رحيل الفنان الكردي المبدع داوود شيخاني في دمشق

  سيامند إبراهيم

  في التسعينيات من القرن الماضي شدني اسم قاص وفنان كردي وضع في نهاية شارة مسلسل شيق وجذاب للأطفال وهو (كان يا مكان) تابعناه على الشاشة السورية, وقد تابعنا هذا المسلسل بشغف من حيث حكاياته المؤثرة, والإخراج الفني الجيد, والممثلين الحرفيين المقتدرين الذين عملوا فيه وأذكر منهم( سامية جزائري, جهاد الزغبي.. وغيرهم, وعدت وسألت عن هذا الفنان الذي عرف كيف يشد ويسحر المتابعين للأعمال الفنية فقد صدق توقعاتي بأنه كردي من دمشق وهو الفنان داوود شيخاني الذي أبى الرحيل إلا وأن يترك بصماته الإبداعية في مسيرة الفن السوري الرفيع, إلى جانب فنانين أكراد أثبتوا مقدرتهم الفنية ببراعة وأصبحوا أساطين الفن في العالم العربي والعالمي ومن أسماء العمالقة الكبار (عبد الرحمن آل رشي, نهاد قلعي طلحت حمدي, خالد تاجا, احمد مللي, والممثل المسرحي احمد أيوب والمخرجين من آل الملا (الأب أدهم الملا وأبنائه بسام, بشار , مؤمن)
والمخرج غزوان بريجان من الفنانات القديرات منى واصف, هيفاء واصف, هالة حسني التي تعود بجذورها إلى العائلة البدرخانية العريقة, ومن جيل الشباب وائل رمضان, محمد آل رشي, عادل علي, محمد أوسو, لقمان ديركي, مصطفى الخاني,  والممثلة لينا كرم ) مع المعذرة للذين لم تسعفني الذاكرة لاسترجاع أسمائهم الآن.
نعم هذه الكوكبة المبدعة من الكرد الذين رفدوا الحركة الفنية السورية بأعمال بقيت خالدة في ذاكرة الجماهير العربية والكردية , وآخر الراحلين هو الفنان والقاص داوود شيخاني فقد كتب ” القصة والسيناريو الدرامي والإخراج والإنتاج الفني وامتدت رحلته الفنية لأكثر من  خمسة وأربعين عاماً عمل خلالها في الكتابة والإخراج والإنتاج ، فقد انتقل الراحل من كتابة القصة القصيرة في المجلات إلى كتابة السيناريو الدرامي في الإذاعة والتلفزيون منذ عام (1963) ، ومن ثم شغل عدة مناصب وأنشأ شركته الإنتاجية في اليونان التي نقل مقرها إلى دمشق في مرحلة لاحقة”  ويقول الناقد فؤاد مسعد :” بأن مسلسل (كان يا مكان) الذي يعتبر أسطع مثال عما قدم فقد تخطى خلاله حاجز المحلية إلى العربية والعالمية وشكّل نقلة نوعية في هذا النوع من الأعمال، كما نال عليه العديد من الجوائز الهامة حتى أن الجزء الثاني منه احتل المرتبة الثانية في مهرجان بميونخ في ألمانيا .. وقد حصل الراحل على العديد من التكريمات كان آخرها تكريمه من قبل لجنة صناعة السينما والتلفزيون ضمن إطار تكريم من خلدوا بصمات رائعة في عالم الدراما والتلفزيون” .(1)  ‏
ومن المؤكد بأن رحيل المبدع الأصيل هو ليست خسارة للإنسانية فقط بل هي جروح تأتي على الشعب الذي تابع مسيرة هذا الفنان, أو ذاك الفنان الذي حفر اسمه وبقلمه أو بأنامله, أو بحضوره الفني في التاريخ الفني لكل الشعوب, رحم الله فقيد الفن المخرج والمنتج داوود شيخاني , وكل الفنانين الكبار المبدعين والصبر والسلوان لعائلة الشيخاني .
——-
(1) داوود شيخاني .. مبدع آخر يترجل فؤاد مسعد

جريدة الثورة . فنون الأربعاء 14-7-2010م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…