نشرة روز *
نطرح في هذه المقالة مفهوم الثقافة ودور المثقف من خلال موقف المسؤولية عن التعامل مع الجماعة الإنسانية والارتباط بها ومعها .
إن قصر مفهوم الثقافة على فئة بذاتها و تحديد تجلياتها بانجازات معينة من العلم والفن والإبداع يقوم بها ( صفوة ) محددة المعالم هو نوع من الاختزال الذي ينبغي مراجعته .
نطرح في هذه المقالة مفهوم الثقافة ودور المثقف من خلال موقف المسؤولية عن التعامل مع الجماعة الإنسانية والارتباط بها ومعها .
إن قصر مفهوم الثقافة على فئة بذاتها و تحديد تجلياتها بانجازات معينة من العلم والفن والإبداع يقوم بها ( صفوة ) محددة المعالم هو نوع من الاختزال الذي ينبغي مراجعته .
إن هذه الفئة التي اختصت بلفظ ( المثقفين ) مع احترامنا لكل انجازاتها الفائقة لا تمثل بالضرورة جماعتها في وقت بذاته بالمعنى الذي يفيده مضمون ماهية الثقافة …
إن الثقافة هي هذا النسيج المتضمن جميع مستويات الوجود الفردي فالجمعي معاً , وهي في الوقت نفسه المنظومة التي يتمحور حولها تاريخ الجماعة مسجلاً في نوايا خلايا أفرادها ثم متجلياً في مظاهر سلوكهم .
وإذا كان لفظ الثقافة عمومياً فمن هو المثقف ؟
المثقف : هو من يستوعب ثقافة ناسه بدرجة من الوعي الفائق و المسؤول الذي يمكنه من أن يساهم في تعميق الايجابيات وتحريك جماعته لصياغة البنى الأعلى فالأعلى , التي إذا ما وصلت إلى درجةٍ من الرقي والانجاز والقيم الإنسانية القادرة على العطاء والانتشار سميت حضارة .
بمعنى أوضح يمكننا القول إن أي ثقافة تفرز مثقفيها ليقودوها إلى ما تَعِدُ به .
من هنا ينبغي ألا ننخدع بالانقياد إلى بعض عقولنا باعتبارها أنها التي تمثل ثقافتنا دون غيرها , إذ أن هذه العقول مهما تميزت وأنجزت قد لا تكون المثل الحقيقي لثقافتنا الآنية أو المستقبلية , بل أنها أحياناً ما تكون مضادة لثقافتنا من خلال إعاقة تلقائية وعي الناس الأعمق فيتم ذلك بالمبالغة في تقليد أنماط حياة لم تنبع أصلاً من ثقافتنا أو من خلال فرض نموذج نظري لما يتصور هذا المميز أنه الأصح و الأرقى . إن ما نزعم من اختلاف أو تميز عن الآخرين وما نسعى إليه من حوار أو تفاهم أو تعاون معهم لا يمكن أن يتم أو حتى يبدأ إلا بتحديد ثقافتنا الغالية فعلاً مهما بدت متخلفة أو عشوائية أو كلية أو عاجزة أو تقليدية .
إن هذا التحديد هو مهمة المثقف من حيث أنه القادر على الغوص إلى وعي جماعته لاستيعاب ثقافتهم , ومن ثم يستطيع هذا الواعي أن يتصدى لحمل مسؤولية هذا الوعي لجماعته بما له وما عليه , ولا تكتمل له صفة المثقف إلا إذا انطلق من خلال مسؤوليته هذه إلى القيام بدوره الحقيقي في المراجعة والنقد والتحريك والإطلاق لإعادة التنظيم , وإنه لا يكفي حتى يكون أياً منا مثقفاً أن يعرف شيئاً عن كل شيء , بل إنه لم يعد يصح أيضاً أن تعتبر من يستوعب جميع وعي ناسه وجماعته دون مسؤولية أو تحريك أو إضافة هو المثقف الذي يمثلهم .
إن هذه المراجعة الحالية بمنزلة دعوة لكل الناس , وبالذات الصفوة الفخورة بمعلوماتها ومعارفها لإعادة النظر في موقفها .
على هذه الصفوة أن تنتبه وتنزل عن الكرسي الأعلى متوجهةً نحو بؤرة وعي الناس دون الاختصار على دورها المحدود , وهي تتصور أن بإمكانها أن تدير دفة الثقافة من فوق المكاتب أو عبر ندوات المناقشات أو تنافس الجوائز أو اجتماعات المؤثرات أو حتى من خلال نشاطات النشر والإعلام .
إن إعادة النظر في تعريف من هو المثقف يفتح الباب على مصراعيه لكل الناس دون استثناء أن يصنفوا إلى مثقفين أو مشروع مثقف أو ضد ثقافي :
الأول : يستوعب الوعي العام ويوجهه إلى الأعلى .
الثاني : هو وحده الوعي البشري السائد .
أم الثالث : فهو المعيق لحركية هذا الوعي العام .
إن ذلك يتبع أن تظل على رأس القائمة فئات معينة فيبدوا مسؤوليةً أكثر من غيرها عن حركة ثقافة ناسها سلباً أو إيجاباً , يسري ذلك على المدرس والمعلم الحرفي والتشكيلي والسائق والسياسي … الخ , لكنني اكتفي هنا بالحديث عن مثال واحد وهو السياسي :
يمكن أن يعتبر السياسي مثقفاً أو على ثقافة ناسه فساهم بدوره في تعميقها وتطويرها بطريقة القصور الذاتي أو تحصيل الحاصل أو التخصص الأكاديمي , وأخيراً فهو يمكن أن يكون ضد ثقافي إذا فرض على ناسه ما يعيق توجه ثقاتهم , حتى لو توهم أنه الأحسن له ولهم .
لا يهم إن كان السياسي حاكماً أو ثورياً أو معارضاً , فالشروط المذكورة يمكن أن تصنف كمثقف من الدرجة الأولى , أما السياسي الذي لا يصعد إلى درجة مثقف حتى ولو كان وزيراً أو مسؤولاً عن التربية ….. فهو السياسي التكنوقراطي المتخصص جداً في نوع نشاط عمله المعين فقط , دون وعي بحركة وعي ناسه وتوجهاتهم الكلية معاً وعلاقة ذلك بما يقوم به .
وأخيراً فإن أمثلة السياسي ( ضد الثقافي ) هي بلا حصر على الجانبين , فنجد على أحد الجانبين ذلك الحاكم الشمولي الذي فرض فرديته السلطوية لتأكيد ذاته ونفع بطانته أو طبقته الأقلية على حساب سائر الناس وضد مسيرة ثقافتهم , إن هذا هو ما يعانيه العالم الثالث عامة , وعلى الجانب الآخر نجد سياسياً ثورياً شديد الحماس بالغ الإخلاص لكنه يصنف أيضاً ضد ثقافي إذ ما كان سابقاً لعصره أو متشنجاً لتنظيره الخاص .
وإذا كان لفظ الثقافة عمومياً فمن هو المثقف ؟
المثقف : هو من يستوعب ثقافة ناسه بدرجة من الوعي الفائق و المسؤول الذي يمكنه من أن يساهم في تعميق الايجابيات وتحريك جماعته لصياغة البنى الأعلى فالأعلى , التي إذا ما وصلت إلى درجةٍ من الرقي والانجاز والقيم الإنسانية القادرة على العطاء والانتشار سميت حضارة .
بمعنى أوضح يمكننا القول إن أي ثقافة تفرز مثقفيها ليقودوها إلى ما تَعِدُ به .
من هنا ينبغي ألا ننخدع بالانقياد إلى بعض عقولنا باعتبارها أنها التي تمثل ثقافتنا دون غيرها , إذ أن هذه العقول مهما تميزت وأنجزت قد لا تكون المثل الحقيقي لثقافتنا الآنية أو المستقبلية , بل أنها أحياناً ما تكون مضادة لثقافتنا من خلال إعاقة تلقائية وعي الناس الأعمق فيتم ذلك بالمبالغة في تقليد أنماط حياة لم تنبع أصلاً من ثقافتنا أو من خلال فرض نموذج نظري لما يتصور هذا المميز أنه الأصح و الأرقى . إن ما نزعم من اختلاف أو تميز عن الآخرين وما نسعى إليه من حوار أو تفاهم أو تعاون معهم لا يمكن أن يتم أو حتى يبدأ إلا بتحديد ثقافتنا الغالية فعلاً مهما بدت متخلفة أو عشوائية أو كلية أو عاجزة أو تقليدية .
إن هذا التحديد هو مهمة المثقف من حيث أنه القادر على الغوص إلى وعي جماعته لاستيعاب ثقافتهم , ومن ثم يستطيع هذا الواعي أن يتصدى لحمل مسؤولية هذا الوعي لجماعته بما له وما عليه , ولا تكتمل له صفة المثقف إلا إذا انطلق من خلال مسؤوليته هذه إلى القيام بدوره الحقيقي في المراجعة والنقد والتحريك والإطلاق لإعادة التنظيم , وإنه لا يكفي حتى يكون أياً منا مثقفاً أن يعرف شيئاً عن كل شيء , بل إنه لم يعد يصح أيضاً أن تعتبر من يستوعب جميع وعي ناسه وجماعته دون مسؤولية أو تحريك أو إضافة هو المثقف الذي يمثلهم .
إن هذه المراجعة الحالية بمنزلة دعوة لكل الناس , وبالذات الصفوة الفخورة بمعلوماتها ومعارفها لإعادة النظر في موقفها .
على هذه الصفوة أن تنتبه وتنزل عن الكرسي الأعلى متوجهةً نحو بؤرة وعي الناس دون الاختصار على دورها المحدود , وهي تتصور أن بإمكانها أن تدير دفة الثقافة من فوق المكاتب أو عبر ندوات المناقشات أو تنافس الجوائز أو اجتماعات المؤثرات أو حتى من خلال نشاطات النشر والإعلام .
إن إعادة النظر في تعريف من هو المثقف يفتح الباب على مصراعيه لكل الناس دون استثناء أن يصنفوا إلى مثقفين أو مشروع مثقف أو ضد ثقافي :
الأول : يستوعب الوعي العام ويوجهه إلى الأعلى .
الثاني : هو وحده الوعي البشري السائد .
أم الثالث : فهو المعيق لحركية هذا الوعي العام .
إن ذلك يتبع أن تظل على رأس القائمة فئات معينة فيبدوا مسؤوليةً أكثر من غيرها عن حركة ثقافة ناسها سلباً أو إيجاباً , يسري ذلك على المدرس والمعلم الحرفي والتشكيلي والسائق والسياسي … الخ , لكنني اكتفي هنا بالحديث عن مثال واحد وهو السياسي :
يمكن أن يعتبر السياسي مثقفاً أو على ثقافة ناسه فساهم بدوره في تعميقها وتطويرها بطريقة القصور الذاتي أو تحصيل الحاصل أو التخصص الأكاديمي , وأخيراً فهو يمكن أن يكون ضد ثقافي إذا فرض على ناسه ما يعيق توجه ثقاتهم , حتى لو توهم أنه الأحسن له ولهم .
لا يهم إن كان السياسي حاكماً أو ثورياً أو معارضاً , فالشروط المذكورة يمكن أن تصنف كمثقف من الدرجة الأولى , أما السياسي الذي لا يصعد إلى درجة مثقف حتى ولو كان وزيراً أو مسؤولاً عن التربية ….. فهو السياسي التكنوقراطي المتخصص جداً في نوع نشاط عمله المعين فقط , دون وعي بحركة وعي ناسه وتوجهاتهم الكلية معاً وعلاقة ذلك بما يقوم به .
وأخيراً فإن أمثلة السياسي ( ضد الثقافي ) هي بلا حصر على الجانبين , فنجد على أحد الجانبين ذلك الحاكم الشمولي الذي فرض فرديته السلطوية لتأكيد ذاته ونفع بطانته أو طبقته الأقلية على حساب سائر الناس وضد مسيرة ثقافتهم , إن هذا هو ما يعانيه العالم الثالث عامة , وعلى الجانب الآخر نجد سياسياً ثورياً شديد الحماس بالغ الإخلاص لكنه يصنف أيضاً ضد ثقافي إذ ما كان سابقاً لعصره أو متشنجاً لتنظيره الخاص .
* نشرة دورية تصدرها اللجنة المنطقية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) – الجزيرة – العدد (70) شباط 2010