في رثائك يا أبا فارس

 توفيق عبد المجيد
 
خدعة كبرى هذه الحياة ….. فمن يخدعنا يا صديقي ؟
لست أدري
هل نحن ودائع مؤقتة في دنيانا هذه ؟
أيضاً لست أدري
هل تمتلكنا قوة مجهولة ، تقذف بنا كالكرة في متاهات الحياة
أنى شاءت ؟

لست أدري
هل هنالك مالك حقيقي لنا ولأرواحنا ؟
لست أدري
هل جئنا بإرادتنا إلى الحياة ؟
لست أدري
هل نحن من يختار أباه وأمه واسمه وبلده ووطنه
ويعرف ساعة رحيله ومكانها  ؟
لست أدري
نعم ( وما تدري نفس بأي أرض تموت )
أبا فارس
ليسمح لي الشاعر إيليا أبو ماضي صاحب فلسفة الطلاسم
 وأنا أستنير بما صبّه في قصيدته الرائعة تلك ،
وأنا أختم أشطري بلازمته :
لست أدري
إنه الوجود الأزلي السرمدي الدائم
الذي وحده يصمد للبقاء
حتى يصدر الأمر أخيراً
 بنهايته
ويرث الله الأرض ومن عليها
كلنا على سفر أخي أبا فارس  
فقد وصلت ، بينما نحن مازلنا سائرين
حتى نلحق بك وبأحبة عزيزين على القلوب
سافروا يوماً دون أن يودعونا
نعم أخي الشهيد
جاءكم صاحب الوديعة وهو في عجالة من أمره
باغتكم صاحبها فأخذها دون استئذان
فليس أمامنا إلا التسليم بقضاء الله وقدره
هو وحده القادر وفي أي وقت يشاء
وعلى أي أرض يختار
أن يأخذ الوديعة
سمعاً وطاعة أخي أبا فارس
فلنواكب الشاعر إيليا أبو ماضي وهو يردد :
وطريقـي مـا طريقي؟أطويـل أم قصيـر ؟
هل أنا أصعـد أم أهبـط فيـه وأغـور؟
أأنا السائر فـي الـدرب ؟ أم الـدرب يسيـر ؟
أم كـلانـا واقــف والـدهـر يـجـري؟
لــــــــســـــــــت أدري!
وأختم رثائي بأروع ما كتبه الشاعر الشاب
الذي استشعر بدنو أجله وهو في ريعان الشباب
أبو القاسم الشابي في رائعته
في ظل وادي الموت.
نحن نمشي وحولنا هاته الاكوا
ن تمشي.. لكن لاية غاية؟
نحن نتلو رواية الكون للموت
ولكن ماذا ختام الروايه
هكذا قلت للحياة فقالت
سل ضمير الوجود كيف البداية
فسلام عليك وعلى الأعزة الذين رافقوك

يوم ولدت ، ويوم مت ، ويوم تبعث حيا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

هناك حكايات تتنازعها عدة ثقافات، مثل حكاية “شَنْگلو مَنْگلو / şekgelo mengloالتي تتنازعها الثقافتان الكوردية والفارسية، وهي مروية على لسان معزاة توصى صغارها الثلاث بألَّا يفتحوا باب الحظيرة في غيابها إلَّا بعد أن يسمعوا منها أغنية معينة تغنيها لهم. سمعها ذئب في أحد الأيام، كان يمر في الجوار. بعد ابتعادها عن صغارها، جاء الذئب،…

محلل
يقال احيانا ان هناك “رجالا لم ينصفهم التاريخ”، وكان التاريخ كائن جائر، يوزع المجد والانصاف على من يشاء ويحجبه عمن يشاء. غير ان التامل العميق في معنى التاريخ ووظيفته يبين ان هذه العبارة، على شيوعها، ليست دقيقة؛ فالتاريخ، في جوهره، لا يظلم احدا، بل يمارس عملية فرز طويلة المدى لا تخطئ في نتيجتها النهائية، حتى…

د آلان كيكاني

منذ اشتعال فتيل الجنون في سوريا يسهل عليك تمييز السوري من بين الناس أينما كنت، وأينما كان هذا السوري…

ولو كنت دقيقَ ملاحظةٍ لعرفته من على بعد مئات الأمتار.

لا لرائحة خاصة تميزه كما عند بعض الكائنات.

وليس لسحنة مميزة تخصه كما عند بعض الشعوب.

وإنما لأسباب أخرى …

مثل إطراقة الرأس.

والكآبة البادية على محياه.

وربما لاحمرار عينيه وذبولهما.

ها…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “سيرة النصّ المفتوح – رحلة واسيني من تلمسان إلى السوربون” للباحثة والكاتبة السورية أماني محمّد ناصر. وهو يمثل دراسة نقدية معمّقة تتناول المسار الإبداعي والفكري للروائي الجزائري واسيني الأعرج، أحد أبرز الأصوات السردية العربية المعاصرة، من جذوره الريفية الأولى في تلمسان إلى موقعه الأكاديمي في جامعة السوربون…