قَتِيلُكِ

أحمد حيدر

قتيلُكِ
الذي تَتمدَدُّ جثتهُ في شَجن ِالأرامل
في النعيق ِعلى إطلال ِ سنواته ِ
في الظلمةِ متكورة على غواياته ِ
كسائر الشرفات في الزلزلة ْ
تَغوص ُ في ظمأهِ الفلوات والأيائل ُ
وينتظر بَعدَ طول ِ طعَنات ٍ بلارحمة ٍ
وَيأس ٍ بلا نَحيب ْ في صحراء ٍٍ من دم ٍ
وندم ٍ – ولا أملَ في غيم ٍ- يطل ُّ

(بعد مرورها بالقمح ِ)   
ينظرُ إليك ِ بعينين ِ دامِعتين ِ
وبشفتين ِ مرَّوعتين يناديك ِ:
ولايراهُ أحدْ

قتيلكِ
الذي تناثرتْ أصداؤه ُ كأشلاء القتلى
في تابوت الشك ِ
ينزفُ في خسوف ِ الرؤى بدر وجهك
دليله ُ إلى البراعم ِ المبتورة من بقاياهُ
ليكتمل هلال أعماقهِ  
بعد الخمسين من جريانه ِ
قرب الأوهام الغائرة ْ

قتيلُكِ
الذي هناك بمأمن ٍ
عن صهيل الجياد المنهكة ْ
رماد الشهوات المنطفئة ْ
ونشرات الأخبار الكاذبةْ ْ
تُسرف ُالينابيع ُ طويلاً في عذوبته  ِ
والسهام ُدروعاً في جروحهِ 
لكأنه ُسيرة ٌ طازجة ْ
لأزمنة ٍ غابرة ْ

قتيلكِ
الذي هناكْ لم ْيزل حياً
الذي (لاحي ولا ميت)
كشجرة ٍوحيدة ٍيابسة الأهداب ِ
تكابد ُ وقعَ الفؤوس ِ الجائرةْ
يشد ُّبيديه ِعلى الأرض ِاليباب ِ
كأصابعك ِ الطازجة ِ في الرحيلْ
كثمر ٍٍ على غصن ٍ منهوب للتيهْ
يتقلب ُفي فصولك ِالحائرةْ
لا وقتَ لهُ ليعيدَ غضة مافات
ولا بساتينَ تليق ُ بشغفه ِ
تزيلُ الغبار من أوهامهِ 
أو تُخفف ُ أنفاسك ِ الطرية ِ
في رئتهِ  النازفةْ

قتيلُكِ
الذي تشعُ تنهداتَه ُُ في الدروب ِالوعرة ِ
كقبر ٍ متشح ٍ بالأنين ِ في صَباحات ِ العيد ِ
تُومئ ُ في ديارٍ غريبة  بأوقاتهِ  الغائرةْ
كانَ رسولاً للوصال ِ وليسَ مُحارباً
يحمل ُبيمينه ِ غُصناً من شغف ٍ التين ِ
وبِيساره ِ مَنديلُك ِ المُبلل بدموعه ِ
وما يتراءَى في لهفته ِ جَمرات الوجد
المتأهبة ِ لهبوبِ ريحُك ِ في قيظ ِ روحهِ
لكأنهُ الخطيئة ُ كلها أو غصَّة الخاسر ِ
وأضحيتُك ِ المنذورة للطيور الخائفة ِ
فقومي ولملمي حسراته ُ من ظلالك ِ
وملامحه ُ من مراياك ِ
لملميه ِ ورمميه ِ واغسليه ِ
وكفنيه ِ بوشاحك ِ الأسود

فَسَمواتك ِ مثواه ُالأخيرةْ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…