ما يزيد الطين بَلة

غسان جان كير

أكاد اجزم أن الله , ومن فرط تبرمه من نتانة الكاذبين , قد ألّهم الإنسان أن يبتدع يوما مُحللٌ فيه الكذب دون غيره من أيام السنة

ولما كان خالق و مهندس هذا الكون يخشى أن يتهاوى الكون على وقع ضربات الكاذبين التي تدك الأسس العلمية التي بُنيّ عليها هذا الكون الغير معروف بامتداداته الزمكانية , ومع عدم مقدرة , أو فشل الأديان في لجم الكاذبين , الساعين بكل جد ليشرعنوا الكذب , بل ليسنّوه  كقانون لازم ومُيسّر لأمور الكون والبلاد  والعباد , فكان على الله – وقد انعدم الحيلة – أن يصمّ أذنيه عمّا ينوون قوله ولا ينوون فعله , فتحتّم استحواذهم على يوم يُباح لهم الكذب فيه , شرط أن يكونوا في باقي الأيام صادقين.
 ولما كان الطبع يغلب التطبع , فقد بدأ الكاذبون بقضم أيام الصدق تباعا , ليصلوا بنا إلى زمنٍ قد انبسط فيه سلطان الكذب على مدار العام , يكاد ألّا يخلو يوم من الكذب فيه, وليتهم يكتفون منّا بأوسمة نعلّقها على صدورهم , فيتبين الكاذب من الكذّوب , غير أنهم يدفعوننا للتآلف مع ميولهم وأهوائهم أكثر مما ننشده من حياة ملؤها البساطة في العيش , ويسعون للمضيّ بنا إلى حيث يستطيع خيالهم أن يذهب لا إلى حيث الواقع المعاش يلزمنا بالتوقف , بل يريدوننا أن نكون على حظ عظيم من السذاجة لننقاد إلى (غوبلزيتهم) فنصدق ما يكرروه من الكذب , فيغدو السراب واحة قريبة , وان سحابة تموز لا بد ماطرة

أَوليس عجبا أن نُكرر ونُمرر في الأول من نيسان كل الوعود التي مُررت  علينا طوال العام , ونحققها (كذباً) وفقا لأحلامنا البسيطة .!!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…