معتقلات الفن الهابط

Roder

لقد باتت قطاعات واسعة من الشعب الكردي ولاسيما فئة الشباب متماهية الى درجة كبيرة مع ما يسوقه النظام حتى أصبحت تبرمج ذوقها الفني و الموسيقي مع ما يروق لجلاوزة النظام أن يسمعوه و هذا له مدلولاته النفسية و يرجع في مجمله الى خصاء فكري و حضاري وهو ناتج – أيضا – عن إعمال النظام لماكينات التدجين الفكري في رؤوس أبناء الشعب السوري ككل و الكردي منه بشكل خاص هذا عدا عما يمارس من استلاب سياسي و اقتصادي و عيش تحت خط الفقر الاقتصادي و السياسي أيضا .

فما نلحظه ومنذ فترة ليس بالقصيرة أن الماكنية الإعلامية المخابراتية للنظام استطاعت أن تفرض سيطرتها على الذوق الفني للمواطن من خلال نمط معين من ( الفن ) أو الفلكلور ألا وهو السويحلي فعلي الديك ووفيق حبيب أصبحا من ذوي الشعبية الكاسحة ولا يخفى على متتبع ما يلقاه هذا الفن الهابط من دعم أصحاب النفوذ فهناك عشرات الالآف من أشرطة  ألـ  ( CD)  تنسخ لهؤلاء المطربين الذين يصورون حفلاتهم بز قفة صبايا وراقصات يلهبن مشاعر المتفرجين من خلال حركات الاستعراض والإغراء و اللباس الذي يبدي أكثر مما يستر فيبدأ المراهقون بتتبع حفلات الخلاعة والتهتك ويحاولون التقليد ويدندنون بأغانيهم وينسون أن هناك مطربين و فنانين من الكورد يرضون أذواق الشباب وهم على درجة عالية في الأداء من أمثال :
بلند إبراهيم – عبد القهار زاخوي – شيدا – زكريا عبد الله ……   وغيرهم
والسؤال المهم يأتي كالتالي :
لماذا لا يمنح مطربون سوريون آخرون هذا الدعم والبروباغاندا التي يحصل عليها علي الديك مثلاً ؟ !!
أليس لكون علي الديك شبيحاً وسليلاً لثقافة التشبيح التي تعتاس عليها  قطاعات واسعة من أبناء الطائفة العلوية المدعومة من أمراء العربدة الأمنية ممن يحكمون سوريا بعقلية المزرعة ويحاولون فرض كل شيء يعجبهم على الشعب السوري حتى نمط الغناء الذي يسمعونه وإن كان تافهاً مثلهم ؟!!
أو ليس الشعب الذي باتت ثقافة التشبيح تحكم ذانقته الفنية قد بات مخصياً وتربة لا زد راع كل مشوه أو ممسوخ ؟!!
أليس هذا تماهياً مع المتسلط حتى النخاع ؟!!
أنا لست ضد فلكلور أو تراث احد ما إن كان راقياً معبراً عن طبيعة الموزاييك السوري الغني لكني ضد فرض أي شيء كان ولو كان أغنية سواء كان فرضها مباشر أو غير مباشر .
إن من سخرية القدر أ ن يدرج  فصل الدبكة ( السويحلية ) في الأعراس الكوردية أسوة بالكرمانجي والشيخاني والهورزي والباكية والبوطاني وغيرها من الدبكات الكوردية المعروفة والأصلية ويلاحظ تنامي هذه الظاهرة السلبية في المناطق الكردية كافة .
إن هذه الدبكات لم تنقل إلى أعراسنا اعتباطاً بل وفق برنامج مدروس يهدف إلى غزو كل مفاصل حياتنا الاجتماعية بعد أن صودرت السياسة والاقتصاد .
لقد كان طلاب وطالبات المناطق السورية كافة يحسدوننا- أيام الدراسة -على فلكلورنا الغني وكانوا يراقبون حفلاتنا ودبكاتنا  في المدينة الجامعية أو في الرحلات الطلابية وهم مندهشون من تراثنا الرفيع فهل بات فلكلورنا وضيعاً إلى هذا الحد حتى يستعاض عنه بعربدات الشبيحة .

وأخيراً لا يسعني أن أقول سوى أنني عندما أسمع علي الديك أو وفيق حبيب فأنني- ومن ( شد ة طربي )- لا أتذكر سوى صورة عنصر أمني وهو يسوق شاباً كوردياً إلى المعتقل فهل سنسمح لهم بأن يسوقوا ذائقتنا الفنية إلى معتقلات فنهم الهابط . ؟ !!                                                                                                                                                   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…