إليك: أين أنت يابن العم أيها الصديق ؟

  محمد مبارك ابن الشيخ محمد معصوم الخزنوي

هل تذكر أيها الصديق ! ، كم كنا نرتاد سوياً حلقات التعليم ، حلقة تعليم اللغة العربية عند استاذنا الملا عبدالله القرطميني ، كم كانت ثقيلة ومتعبة تلك اللغة التي فرضت علينا ، كم كنت اتألم لأنني كنت ارغب بتعلم لغة أمي ، لكنني لم افهم تعلقك بتلك اللغة إلا فيما بعد ، فقد كنت تمتلك المقدرة على استيعاب تلك اللغة ، وتعلمتها واتقنتها بسرعة ، وكم كانت أسلتك محرجة لأستاذنا القرطميني لدرجة كان لايستطيع الإجابة عليها.
واصبحنا على مفترق الطرق ، وافترقنا ، واختلفت اتجاهاتنا ، اخترت الانضمام الى المدرسة الشرعية ، بينما اخترت الدراسة الكونية .
وكبرنا ، وافترقنا ، أنت أصبحت عالماً ومدرساً ومربياً وإماماً ، وأنا مشيت مشواري الطويل نحو الغربة القاتلة ، القاتلة بعدا عن حنان أمي ، وعن ارضي ووطني وخلاني .
واختلفت اتجهاتنا الفكرية ، لكن وحده الوطن ، والأرض ، والكردايتية ، واستقلالنا من كان يجمعنا .
وبعد عقدين من الزمان عدت ، عدت الى الوطن لأفهم سر تعلمك للغة العربية ، فقد زرتك في مسجدك ، واستمعت الى نبراتك من خلال خطبة الجمعة ، وشاهدت افواج الشباب ، وجموع المثقفين يلتفون حولك ، وأنت تصدع بالحق عالي الصوت والهامة ، ادركت يا معشوق .
ادركت حينها سر تعلقك ، وسر سرعة تعلمك ، فقد اردت أن تخدم المظلوم من خلال دينك ، وأردت انصاف الضعيف من خلال قرآنك ، وجعلت من تلك اللغة مصداقا لما آمنت به { من تعلم لغة قوم أمن مكرهم } .
افترقنا ، التهمتني الغربة ، لكنني لم انسى الوطن ، انخرطت في صفوف المنظمات الطلابية أثناء درستي الجامعية بفرنسا ، وانضممت الى صفوف الحزب الديمقراطي لكردستان العراق ، لأننا آمنا بكردستان موحدة ، افترقت اتجاهاتنا ، ووحدتنا الوطن وكردستان .
كنت يا معشوق لسان المضطهد الصادح بالحق ، اللاهث وراء شمس الحرية ، المحروم من حقوقه الانسانية والثقافية والقومية ، ولأجل تلك المطالب المقدسة ضحيت بنفسك وأنت تعي مخاطر الطريق .
 
يا ابن العم ، ايها الصديق الجميل ، تعلم أننا لا نبحث عن إسم ولا عن شهرة ولا عن جاه ، فنحن نملكه ، لكننا اخترنا الطريق الموحشة طلب للحق ، وإنصافاً للمظلوم ، واسترجاعاً للحقوق .
 
لك الرحمة أيها الصديق ، عشت وعاش شهداء الحرية ، وعاشت كردستان .
 
 
ابن عمك المخلص  مبارك الخزنوي
 
 
17 مايو 2010 — فرنسا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…