الأستاذ ألياس صليبا كلمة مختصرة بمناسبة وفاته

محمد قاسم

معرفتي به تعود الى مرحلة الدراسة في الإعدادية دون تواصل..لكنها أصبحت أكثر وضوحا في بداية العام 1978 عندما كنت ادرّس في ثانوية يوسف العظمة الجديدة –رفعت حاليا- حيث كان له دور في الشبيبة..
لم نتواصل…فقط معرفة عن بعد، وتبادل بعض التحية..

بعد انتهاء خدمتي العسكرية في عام 1983 انتقلت الى ثانوية يوسف العظمة بالمالكية.. وكان هو يمارس التدريس لمادة التاريخ  في المدارس..أصبحنا نتقابل وزاد تعارفنا عن قرب..
لأعترف، لم نكن متوافقين في الأفكار والرؤى ..لكنه كمدرس يحمل قدرا من الثقافة جعلنا نتقارب أكثر..وكان بيننا الكثير من الممازحات –كان مبالغا فيها قليلا- ولكن لم يصل الأمر بيننا الى خصومة أو عداوة على الرغم من الاختلاف الكبير..فهو بعثي سرياني..ويرى الصلة العروبية بين السريان والعرب حقيقة أثنية تاريخية-هكذا على الأقل في حواراته- وكنت كرديا اختلف مع الكثير من أطروحاته..
عندما تسلم إدارة الثانوية –يوسف العظمة –بعد ترك السيد أديب بهنان-“[i] “
والذي تسبب في إبعادي عن الثانوية،  يعرف حكايتها الكثيرون من أبناء البلد ، خاصة المدرسين منهم، والذين كانوا في الثانوية..دعاني الى الثانوية مشكورا..
وكنا ندرّس معا- قبل ذلك – في ثانوية الطليعة للبنات في المالكية..ادرّس مادة الفلسفة،وهو يدرّس مادة التاريخ.
والحقّ أقول، كان يقدرني- يعطيني ما أستحق- قياسا للمدرسين الآخرين..
وظلت علاقتنا مستمرة حتى كان آخر اتصال بيننا في العيدين- عيد الفصح..وعيد الأضحى..حيث كنا نتبادل التهنئة دائما..وعندما مرضت-قبل ثلاثة أعوام، عادني مع الأستاذ جورج.. وشكرتهما –حينذاك- في سياق مقال طويل عن مجريات المرض وتطوره، والبعد الاجتماعي فيه.
ومن ممازحاتي له دائما ..أنت صهر المختار…وأحيانا أقول له أنت صهري..! فزوجك رجاء كانت إحدى تلميذاتي المهذبات في الثانوية-ربما في الثاني الثانوي.
وكان  ابنه صليبا أيضا من تلاميذي الجيدين والمحترمين وفقه الله.
كان المرحوم يبعث على الحيوية حيثما وجد بنكته – بغض النظر عن الموقف منها-المهم انه كان حيويا وضحوكا ..وربما كان لديه بعض ما أثار حفيظة بعض المدرسين عندما كان مديرا ..لكن الذي كان بيني وبينه علاقة لا مصلحة فيها، وإنما شعور بالتقارب عمرا، وربما تفاعل ثقافي وان كنا مختلفين في قضايا عدة…علاقة مرونة واستيعاب.
 سألت مدرسا عن سبب موقف البعض اللاودي منه،مع أني كنت مرتاحا في العمل معه قبل استقالتي عام  -1993- فرد قائلا: معلوم لقد كان يدللك.وعلى الرغم من بعض مبالغة في قوله “يدللك”  لكن القول يشير الى صلة طيبة بيننا.
دخلت عليّ ابنتي “روان” تقول: اخبرنا الأستاذ “نظام”  بأن الأستاذ ألياس صليبا قد توفي..!
فوجئت..!
 وفوجئت آم العيال، فقد كانت تعرف، لأننا زرناه في البيت بمناسبة  زواجه..كما زارنا هو وزوجه بمناسبة زواجنا، فقد  كان موعد زواج كلينا متقاربا.
وعلى الرغم من افتراض أن لا نُفاجأ بالموت. فالإنسان –كما يقال- بذرة الموت، وفي الإنجيل: “من ولد فسيموت” وفي القرآن:”كل نفس ذائقة الموت” و” …يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة..”.
أسفت لأني لم أعلم بوفاته، لكي أشارك في مراسيم الدفن..وعذرا من زوجه وأولاده خاصة، صليبا ..كم كنت أود المشاركة لو أنني علمت.
قبل يومين توفي الأديب “رزو” أيضا في الـ”قامشلي” ولم أعلم بوفاته إلا متأخرا، فلم أشارك بمراسيم دفنه..وأسفت لذلك..
يبدو ان الحياة لم تعد توفر لي ما كان –عادة- من حيوية الاحتكاك بالأخبار والمعلومات ..فنمط حياتي أصبح حاجزا بيني وبين ذلك للأسف..!
حيال هذا الواقع  لا نملك إلا الصبر على المصيبة، وترديد القول: إنا لكل مصيبة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
 أنا –وتشاركني العائلة- أعزي ذويه جميعا زوجه وأولاده وخاصة الكبير، صليبا..
أرجو لهم الصبر، وله الرحمة.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
m.qibnjezire@hotmail.com

[i] -لذلك حكاية سأذكرها في حينها بتفصيل –إن شاء الله- وما كان لها من تداعيات ..شخصية. وكنت أنا الذي أعاد مجرى التحية بيننا بعد انقطاعها زمنا،وذلك   في خيمة عزاء المرحومة أم بهيج ،زوج إبراهيم  ملكي،وكان المرحوم ألياس معي حينها عندما ذهبت الى التعزية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…