د. علاء الدين جنكو
يستطيع بعض الرجال أن ينحتوا بعزيمتهم جبالاً راسيات حتى لو كان بإبر يصعب الإمساك بها لكن عبارة من بضع كلمات تهد كيانهم !!
أثناء تجوالي بين طيات كتاب للمؤلف العالمي جاك كانفيلد يتناول فيها موضوع التنمية الذاتية استوقفتني عبارة مثيرة للغاية ألا وهي ( سارقو الأحلام ) جاءت في معرض حديثه عن أحد مبادئ النجاح .
من يندرج تحت هذا المصطلح يقال عنهم: المثبطون وهم السلبيون والذين يقومون بإحباط وحسد الأخرين لكل نجاح يقومون به .
والمثبطون يقومون بتخريب الافكار والمشاريع الناجحه وفي الحقيقة هؤلاء يسرقون الطموحات والآمال والنجاحات ، وهم أخطر عناصر المجتمع ، لأن سارق الإبداع أشد وأسوأ من سارق المال والمتاع !!
من الناس من يريد أن يحدث ثورة على نفسيته المحطمة بالانقلاب عليها ليغير نظرته اليائسة والبائسة للحياة ويستبدلها بالأمل الذي لا نهاية له والتفاؤل الذي يحقق له كل ما يريده حتى في عالم المستحيل ما دام أنه انطلق بالمركب تجاه الهدف الذي يبتغيه .
وفي هذه الأجواء الإيجابية يتسلل ( سارقو الأحلام ) إلى نفسية هذا الإنسان المستيقظ لتوه من نوم عميق أفقده جمال الحياة وبائها ليذكره بماضيه الحزين ويقلل في عينيه قيمة ما يصبو إليه ، ويبني أمامه سدوداً من نيران وجمار الصعوبات ليفصل بينه وبين مراده الجميل !!
ذكر لي أحد اساتذتي الأفاضل – رحمه الله تعالى – أن شاباً قدم إليه والسعادة تغمره فهو يحمل قصيدة يتصور أنها أجمل ما قيلت في أرض آبائه وأجداده كردستان ، وطلب مني أن نزور الشاعر الأسطورة ( ب ) حتى يبدي رأيه في قصيدتي وفي مستواي في كتابة الشعر .
يتابع أستاذي فيقول : حاولت أن أثنيه عن رغبته في مقابلة الشاعر لأني أعلم أنه سيجد عنده ما يحطم كيانه !!
بقي الشاب مصرأ على ذلك ، فذهبنا إلى بيت الشاعر وبعد أن قام بواجب الضيافة قلت له : أن هذا الشاب كتب قصيده ويريد أن يقرأها عليك ليسمع رأيك فيها !!
فأشار إليه بأن يلقي قصيدته ، وقبل أن يبدأ بالبيت الثالث استوقفه الشاعر وقال له : أنت لا تعرف كتابة الشعر ولا يمكن أن تكون شاعراً في يوم من الأيام ، كيف تشبه كردستان بحيوان يخاف من الأرانب ؟!!
صعق الشاب في مكانه وخاصة عندما سمع الشاعر يقول له : إذا أردت أن تعرف ما هو الشعر فاسمع !! وبدأ يلقي عليه بعض قصائده العملاقة .
يتابع أستاذي فيقول : خرجنا من بيت شاعرنا الكبير بعد أن دفن بكلماته القليلة طموحات شاب ركب سفينة الشعر يرغب في الإبحار بين أمواجها وربما في يوم كان سيصل إلى منزلة لم يصل إليها شاعرنا العملاق ، لكنه ومع كل أسف أقسم أنه لن يحمل القلم ولن يكتب حرفاً واحداً لبناء قصيدة في يوم من الأيام !!
أنا أعرف الشاعر تمام المعرفة فلم يتخذ هذا الموقف من فقدان ثقة ، ولا من حسد فأمثاله يحسدون على مستواهم الشعري ، ولو تساءلنا عن السبب ربما يكون الجهل بأساليب التعامل الحضاري مع أصحاب الطموحات كان من أهم ما يفتقده شاعرنا .
أسباب أخرى :
هناك الكثير من الأسباب المتشابكة فيما بينها تكون سبباً في توليد ظاهر التثبيط ولكني هنا سأتناول سببين أراهما أكثر تأثيراً في خلق هذه الصفة عند أهلها ألا وهي :
التكبر والغرور :
يرى كل من المتكبر والمغرور نفسه مفخّمة وأكبر من حجمها ، بل وأكبر من غيرها أيضاً وفي كل شيء، فيمتلئ داخله بالعجب ويشعر بالزهو والخيلاء لخصلة يمتاز بها ، أو يتفوّق بها على غيره . فينظر إلى تميز الآخرين بهذه الصفة دون تميزه من خلال بيان نواقصها وسلبياتها حتى ولو كان الأمر يفتقر للحقيقة !! وهذا يعني أن نظرة المغرور إلى نفسه غير متوازنة ، ففي الوقت الذي ينظر إلى نفسه بإكبار ومغالاة ، تراه ينظر إلى غيره باستصغار وإجحاف .
ومن هذه البوابة يدخل سلاح قتل الأحلام إلى قلوب المثبطين فيأخذون أدوارهم السلبية في تحطيم الأحلام ويثبطون العزائم ويهدمون الآمال بعبارات التعجيز التي يرددونها دائما مثل (لن تستطيع ,لا ينبغي عليك ,لن يجدي ذلك (من غير مراعاة لحال الإنسان الطموح هل هو مبتدأ في ذلك أم له باع فيها ، طفل أم مميز أم كبير في السن محترف أم هاوٍ لما هو مقدم عليه !!
وأعتقد أن من يمتلك إرادة قوية لا ينظر للمتكبر والمغرور إلا كنظرتهم إليه .
الغيرة :
أفكار، وأحاسيس وتصرفات تحدث عندما يعتقد الشخص أن إحدى خصوصياته قد فقدت بظهور طرف آخر منافس . وقيل : الغيرة مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص .
وأنوه هنا أن الغيرة التي أقصدها ليست التي بين الزوجين أو التي تتميز بها النساء دون الرجال وإنما أقصد بها الغيرة العامة والتي تنتشر كثيراً بين جميع الفئات سواء كانوا صغاراً أو كباراً متعلمين أو جهلة ، ولها تشابك مع الحسد كصفة مؤثرة إذا ما كانت مبطنة بين أناس تربطهم علاقات وصداقات .
فأصاحب الغيرة يحاولون قدر الإمكان التقليل من قيمة أعمال الآخرين المنافسين لهم ، كما يفعل بعض التلاميذ عندما يحصل أحد المتميزين على تكريم خاص فيحاول المنافسون لهم التقليل من إنجاز زميلهم وبيان أنهم قادرون على مثل ذلك بل واكثر !!
كيف نواجه سارقي الأحلام :
سيواجه الإنسان في مسيرة حياته الكثير من محطات الإحباط التي يقيمها المثبطون الذين يحاولون إقناع غيرهم بالتخلي عن رؤاهم فيتهمونهم تارة بالجنون وتارة بغير المعقولية وأنه من غير الممكن تحقيق هذه الأحلام البالونية !! وربما يدعمون هذه الكلمات الموجعة بضحكات تتقطر استهزاءاً ، كل ذلك في محاولة للنزول بأصحاب تلك الطموحات إلى مستوياتهم الفاشلة .
فعلى الإنسان أن ينصت ولا يسمح لأي شخص أن يقنعه بالتخلي عن رؤيته التي يؤمن بها ويعمل للسير باتجاه أهدافه السعيدة .
من الناس من يريد أن يحدث ثورة على نفسيته المحطمة بالانقلاب عليها ليغير نظرته اليائسة والبائسة للحياة ويستبدلها بالأمل الذي لا نهاية له والتفاؤل الذي يحقق له كل ما يريده حتى في عالم المستحيل ما دام أنه انطلق بالمركب تجاه الهدف الذي يبتغيه .
وفي هذه الأجواء الإيجابية يتسلل ( سارقو الأحلام ) إلى نفسية هذا الإنسان المستيقظ لتوه من نوم عميق أفقده جمال الحياة وبائها ليذكره بماضيه الحزين ويقلل في عينيه قيمة ما يصبو إليه ، ويبني أمامه سدوداً من نيران وجمار الصعوبات ليفصل بينه وبين مراده الجميل !!
ذكر لي أحد اساتذتي الأفاضل – رحمه الله تعالى – أن شاباً قدم إليه والسعادة تغمره فهو يحمل قصيدة يتصور أنها أجمل ما قيلت في أرض آبائه وأجداده كردستان ، وطلب مني أن نزور الشاعر الأسطورة ( ب ) حتى يبدي رأيه في قصيدتي وفي مستواي في كتابة الشعر .
يتابع أستاذي فيقول : حاولت أن أثنيه عن رغبته في مقابلة الشاعر لأني أعلم أنه سيجد عنده ما يحطم كيانه !!
بقي الشاب مصرأ على ذلك ، فذهبنا إلى بيت الشاعر وبعد أن قام بواجب الضيافة قلت له : أن هذا الشاب كتب قصيده ويريد أن يقرأها عليك ليسمع رأيك فيها !!
فأشار إليه بأن يلقي قصيدته ، وقبل أن يبدأ بالبيت الثالث استوقفه الشاعر وقال له : أنت لا تعرف كتابة الشعر ولا يمكن أن تكون شاعراً في يوم من الأيام ، كيف تشبه كردستان بحيوان يخاف من الأرانب ؟!!
صعق الشاب في مكانه وخاصة عندما سمع الشاعر يقول له : إذا أردت أن تعرف ما هو الشعر فاسمع !! وبدأ يلقي عليه بعض قصائده العملاقة .
يتابع أستاذي فيقول : خرجنا من بيت شاعرنا الكبير بعد أن دفن بكلماته القليلة طموحات شاب ركب سفينة الشعر يرغب في الإبحار بين أمواجها وربما في يوم كان سيصل إلى منزلة لم يصل إليها شاعرنا العملاق ، لكنه ومع كل أسف أقسم أنه لن يحمل القلم ولن يكتب حرفاً واحداً لبناء قصيدة في يوم من الأيام !!
أنا أعرف الشاعر تمام المعرفة فلم يتخذ هذا الموقف من فقدان ثقة ، ولا من حسد فأمثاله يحسدون على مستواهم الشعري ، ولو تساءلنا عن السبب ربما يكون الجهل بأساليب التعامل الحضاري مع أصحاب الطموحات كان من أهم ما يفتقده شاعرنا .
أسباب أخرى :
هناك الكثير من الأسباب المتشابكة فيما بينها تكون سبباً في توليد ظاهر التثبيط ولكني هنا سأتناول سببين أراهما أكثر تأثيراً في خلق هذه الصفة عند أهلها ألا وهي :
التكبر والغرور :
يرى كل من المتكبر والمغرور نفسه مفخّمة وأكبر من حجمها ، بل وأكبر من غيرها أيضاً وفي كل شيء، فيمتلئ داخله بالعجب ويشعر بالزهو والخيلاء لخصلة يمتاز بها ، أو يتفوّق بها على غيره . فينظر إلى تميز الآخرين بهذه الصفة دون تميزه من خلال بيان نواقصها وسلبياتها حتى ولو كان الأمر يفتقر للحقيقة !! وهذا يعني أن نظرة المغرور إلى نفسه غير متوازنة ، ففي الوقت الذي ينظر إلى نفسه بإكبار ومغالاة ، تراه ينظر إلى غيره باستصغار وإجحاف .
ومن هذه البوابة يدخل سلاح قتل الأحلام إلى قلوب المثبطين فيأخذون أدوارهم السلبية في تحطيم الأحلام ويثبطون العزائم ويهدمون الآمال بعبارات التعجيز التي يرددونها دائما مثل (لن تستطيع ,لا ينبغي عليك ,لن يجدي ذلك (من غير مراعاة لحال الإنسان الطموح هل هو مبتدأ في ذلك أم له باع فيها ، طفل أم مميز أم كبير في السن محترف أم هاوٍ لما هو مقدم عليه !!
وأعتقد أن من يمتلك إرادة قوية لا ينظر للمتكبر والمغرور إلا كنظرتهم إليه .
الغيرة :
أفكار، وأحاسيس وتصرفات تحدث عندما يعتقد الشخص أن إحدى خصوصياته قد فقدت بظهور طرف آخر منافس . وقيل : الغيرة مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص .
وأنوه هنا أن الغيرة التي أقصدها ليست التي بين الزوجين أو التي تتميز بها النساء دون الرجال وإنما أقصد بها الغيرة العامة والتي تنتشر كثيراً بين جميع الفئات سواء كانوا صغاراً أو كباراً متعلمين أو جهلة ، ولها تشابك مع الحسد كصفة مؤثرة إذا ما كانت مبطنة بين أناس تربطهم علاقات وصداقات .
فأصاحب الغيرة يحاولون قدر الإمكان التقليل من قيمة أعمال الآخرين المنافسين لهم ، كما يفعل بعض التلاميذ عندما يحصل أحد المتميزين على تكريم خاص فيحاول المنافسون لهم التقليل من إنجاز زميلهم وبيان أنهم قادرون على مثل ذلك بل واكثر !!
كيف نواجه سارقي الأحلام :
سيواجه الإنسان في مسيرة حياته الكثير من محطات الإحباط التي يقيمها المثبطون الذين يحاولون إقناع غيرهم بالتخلي عن رؤاهم فيتهمونهم تارة بالجنون وتارة بغير المعقولية وأنه من غير الممكن تحقيق هذه الأحلام البالونية !! وربما يدعمون هذه الكلمات الموجعة بضحكات تتقطر استهزاءاً ، كل ذلك في محاولة للنزول بأصحاب تلك الطموحات إلى مستوياتهم الفاشلة .
فعلى الإنسان أن ينصت ولا يسمح لأي شخص أن يقنعه بالتخلي عن رؤيته التي يؤمن بها ويعمل للسير باتجاه أهدافه السعيدة .
ومن جميل الطرائف في هذا الموضوع أن 100 ضفدع اتفقوا بالتسابق لبلوغ قمة مبنى وما أن بدء السباق حتى بدأوا بالتناقص بسبب المثبطين والناصحين بالسوء وبقى ضفدع واحد استطاع أن يبلغ قمة المبنى وبعد أن استقر جالساً رفع يديه إلى أذنيه وأخرج القطن منهما ، كان قد وضعها في بداية السباق أغلق أذنيه حتى لا يسمع ما يقوله سارقو الأحلام …