الأنثى وتحولاتها في معرض مشترك «نحت وتشكيل وفن يدوي» في مركز الفن الجديد بالحسكة

  محمود عبدو

عن تحولات الأنثى؛حياتها, مناخها..وجسدها، شاغب فنانون ثلاثة وتناوبوا على إظهار «تحولات الأنثى» الداخلية أولاً والخارجية ثانياً، من خلال معرضهم المشترك المقام مؤخراً في صالة المركز الفني الجديد في الحسكة (جيهان عبدالرحمن نحتياً, ولقمان أحمد تشكيلياً, وعزيزة أحمد عمل يدوي) والذي حمل بصمة الظروف الحياتية والنفسية للأنثى من خلال شرح لأحوال الأنثى ووجوهها، لا بل لأهوال الأنثى وظروفها, بكل تعقيداتها, وتشارك الثلاثة في تلوين منتجهم بهمٍ أنثوي أو بفرحة أنثوية, وكلٌ على طريقته الخاصة؛فمنحوتات جيهان «إطارات خشبية وفيها المنحوتة الأنثوية»التي جعلتها متدلية في سقف بمقاسات موحدة وبسلاسل من حديد وكأن أحداً ما يمنعها من التحليق والتنفس، وهو ما حاولت تجسيده في أعمالها التي قدّمتها في المعرض انطلاقاً مما تراه من كون المرأة لاتزال تُعامل وفق شرطها الأنثوي، في الوقت الذي وصلت البشرية فيه إلى ما هو أعمق وأشمل.

تشير النحاتة جيهان عبدالرحمن إلى أن المواد التي استخدمتها في أعمالها اقتصرت على الصلصال الطبيعي الذي وحده يمكنه إيصال الفكرة؛ إذ لا انفصال بين الفكرة وبين المواد التي جسّدتها، ثم أطَّرت نساءها بإطار من خشب، يعدّ أيضاً من المكونات الأساسية للطبيعة أو لمنتج طبيعي عنها، وأرادت للعمل أن يكون طبيعياً بكل المقاييس؛ فابتعدت عن أي تصنع أو تكلف في شرح واقع المرأة ورؤيتها لحالها، بالرغم من إدراكها أن المرأة دخلت مناحي كثيرة كانت مقتصرة لفترة طويلة على مجتمع الرجال، ولكنها بالرغم من كل ذلك لاتزال تُعامل وفق أنوثتها وشرطها الأنثوي-إطارها, سلاسلها, مساحتها المرسومة سلفاً-, عملت على إظهار النساء المؤطرات اللواتي يحلقن في فراغ مُحدد تلك المساحة المتاحة لهنَّ لإطلاق جسد مسلوب اللون والحياة, فالرأس يتدحرج دون ملامح في استماتة للإفلات من الإطار المعيق.
وتكمل «جيهان» بأنها حاولت أن تجعل بعضاً من نسائها يخرجن من الإطارات، رغبة منها في إيصال فكرة رغبتها في الخروج من المساحة التي حُددت لها, لتمارس حقيقتها ككائن اجتماعي صانع للحياة مع الرجل, إنها –أي الحياة- من إنتاج كليهما وليس أحدهما دون الآخر، إذ ما الفائدة أن يعيش أحدهما في جو ضبابي والآخر يتمتع بالشمس، رغم تأكيدها بأنها لا تعادي الرجال، وإنما رغبة في أن يقدر الناس المرأة ويحفظوا لها مكانتها التاريخية.
وجاءت الأنثى عند عزيزة أحمد أكثر تفاؤلاً ولونية على خلاف منحوتات جيهان ذات اللون الواحد «تدرجات البني» بما وظّفته من مهارة خزفية. وكأي أعمال تقليدية، رسمت صور إناث على الزجاج بوضعيات مختلفة ومساحات لونية ضمن إطارات-مرايا- وكأنها تؤكد أن ما نراه فيها الآن ليس إلا بداية الفرحة.
بينما اتجه التشكيلي لقمان أحمد نحو الأنثى التي تنام في ذاكرتنا، فكانت لوحاته بهية اللون –ألوان فاتحة وباهرة- وبمقاسات مختلفة فاستطالات الجسد والشعر والروح وتداخل الفولكلوري الفردي مع الجمعي والمكاني-الموروث الجزراوي ( بزق, ناي, طنبور, الدف- والرغبوي الأسطوري- نوازعه- في مشهد واحد.
وتشير التجارب الثلاث، رغم تفاوت فني ونوعي لافت بينها، إلى انشغالها الحميمي بالداخلي-الذاتي- ضمن روابط الآخر المحيط.

 بلدنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…