة له لبراعته في الغناء … وفي هذه الأثناء ترددت اشاعة قوية مفادها ان محمد عارف جزيري وحسو جزيري قد دعوه الى سهرة وأشربوه عقاقير ومواد كيميائية لتشويه صوته ولكن الحقيقة ـ وهذا ما جزمه ابنه بالمطلق ـ بأنه وخلال وجوده في بغداد كان السرطان ينهش بحنجرته وايقن بأن نهايته قد اصبحت قريبة لذا آثر العودة الى موطنه الأصلي بوطان … وهناك اخذوه الى ماردين للطبابة واجريت له عملية جراحية ولكن المرض كان قد فتك به فتوفي في بوطان عام 1957 ودفن هناك … وهنا لابد من التذكير بأن احكاما متعددة كانت قد صدرت بحقه من قبل السلطات التركية نتيجة غنائه القومي على كردستان وعلى قادة ثوراتها … ولعل من اهم هذه الأغاني : …….
هي فلك فلك هي زالم فلك كاني كوردستان كا بورجا بلك
ولاتى كوردا تف خيرو  بيرا  أليك معدنا و يك زيفو زير
وأغنية أخرى ينادي شباب الكورد:

رابن برانو رابن ز ولات را جان فيدا بن
وهناك اغنية غناها على كمال اتاتورك الفت عليه في الفترة التي كان فيه كمال ينادي بالمساواة بين الكرد والترك واعترف بحقوق الكرد وحين عودته الأخيرة وهو في حالته الصحية السيئة جلب معه تلك الاسطوانة وكان كمال اتاتورك قد مات قبل ذلك بمدة ليست ببعيدة وبعد دراسة الأسطوانة أعفي عنه شريطة الامتناع عن الغناء ولكن المرض كان سباقا لذلك …. ولم يكن سعيد مؤديا للغناء فقط بل كانت له اغنيات متعددة من كلماته والحانه ـ وان لم يستطع المرحوم ابنه محمد امين الجزم عن اي من الأغنيات التي الفها والده ـ وغنى من شعر جكرخوين وقوطرش ايضا .. ومن أغانيه المشهورة ……
 أغنية : شرى نادر بك
وهي في مرثية حاجي آغا الوطني الكردي من كردستان العراق .. الذي كان رئيسا لبلدية زاخو حيث تآمر الملك العراقي في قتله وارسل له طائرة لتجلبه الى بغداد وكان الطيار قد أوصي بأن يقفز بمظلته من الطائرة وفعلا نفذ ذلك وتحطت الطائرة ب حاجي آغا ….
أغنية على : ثورة شيخ سعيد
وأغنية على : شيخ عبدالرحمن كارسي
وهي عن بطولة الشيخ عبدالرحمن كارسي من بانه قسر قرب ديريك وتضحياته ابانة ثورة الشيخ سعيد …

وأغنية أحمدى مالا موسى
وهي اغنية قديمة من الفولكلور تسبق عصره ولكن كان لأدائه لها نكهة خاصة لتصبح طريقة اداءه نمطا جديدا لهذه الأغنية …

أعنية : شرى صوفي ابراهيمى كزالي
وهي عن النزاعات الداخلية بين العشائر كأن تقوم عشيرة قوية بمهاجمة اخرى صغيرة واستنجاد هذه بأخرى أقوى .. وهكذا …

أغنية :
هي فلك فلك هي زالم فلك كاني كوردستان كا بورجا بلك
وهي من كلمات الشاعر جكرخوين …..
 بدلا من خاتمة : ـ وهي من كلمات أخي نذير حاج عبدالقادر وجمله التي كتبها مذيلا هذه الأسطر التي تاهت مع تيهي في هذه الحياة …والتي ـ أي هذه الأسطر لربما كانت قد رحلت مع وفاة المرحوم محمد امين سعيد حمو ىغا الجزيري .. الا أن حب نذير لهذا العملاق في الغناء الكردي .. احتفظ بهذه الأوراق كما يحتفظ بجل أشرطة هذا المغني الرائع … يقول نذير وبخط يده :
 
روي ان مير جلادت كان في زيارة الى منطقة الجزيرة برفقة احد وجهاء الشام .. وبعد انتهاء جولتهم الذي رافقهم فيها سعيد آغا ..دعا هذا الوجيه سعيد الى الشام الذي لبى الدعوة حيث استقبل بحرارة من قبل مير جلادت والوجيه الشامي وفي المساء دعي الى حفلة كبيرة حضرها مطربون عرب ايضا وغنى معهم سعيد بلغته الكردية ورغم عدم فهم المطربين لمعاني الأغاني الا أنهم أبدووا اعجابهم الشديد بصوته وانغامه ….  وفي كل مرة كان مير جلادت يقدم فيه الى المنطقة يصطحب معه كل من المرحوم الشاعر والأديب ملا طاهر و ـ حاجي يوسف ميرزا ايرسي ـ وكذلك المرحوم سعيد جزراوي واحمد أوسي مستقلين سيارة جيب تويوتا لصاحبه الياس كرو وينطلقون من ديريك الى عين ديوار حيث تستغرق معهم الرحلة اكثر من ستة ساعات بالرغم من ان المسافة لا تتجاوز 20 كم  وهناك في عين ديوار يكملون يومهم في منزل او بمعية المرحوم حاج عبدالكريم من عائلة اوصمان افندي والذي انتخب لأكثر من مرة في البرلمان السوري …..
 لم يكن سعيد آغا مؤديا للغناء فقط بل كانت له أغنيات متعددة من كلماته وألحانه مثلا:
ــ ليلو ته ليلا منى
ــ هي ليو ليو ليو شهيا كوفندى ليو
ــ عدلى
ــ درويشى عفدي /  من التراث الشنكالي
ــ أحمدى مالا موسى
ــ هي فلك فلك هي زالم فلك كاني كوردستان كا بورجا بلك / من شعر جكرخون
ــ غنى على نادر بك , وهي في مرثية حاجي آغا الوطني الكوردي الذي كان رئيس بلدية زاخو حيث تأمر الملك العراقي في قتله فأرسل له طائرة لتجلبه الى بغداد , وكان الطيار قد أوصي بالقفز من الطائرة بالمظلة وفعلا نفذ ذلك لتتحطم بالجو
ــ غنى على بطولة شيخ عبد الرحمن كارسي,
ــ من بانا قصرى قرب ديريك غنى لثورة شيخ سعيد
برأي يعتبر سعيد آغا جزيري  من الفنانين الأوائل ذات الحس القومي والذي غني الأغنية القومية في باية القرن الفائت والذي ناضل وضحى من أجل فنه وخدمة شعبه , من أجل فنه ترك أهله وعشيرته وبوتان متوجها الى شنكال والموصل, لاحظوا عندما نسمع للمرحوم سعيد أغا جزيري نجد بأن نمط أدائه يختلف نهائيا عن الجزراويين بل يميل قليلا الى اللون الشنكالي [رأينا ابداعه و أدئه العظيم في أغنية درويشى عفدي ] ولم يكتفي الى هذه البراعة بل أسس له نمطا ولونا خاصا .
لابد أن نذكر المرحوم كويس أغا الذي كان أيضا صاحب صوت جميل ومميز غنى على شيخ محمود
ــ سمعت من والدتي أي [ أم شفكر] عدة مرات وهي تقول ونحن أهل كيشكى كنا نقضي أيام الشتاء بسماع المناضل صوفي محو الذي كان يروي لزواره ولأهل القرية روايات عن الثورات الكوردية في كوردستان تركيا وبنفس الوقت كنا ننتظر وبلهفة قدوم فصل الصيف لنستمتع بصوت سعيد آغا جزراوي,
قالت والدتي دائما بين حين وآخر ونحن نغرق بسبع نوم واذا بسعيد آغا جزراوي وبصوته الجميل القوي  يغني المواويل , صوت يعانق الليل الهادىء والنجوم لستفيق أهل كيشكى ويجلسون على اسطح منازلهم والنساء يهللن له حتى آذان الفجر.
سمعت أيضا من والدتي وهي كانت صديقة العمر لابنة سعيد آغا اسمها [ بهية ] وهي على قيد الحياة , قالت أن بهية كانت تملك صوتا جميلا لأنها كانت تغني لنا عندما كنا في المراعي أو عندما كنا نذهب الى الينابيع , اما ابنه محمد أمين والد صبري وحسب اقوال أهل كيشكى وهم يذهبون اليه لخياطة ألبستهم , قالوا أنهم كانوا يسمعون محمد أمين وهو يغني بعض أغاني والده معجبين بآدائه واتقان اللحن تماما , وعندما كان يحس بمجي الزوار كان يقف عن الغناء مخجلا , رحمه الله كان انسان مكافحا لعائلته ومشغولا بمعيشتهم , وبالمناسبة كان هو الخياط الاول في كل منطقة آليان .
محمد أمين له ثلاث صبيان وبنات وهم :
ــ صبري مواليد كيشكى 1957  رجل أعمال ويعمل في الزراعة و يعشق الفن ولكنه لا يغني
ــ سعيد مواليد1958 جامعي حاليا في السويد  , وهو يشبه جده المرحوم سعيد آغا وسمي باسم جده أيضا , وهو يعزف على التمبوة ويملك صوتا جميلا , وعندما نزور بعضنا البعض نعرض عليه الغناء فنستمتع بصوته الجميل وحركاته الكوميدية الممتعة.
ــ أحمد  مواليد 1960 يملك صوتا جميلا كان يقلد شفان برور في شبابه, ومع الاسف لم يتابعوا المسيرة الفنية .

خالد عيسى:عن الفنان الكردي سعيد آغا الجزراوي ـ1ـ

لعب و يلعب الفنانون الكرد دوراً هاماً في الصراع الذي يدور بين الشعب الكردي من جهة، و القوى المعادية له من جهة أخرى. ولذلك حاولت وتحاول القوى المعادية لهذا الشعب، و بكل الوسائل، الى الحد من نشاط الفنانين الكرد أو الى تحييدهم أو تهجينهم. لأن هذه القوى المعادية تدرك بأن الفنانين يشكلون رافداً هاماً من روافد الحركة التحررية الكردستانية. والاهتمام بالفنانين الكرد واجب قومي وضرورة سياية، وللأسف  لم ينل الاهتمام اللازم الكثير من الفنانين .     
و كانت، ولا تزال الدول التي تتقاسم الكرد و وطنهم تتعاون و تنسق سياساتها من أجل مسخ وجود الشعب الكردي و منعه من التمتع بحقه في تقرير مصيره بنفسه. و الجمهورية التركية، منذ تأسيسها ,لضرورات التوازنات  الاقليمية و الدولية، لم تخف عدائها لحركة التحرر الكردستانية. ولم تكتف الدولة التركية بقمع الكرد ضمن حدودها، بل طالبت، وتطالب حالياً، الدول الأخرى بقمع الكرد وملاحقة ناشطيهم.
فضلاً عن فضل الفنانين الكرد في المساهمة الكبيرة في نقل وصقل التراث القومي لشعبهم، فلقد لعب الكثير منهم دوراً نضالياً مباشراً على خطوط التماس الساخنة مع العدو. و من هؤلاء الفنانين المناضلين الفنان الكردي الكبير سعيد آغا الجزراوي الذي نكاد ننساه. وبالحقيقة لا أخفي على القارئ بأنني لم أكن أسمع به قبل الحصول على ملفه من الأرشيف الفرنسي في صيف عام 2009، وبعد ذلك سألت بعض الأصدقاء عنه، ثم قرأنا عنه مؤخراً مقالة للأديب الكردي وليد حاج عبد القادر, في عام 1936، سجل و وزع المغني
الكردي سعيد آغا االجزراوي اسطوانتين من الأغاني القومية. فاحتجت السفارة التركية في بيروت لدى ممثل
المفوض السامي الفرنسي في حلب، وطلبت منه منع هاتين الاسطوانتين وسحبهما من التداول، وذلك لأن المغني يروي فيها ثورة الشيخ سعيد و يدعو الى استقلال كردستان
سنعرض لكم  ترجمة  القسم الهام من هذا الملف

****
ـ الوثيقة الأولى ـ
الجمهورية التركية
السفارة
بيروت
ـ متن الوثيقة مكتوب بالفرنسية، المترجم ـ
رقم٢٣٦ ـ ١٢٧٧
ملحق ـ صور
مسجل في البريد الوارد للأمانة العامة لدى المفوضية السامية
بتاريخ ٢٣أيلول عام ١٩٣٦
برقم ٢٧٦٧
مسجل في مكتب الشؤون السياسية
بتاريخ ٢٤ أيلول ١٩٣٦
برقم ٢٦٦٣
بيروت في ٢١أيلول ١٩٣
الى السيد جاك مايير
الممثل العام للمفوض السامي للجمهورية الفرنسية
السيد الممثل العام
ان الشركة الشرقية للاسطوانات ـ سودواـ في حلب، قامت مؤخراً، برعاية المدعو سعيد آغا جزراوي، بتسجيل اسطوانتين للدعاية السياسية، والتي تُسمّع روايات انتفاضة الشيخ سعيد، و استقلال كردستان وفواصل شعورية غايتها اثارة المشاعر ضد وحدة الأراضي التركية لصالح كردستان.
تم ارسال هذه الاسطوانات الى تركية أيضاً. أرسل لكم صوراً منها، أرجو أن تتفضلوا بإعادتها إلي.
بأمر من حكومتي، أتشرف بلفت انتباهكم الى النشاط غير المشروع و المنهجي لللجنة الكردية و للمنظمات المماثلة التي، رغم المساعي التركية، لا تتوقف عن القيام بتصرفات مناهضة لدولة مجاورة.
أنا مكلف أيضاً بأن أطلب منكم التفضل بلمّ الاسطوانات المذكورة حيثما وجدت، و بمباشرة الملاحقات ضد الفاعلين، وبمنع أي تسجيل ذات هدف سياسي في المستقتل. سأكون ممنوناً منكم اذا تفضلتم باعلامي
تفضلوا، السيد الممثل العام، بقبول تقديري السامي
القنصل العام
خالد عيسى: عن الفنان الكردي سعيد آغا جزراوي-2-
عملت و تعمل السلطات التي تضطهد الأكراد و تتقاسم بلادهم، على محاربة الفنانين الوطنيين الكرد، عبر الإجراءات القمعية لإقصائهم عن الدور الطبيعي لهم في الحركة التحررية الكردية، و عندما تفشل أساليب القمع و الإقصاء تلجأ أحياناً إلى أساليب الاحتواء. و لكن كانت و لا تزال الأغلبية من الفنانين الكرد ملتزمين بالقضية العادلة لشعبهم المضطهد
و أثناء محاولة السلطات التركية الحالية في تحييد و استغلال الفنانين الكرد عبر أجهزتها الإعلامية ” ت.ر.ت. 6 مثالاً” عبّر الفنانون الوطنيون الكرد عن مواقفهم الوطنية، برفض العمل لدى الأجهزة التي تتنكر للحقوق الكردية و تشن حرباً مفتوحة ضد الشعب الكردي، و سيسجل لهم التاريخ مواقفهم إلى جانب شعبهم المضطهد، وسيخلدهم أبناء شعبهم، كما سجّل التاريخ  و خلّدَ الموقف المشرّف للفنان الكردي العظيم سعيد آغا جزراوي.
فضمن إطار التعاون و التنسيق المعادي للشعب الكردي بين السلطات السورية و التركية، تلقى الكثير من الفنانين الكرد في سورية عروضاً من الأجهزة التركية للتعاون معها، لكنهم اختاروا مكانهم بين صفوف شعبهم، ونذكر منهم الفنان خيرو عبّاس و جوان حاجو و خليل غمكين و و بافي طيّار وغيرهم من المطربين الوطنيين، إذ قال بافي طيار في رده على عروض السلطات التركية ” لو رصفوا لي الطريق بالذهب لما ذهبت إلى العمل في القناة التي تدار من قبل السلطات التركية”، وبذلك خلّد هؤلاء أسماءهم في سجلات المقاومين في معركة الوجود القومي و الحقوق المشروعة لشعبهم. أنا لست متخصصاً في الفنون و الغناء، و لكن ألاحظ تقصيراً كبيراً بحق الفنانين الكرد من قبل المتخصصين، فقلّما نجد دراسات عن أعمالهم الإبداعية، و قلمّا يتلقون الدعم الكافي لمشاريعهم الفنية. و كم من فنان عظيم لم نعد نسمع بهم بعد وفاتهم، فالمغني الكردي الوطني جميل بافاوي الذي نشد في شمال كردستان و غربه، ولأكثر من نصف قرن، شجون الكرد و أفراحهم و آمالهم، و نقل إلينا بصوته الجبلي الخارق الكثير من الملاحم البطولية للشعب الكردي، بعد و فاته، لم نعد نسمع به، و على حد علمي المتواضع لم تتم أية دراسة عنه و عن فنه.
في هذه الحلقة، نترجم و نعرض وثيقتين متعلقتين بموضوع مطالبة السلطات التركية للسلطات الفرنسية بمنع اسطوانتين غنائيتين للمطرب الكردي سعيد آغا جزراوي. الوثيقة الأولى هي مذكرة مرسلة من المكتب السياسي لدى المفوضية السامية للجمهورية الفرنسية في سورية و لبنان الى مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، و الثانية هي عبارة مذكرة جوابية على المذكرة الأولى.
****
      – الوثيقة الأولى
–    من المكتب السياسي
–    رقم 8405
مذكرة إلى السيد مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة
بيروت الخامس من شهر تشرين الأول عام 1936
الموضوع
: اسطوانات دعاية موالية للكرد معروضة للبيع في حلب
أرسل لي القنصل العام لتركية في بيروت صورتين تتعلق باسطوانات وضعت في التداول من قبل الشركة الشرقية ” سودوا” في حلب
 تعالج هذه الاسطوانات موضوع انتفاضة الشيخ سعيد و الاستقلال الكردي.يقال بأنها ذات طبيعة سياسية موصوفة، و أريد جازماً معرفة العنوان بالضبط
و بالتالي أرجوكم بالقيام بالبحث و إرسالي نسخة من هذه المنشورا
تجدون ربطاً الصورتين المرسلتين إليّ من قبل قنصل تركية. أرجوكم بإعادتها بعد فحصها من قبلكم.
التوقيع: كيفير
-الوثيقة الثانية
المفوضية السامية للجمهورية الفرنسية
في سورية و لبنان
——-
الأمن العام
——
بيروت في الخامس و العشرين من شهر تشرين الثاني عام 1936
9891
من مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة
إلى رئيس المكتب السياسي
آ/س اسطوانات دعاية موالية للكرد موضوعة في التداول في حلب
إشارة إلى مذكرتكم رقم 8465 المؤرخة في السادس من شهر تشرين الأول عام 1936، لي الشرف بأن أرسل لكم ربطاً اسطوانتين تحملان الرقم 507 و 508، معروضتين للبيع من قبل ” الشركة الشرقية سودوا” في حلب، و هي مغناة باللغة الكردية من قبل سعيد آغا جزراوي.
تعالج هاتان الاسطوانتان، بالفعل، موضوع انتفاضة الشيخ سعيد و استقلال كردستان.
تروي الاسطوانة رقم /507/ أهم أحداث الانتفاضة الكردية، و تقول خاصة بأنه ” دعا الشيخ سعيد الشعب و الوجهاء إلى الانتفاض. يجب أن نثأر لكردستان أمام دياربكر. امتدت المقاومة على كل جبالنا، و قُتل الشيخ عبد القادر. بعد أن قاتل ببطولة، قُتل خالد بك بدوره. لقد تم إعدام الشيخ سعيد، و تم تدمير بيت كردستان.
النسخة ذات الرقم / 508 / ليست واضحة جداً، وتتضمن وصفاً لأبطال الانتفاضة الكردية، الذين وقعوا بشجاعة في ساحة المعركة. و تروي كيف أن مصطفى كمال قد أعطى الأمر بتصفيتهم.
نعيد ربطاً صور الاسطوانتين 507 و 508 التي تفضلت بإرسالها إليّ.
التوقيع
–         مسجل في وارد المفوضية السامية برقم 12765
–         مسجل في وارد المكتب السياس
  بتاريخ 26 تشرين الثاني عام 1936-   برقم: 9448                
خالد عيسى: عن الفنان الكردي سعيد آغا جزراوي-3-
 
سيكشف التاريخ بلا شك وثائق التواطؤ الحالي بين أنقرة و دمشق على حساب الشعب الكردي. فما أشبه اليوم بالأمس، ففي الوقت الذي تتنكر فيه السلطات التركية لحقوق الشعب الكردي المشروعة، وتشن حرباً مفتوحة ضد حركة التحرر الكردستاني، تقوم الأجهزة السورية، بأوامر مباشرة من تركية، بتكثيف حملات القمع و الاعتقالات ضد الوطنين الكرد في سورية.  فلم تتوقف يوماً السياسات العدائية بحق الشعب الكردي في الدول التي تتقاسم كردستان، و هي لم تتوقف عن تنسيق سياساتها المعادية للكرد رغم تناقضاتها و تعاقب حكامها بتعاقب الزمن.
فكانت السلطات التركية، بكل ألوانها، و لا تزال تضغط على أصحاب القرار في دمشق لمنع أيّ نشاط كردي، سواء كان هذا النشاط سياسياً أو حقوقياً أو فكرياً أو فنياً. و لم تتردد سلطات دمشق، منذ عام 1921، في تنفيذ السياسات التركية المناهضة للشعب الكردي كلما توافقت ذلك مع متطلباتها السلطوية. و نُذّكر بأن فترة الانتداب الفرنسي لم تتبن سياسة مخالفة لهذه القاعدة.
في هذه الحلقة، نترجم و نعرض وثيقة فرنسية تنين بأن المفوض السامي الفرنسي لم يتردد من تلبية طلب القنصل التركي في منع اسطوانتين غنائيتين للمطرب الكردي سعيد آغا جزراوي.وهذه الوثيقة هي مذكرة جوابية مرسلة من المكتب السياسي لدى المفوضية السامية للجمهورية الفرنسية في سورية و لبنان إلى القنصل العام لتركية في بيروت. نرفق أدناه صورة للفنان الكردي المرحوم سعيد آغا جزراوي، وافانا بها من ألمانيا حفيد الفنان المذكور السيد بلند صبري جزراوي، وليكن مشكوراً.
 
****
–  من المكتب السياسي
–   رقم 10045
إلى السيد ف. أركين،
القنصل العام لتركية
بيروت الثالث من شهر كانون الأول عام 1936
السيد القنصل العام
في رسالتكم رقم  236/1277، المؤرخة في 21 أيلول عام 1936، رغبتم جلب انتباهي إلى اسطوانتين مطبوعتين من قبل الشركة الشرقية للاسطوانات ( سودوا) في حلب، و بدت لكم أن توزيعهما في الأوساط الكردية ذات طبيعة تضطرب بها الأفكار.
فور تلقي رسالتكم، لم أقصّر في الأمر إلى أجهزتي الأمنية لمباشرة البحث عن هاتين الاسطوانتين، و لإعلامي بمضمونهما بالتحديد
بنتيجة هذا التحقيق، قررت تعليق طبعهما و توزيعهما من قبل الشركة، و تفضلوا بالاطلاع عليه (القرار – المترجم) ربطاً مع هذه الرسالة.
أرفق ربطاً أيضاً الصورتين اللتين كنتم قد أرسلتموهما إليّ
تفضلوا، أيها السيد القنصل العام، بقبول مشاعري المميزة
الأمين العام
التوقيع : مييرير
ملاحظة : أنني لم أضف الا القليل زائد صورة المرحوم سعيد آغا وصورة حفيديه صبري وسعيد , وأرجع وأقول كل الفضل للاستاذ وليد حاج قادر وللاستاذ خالد عيسى على معلوماتهم القيمة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…