خالص مسور
سأتناول قصة (ذاكرة الجسد) لاحلام مستتغانمي هنا في جانب آخر منها، هو غير الجانب الذي تناوله الناقد عبد الله الغذامي بالدرس والتحليل ضارباً صفحاً عن هذا الجانب الهام في العلاقات بين أحداث وشخصياتها القصصية، وهذا الجانب هو ما أسميه بالجانب المفاهيمي – القيمي للسرد القصصي، وكيفية توظيفها للأبطال والشخوص الرئيسيين فيها. فهل وفقت القاصة في هذا أم جنحت نحو البراغماتية المجانية أم ماذا….؟.
أحلام مستغانمي الكاتبة الجزائرية الأشهر في قصتها الشهيرة (ذاكرة الجسد) حاولت أن تصل مع قارئها إلى الإقرار بتأنيث اللغة أو كسر سطوة اللغة الذكورية وتخفيف عبئها عن كاهل الأنثى، لتفتح بهذا طريق الإبداع والتمايز لكتاباتها القصصية الحديثة الهادفة، حيث استطاعت أن تعالج الموضوع بقدر من الذكاء من حيث المنهجية والإستيراتيجية الروائية التي اتبعتها، لتوضيح فكرتها التي ترى بأن المرأة ليست أقل ذكاء وفحولة من الرجل بل نداً هي له في كل شيء وأن الأنثى هي الأصل والأساس…الخ. وهي بذلك أرادت منافحة الرجل في جانب لغته الذكورية بل في جانبه الجسدي أيضاً، هذان الجانبان اللذان احتكرهما الرجل لنفسه منذ آلاف السنين ولايزال، وفيهما يبدو الرجل فاعلاً على الدوام والمرأة مفعولاً بها. ولكني أقول أنه نوع من ذكاء تكتيكي يفتقر إلى نوع من الدقة وعدم امتلاك العمق الثقافي في قراءتها لمشهد كفاح الشعب الجزائري في روايتها هذه، مترافقاً بكثير من التبسيطية والتفريط في قدسية الكادر النضالي للثورة الجزائرية خاصة ولثورات الشعوب عامة في سعيها نحو الحرية والإنعتاق من نير الإحتلال والعبودية.
وقد تجلت المفارقة والتبسيطية في معالجتها القصصية في بعض من الجوانب التالية:
1- إن القاصة لم تستطع الفكاك من فضاءات إسار الرجل، بل بدت تدور في فلكه حتى في متعالياتها النصية، رغم أنها تعالج موضوعاً تريد أن تبرهن فيه على أن الانثى نداً للرجل إن لم تكن تفوقه في الناحية اللغوية أوالجسدية، وقد تجلت ذلك في إهدائها لروايتها إلى رجلين وهما مالك حداد، وأبيها. مما يوحي بمفارقة حادة بين الغاية والمفهوم، والنتيجة والهدف. فلماذا لم تهدي قصتها إلى امرأة جزائرية منا ضلة أوإلى والدتها بدلاً من أبيها مثلاً، وهذا أول بادرة اعتراف بسلطة الرجل أو فحولته بتعبير عبد الله الغذامي على الشعور الأنثوي الدوني الذي لم تتحرر منه المستغانمي، وتناقض ماذهبت إليه مع موضوع الندية بين الجنسين والتي تريد معالجتها في قصتها ذاكرة الجسد هذه؟.
2- حاولت القاصة التعبير عن انكسار سطوة الرجل وفحولته اللغوية والجسدية بالإستعانة بأحد رموز النضال الذي كانت تخوضه جبهة التحرير الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي، وفيها استعانت بخيالها الروائي لتعبر عن فكرتها حول الحالات الممكنة لانكسار سطوة الرجل ورفع مرتبة الأنثى لتكون نداً له في نقطتين أعتبرهما طوباوتين وغير مجديتين تماماً، إحداهما تكمن في الناحية التقنية السرديةً وفيها خرقها لكاريزما أخلاقيات الثورة الجزائرية ، والأخرى من حيث السياقات العلمية الفيزيولوجية بين الجنسين.
أ – في الناحية الأولى عمدت إلى تقزيم وكسر فحولة الرجل بنقص عضو من جسده متمثلاً في بتر اليد اليسرى لأحد أبطال المقاومة الجزائرية في الحرب التحريرية ضد فرنسا المستعمرة، وهو المدعو خالد الذي كان تحت امرة قائده الشديد المراس وهو (سي الطاهر)، الذي عمد إلى إرسال خالد بعد بتر يده وفقدان قدرته على النضال إلى تونس ومعه مبلغ من المال ليعطيه لزوجته، وأن يمنح اسماً لابنته المولودة تواً، فيذهب خالد وينفذ ما طلب منه قائده، ولكنه وبعد سنوات يلتقي في باريس بابنة سيده الذي استشهد قبل الإستقلال بقليل، فيخون هذا المناضل المغوار سيده بكل بساطة ويغازل ابنته ويبادلها الحب ويعشقها، ولكن البنت – وباختصار- تخونه بدورها بعد حب وتتزوج بغيره. من هنا وبهذه المفارقة من الطوباوية والبساطة وببتر يد خالد اليسرى في الحرب، والخيانة في القيم النضالية والأخلاقية بين خالد وقائده سي الطاهر من جهة، والخيانة الأخلاقية بين خالد واحلام ابنة قائده المغوار من جهة أخرى، تريد المستغانمي البرهنة على المساواة بين الرجل والمرأة، لابل تفوقها على الرجل حينما يتذلل خالد لاحلام تحت وطأة عاطفته الجياشة، بعدما خسر فحولته ببتر يده وأصبح المناضل المحب ناقصاً عضو من جسده، ليصبح هكذا مساوياً للمرأة بل دونها جسدياً ولغوياً ويعجز عن مجاراتها في الكتابة أيضاَ، وقد أضحى لكل منهما المراة والرجل (خالد وأحلام) عضو ناقص في جسدهما، وبذلك يتساويان في رموز الجسد واللغة أيضاَ، حيث تحول هو إلى رجل من ورق وهي إلى امرأة من ورق. وكأن المستغانمي لم تلق ما تعبر به عن فكرتها سوى التلاعب بقيم النضال الجزائري وإعطاء صورة صارخة لعربدة أحد رموز مناضلي الثورة الجزائرية ثم بتر يده اليسرى حتى يتساوى مع المرأة أو تفوقها عليه إن شاءت.
ب – في الناحية الثانية اعتقاد الكاتبة أن المراة ناقصة عضو ومن هنا تأتي عدم مساواتها مع الرجل، وفي هذا اعتراف صريح بتفوق الرجل على المرأة بعضوه الزائد عنها وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق ولا يستقيم علمياً، فربما بدت هنا وهي واقعة تحت سطوة مقولة فرويد (المرأة رجل ناقص) كما يذهب الغذامي. ولكننا نرى أن مقولة فرويد هذه غير صحيحة من الناحية الفيزيولوجية بتاتاً، لأن المرأة ليست ناقصة عضو أبدا،ً وقد أثبت الأطباء أن العضو الذكري في حالة المرأة انكفأ إلى الداخل متحولاً إلى رحم ومنقلباً إلى عضو داخلي وهو المعادل الموضوعي للعضو الذكري. كما أن للمرأة أعضاء أخرى تخالف عما لدى الرجل كالرحم والمبيض والأثداء الممتلئة…الخ. وللرجل أيضاً أعضاء ليس للمرأة مثلها ولكن من دون أن ينقص قيمة احدهما تجاه الآخر. وباعتقادي جاءت معالجة المستغانمي لهذين المفهومين عن العلاقة بين الرجل والمرأة معالجة ساذجة من حيث منظومة القيم الثورية والركيزة المفاهيمية الاجتماعية لأبعد الحدود! بل أن المفهوم الأول مسيء لمشاعر الثوار الجزائرييين وللوطنية الجزائرية معاً، أو يمكن القول بأن ما ذهبت إليه كانت حالة عفوية شوهت صورة الثائر الجزائري المدعو خالد، بل صور ثوار الحرية في كل مكان في العالم. بالإضافة – وكما قلنا – إلى وجود ضعف ظاهر في قراءة الحدث الإجتماعي والجنوح نحو حالة من الطوباوية في توظيف الشخصيات القصصية. فخالد الثائر الذي خرج من ساحة النضال بعد بتر يده اليسرى وأصبح رجلاً ناقصاً، بدأ يغازل احلام ابنة قائده سي الطاهر في باريس ويبادلها حباً بحب، وهذا ما نراه غير منطقي لعدة أمور، الأول هو خيانته لسيده القائد الثائر سي الطاهر بزيغان عينيه في شرف هذا القائد المناضل، والثاني هو أن خالداً في الخمسين من عمره بينما هي لاتزال هي في ريعان الصبا والشباب، وكان هو الذي سماها احلام حينما ولدت لأمها، والثالث هو رجل ناقص أي بيد واحدة فاقداً بذلك نصف نشاطه العملي حتى اصبح عالة على مجتمعه و قد لا يستطيع إعالة من يحب، فكيف ترضى أن تحبه وهو ناقص التكوين الجسدي؟ والرابع هو أن احلام بطلة القصة والتي نراها المعادل الموضوعي لاحلام كاتبة القصة، انخرطت في جو باريس الأوربية مع ما فيه من الحرية وكثرة من تستطيع أن تحبهم وتتزوجهم، وقد راحت تغرق في بحر الحب بالفعل، فكيف – والحال هذه – ترضى برجل ناقص جسدياً وذو عاهة مستديمة وخمسيني يكبرها بسنوات عديدة…؟.
ومن هنا نقول: كان من الممكن أن توظف الكاتبة في حكايتها شخصيات مختلفة ومن شرائح اجتماعية أخرى غير الثوار الجزائريين فتكسرهم وتقطع أعضاءهم معبرة بهم عن فكرتها رغم سذاجة التقنية القصصية التي استخدمته في التعبير عن تفكيرها بمساواة المرأة مع الرجل وعلى قاعدة( مافي حدى احسن من حدى). وهذا ما نراه مطلب حق ولكن ليست بهذه الطريقة الطوباوية أوالمسيئة لرجل الثورة الجزائرية ولرمز من رموزه النضالية، وكأنه لايكفيهم أن يبتر المستعمر أيديهم لتأتي كاتبة قصصية وتستفيد مما ارتكبه المستعمر بحق بني قومها، فتستغل آلامهم وانكسارهم وتتخذ نواقصهم العضوية موضوعاً وأمثولة للتشفي من الرجل في قصتها الذاكراتية هذه. نعم نريد للمرأة على الدوام أن تشق طريقها في الكتابة ومنافسة الرجل باقتدار في ساحة لغته الذكورية ومساواة نفسها به، ولكننا نقول أن طريقة الطرح والمعالجة التي اجرتها احلام مستغانمي في تثبيت المساواة بين الرجل والمرأة لغوياً وجسدياً هي لغط اجتماعي وطريقة غير ناجعة في معالجة الموضوع بل شطح بها الخيال بعيداً لتخرج بهذه الحالة الفارطة في المعالجة والطرح، رغم أن الأبحاث العلمية أثبتت أن المرأة تفوق الرجل في الناحية اللغوية على الأقل، لذا وبدلاً من بتر أعضاء رجال الثورة الجزائرية و(شرشحتهم) على أعتاب فكرة المساواة مع المرأة، كان يمكنها أن تحض المرأة على التسابق على الكتابة مع الرجل وتستغل تفوقها عليه في هذا الجانب وتبدع في مالا يمكن للرجل أن يجاريها فيه، وبالتالي تحقيق رغبتها في تحويل مسار اللغة الذكورية لصالحها، وأن تضفي عليها مسحة من لغة انثوية أو شركة مساهمة لكل منهما مناصفة.
وقد تجلت المفارقة والتبسيطية في معالجتها القصصية في بعض من الجوانب التالية:
1- إن القاصة لم تستطع الفكاك من فضاءات إسار الرجل، بل بدت تدور في فلكه حتى في متعالياتها النصية، رغم أنها تعالج موضوعاً تريد أن تبرهن فيه على أن الانثى نداً للرجل إن لم تكن تفوقه في الناحية اللغوية أوالجسدية، وقد تجلت ذلك في إهدائها لروايتها إلى رجلين وهما مالك حداد، وأبيها. مما يوحي بمفارقة حادة بين الغاية والمفهوم، والنتيجة والهدف. فلماذا لم تهدي قصتها إلى امرأة جزائرية منا ضلة أوإلى والدتها بدلاً من أبيها مثلاً، وهذا أول بادرة اعتراف بسلطة الرجل أو فحولته بتعبير عبد الله الغذامي على الشعور الأنثوي الدوني الذي لم تتحرر منه المستغانمي، وتناقض ماذهبت إليه مع موضوع الندية بين الجنسين والتي تريد معالجتها في قصتها ذاكرة الجسد هذه؟.
2- حاولت القاصة التعبير عن انكسار سطوة الرجل وفحولته اللغوية والجسدية بالإستعانة بأحد رموز النضال الذي كانت تخوضه جبهة التحرير الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي، وفيها استعانت بخيالها الروائي لتعبر عن فكرتها حول الحالات الممكنة لانكسار سطوة الرجل ورفع مرتبة الأنثى لتكون نداً له في نقطتين أعتبرهما طوباوتين وغير مجديتين تماماً، إحداهما تكمن في الناحية التقنية السرديةً وفيها خرقها لكاريزما أخلاقيات الثورة الجزائرية ، والأخرى من حيث السياقات العلمية الفيزيولوجية بين الجنسين.
أ – في الناحية الأولى عمدت إلى تقزيم وكسر فحولة الرجل بنقص عضو من جسده متمثلاً في بتر اليد اليسرى لأحد أبطال المقاومة الجزائرية في الحرب التحريرية ضد فرنسا المستعمرة، وهو المدعو خالد الذي كان تحت امرة قائده الشديد المراس وهو (سي الطاهر)، الذي عمد إلى إرسال خالد بعد بتر يده وفقدان قدرته على النضال إلى تونس ومعه مبلغ من المال ليعطيه لزوجته، وأن يمنح اسماً لابنته المولودة تواً، فيذهب خالد وينفذ ما طلب منه قائده، ولكنه وبعد سنوات يلتقي في باريس بابنة سيده الذي استشهد قبل الإستقلال بقليل، فيخون هذا المناضل المغوار سيده بكل بساطة ويغازل ابنته ويبادلها الحب ويعشقها، ولكن البنت – وباختصار- تخونه بدورها بعد حب وتتزوج بغيره. من هنا وبهذه المفارقة من الطوباوية والبساطة وببتر يد خالد اليسرى في الحرب، والخيانة في القيم النضالية والأخلاقية بين خالد وقائده سي الطاهر من جهة، والخيانة الأخلاقية بين خالد واحلام ابنة قائده المغوار من جهة أخرى، تريد المستغانمي البرهنة على المساواة بين الرجل والمرأة، لابل تفوقها على الرجل حينما يتذلل خالد لاحلام تحت وطأة عاطفته الجياشة، بعدما خسر فحولته ببتر يده وأصبح المناضل المحب ناقصاً عضو من جسده، ليصبح هكذا مساوياً للمرأة بل دونها جسدياً ولغوياً ويعجز عن مجاراتها في الكتابة أيضاَ، وقد أضحى لكل منهما المراة والرجل (خالد وأحلام) عضو ناقص في جسدهما، وبذلك يتساويان في رموز الجسد واللغة أيضاَ، حيث تحول هو إلى رجل من ورق وهي إلى امرأة من ورق. وكأن المستغانمي لم تلق ما تعبر به عن فكرتها سوى التلاعب بقيم النضال الجزائري وإعطاء صورة صارخة لعربدة أحد رموز مناضلي الثورة الجزائرية ثم بتر يده اليسرى حتى يتساوى مع المرأة أو تفوقها عليه إن شاءت.
ب – في الناحية الثانية اعتقاد الكاتبة أن المراة ناقصة عضو ومن هنا تأتي عدم مساواتها مع الرجل، وفي هذا اعتراف صريح بتفوق الرجل على المرأة بعضوه الزائد عنها وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق ولا يستقيم علمياً، فربما بدت هنا وهي واقعة تحت سطوة مقولة فرويد (المرأة رجل ناقص) كما يذهب الغذامي. ولكننا نرى أن مقولة فرويد هذه غير صحيحة من الناحية الفيزيولوجية بتاتاً، لأن المرأة ليست ناقصة عضو أبدا،ً وقد أثبت الأطباء أن العضو الذكري في حالة المرأة انكفأ إلى الداخل متحولاً إلى رحم ومنقلباً إلى عضو داخلي وهو المعادل الموضوعي للعضو الذكري. كما أن للمرأة أعضاء أخرى تخالف عما لدى الرجل كالرحم والمبيض والأثداء الممتلئة…الخ. وللرجل أيضاً أعضاء ليس للمرأة مثلها ولكن من دون أن ينقص قيمة احدهما تجاه الآخر. وباعتقادي جاءت معالجة المستغانمي لهذين المفهومين عن العلاقة بين الرجل والمرأة معالجة ساذجة من حيث منظومة القيم الثورية والركيزة المفاهيمية الاجتماعية لأبعد الحدود! بل أن المفهوم الأول مسيء لمشاعر الثوار الجزائرييين وللوطنية الجزائرية معاً، أو يمكن القول بأن ما ذهبت إليه كانت حالة عفوية شوهت صورة الثائر الجزائري المدعو خالد، بل صور ثوار الحرية في كل مكان في العالم. بالإضافة – وكما قلنا – إلى وجود ضعف ظاهر في قراءة الحدث الإجتماعي والجنوح نحو حالة من الطوباوية في توظيف الشخصيات القصصية. فخالد الثائر الذي خرج من ساحة النضال بعد بتر يده اليسرى وأصبح رجلاً ناقصاً، بدأ يغازل احلام ابنة قائده سي الطاهر في باريس ويبادلها حباً بحب، وهذا ما نراه غير منطقي لعدة أمور، الأول هو خيانته لسيده القائد الثائر سي الطاهر بزيغان عينيه في شرف هذا القائد المناضل، والثاني هو أن خالداً في الخمسين من عمره بينما هي لاتزال هي في ريعان الصبا والشباب، وكان هو الذي سماها احلام حينما ولدت لأمها، والثالث هو رجل ناقص أي بيد واحدة فاقداً بذلك نصف نشاطه العملي حتى اصبح عالة على مجتمعه و قد لا يستطيع إعالة من يحب، فكيف ترضى أن تحبه وهو ناقص التكوين الجسدي؟ والرابع هو أن احلام بطلة القصة والتي نراها المعادل الموضوعي لاحلام كاتبة القصة، انخرطت في جو باريس الأوربية مع ما فيه من الحرية وكثرة من تستطيع أن تحبهم وتتزوجهم، وقد راحت تغرق في بحر الحب بالفعل، فكيف – والحال هذه – ترضى برجل ناقص جسدياً وذو عاهة مستديمة وخمسيني يكبرها بسنوات عديدة…؟.
ومن هنا نقول: كان من الممكن أن توظف الكاتبة في حكايتها شخصيات مختلفة ومن شرائح اجتماعية أخرى غير الثوار الجزائريين فتكسرهم وتقطع أعضاءهم معبرة بهم عن فكرتها رغم سذاجة التقنية القصصية التي استخدمته في التعبير عن تفكيرها بمساواة المرأة مع الرجل وعلى قاعدة( مافي حدى احسن من حدى). وهذا ما نراه مطلب حق ولكن ليست بهذه الطريقة الطوباوية أوالمسيئة لرجل الثورة الجزائرية ولرمز من رموزه النضالية، وكأنه لايكفيهم أن يبتر المستعمر أيديهم لتأتي كاتبة قصصية وتستفيد مما ارتكبه المستعمر بحق بني قومها، فتستغل آلامهم وانكسارهم وتتخذ نواقصهم العضوية موضوعاً وأمثولة للتشفي من الرجل في قصتها الذاكراتية هذه. نعم نريد للمرأة على الدوام أن تشق طريقها في الكتابة ومنافسة الرجل باقتدار في ساحة لغته الذكورية ومساواة نفسها به، ولكننا نقول أن طريقة الطرح والمعالجة التي اجرتها احلام مستغانمي في تثبيت المساواة بين الرجل والمرأة لغوياً وجسدياً هي لغط اجتماعي وطريقة غير ناجعة في معالجة الموضوع بل شطح بها الخيال بعيداً لتخرج بهذه الحالة الفارطة في المعالجة والطرح، رغم أن الأبحاث العلمية أثبتت أن المرأة تفوق الرجل في الناحية اللغوية على الأقل، لذا وبدلاً من بتر أعضاء رجال الثورة الجزائرية و(شرشحتهم) على أعتاب فكرة المساواة مع المرأة، كان يمكنها أن تحض المرأة على التسابق على الكتابة مع الرجل وتستغل تفوقها عليه في هذا الجانب وتبدع في مالا يمكن للرجل أن يجاريها فيه، وبالتالي تحقيق رغبتها في تحويل مسار اللغة الذكورية لصالحها، وأن تضفي عليها مسحة من لغة انثوية أو شركة مساهمة لكل منهما مناصفة.
ذاكرة الجسد. احلام مستغانمي.
pdf