لمياه دجلة…ودموع بيريفان حذاء مزكين…ومراثي بيش خابور

ياسين حسين

– بيريفان-

فور خروجنا من عامودا، كنت أداعب شعرها:
– سآخذك إلى أجمل حفلة في الوجود يا حلوتي.
كانت تتطلع بعينيها الصغيرتين وتتأمّلني باستغراب. أيا كبدي الصغير بيريفان، عروستي، سأجعلك عروسة مياه دجلة.
تصرخ بي: bab, ez ditirsim.

وأقول لها: خلاص، قريباً سيأتينا الخلاص يا بنيتي.
بيريفان تحولت إلى ميدوزا، وأنا كنت الحجر الأول في قعر الحدود. لزمت الصمت وأنا أضمها وأعبر بها مياه دجلة. تغمض عينيها خوفاً، تتشبّث بي بيديها ورجليها ورأسها وشعرها ودموعها…
نحن في أخطر مثلث حدودي، أخطر مثلث حدودي في العالم، وأنا المستهتر بدموع بيريفان، أشد خفية على صدري كي أصمت شرايين القلب، أضمها بكامل لاقوتي.
– سحقاً لهذا العالم حبيبتي بيريفان، سحقاً.
تركت كل ألعابك ورائي، تركت ما يشبه وطناً لك، وشبه أقرباء، وأشباه من الرجال كانوا أشباه أشباح لك.
إنه طريق الجن… إنه معبر العشرة آلاف مقاتل من جيش الإسكندر الكبير… وأنت يا صغيرتي، وأنا ومزكين وكزينوفون نعبث بأقدارنا، وحين تنام بيريفان تصبح عروس ميزوبوتاميا بأكملها…. حينها يبكي الشاعر.
Bavo,,,meş malê
– ومتى كان لنا بيت يا حبيبتي، مثلي لا بيت له ولا سكن ولا عنوان، ستقام قيامة الكرد إن حصلت على غرفة في عامودا. لذا فلنلعن عامودا ونعلن عصياننا عليها… لا بيت لنا سوى قلوبنا…
تفتح عينيها خلسة، تقلص جفنيها الصغيرتين محاولة شدهما قدر الإمكان للإغماض، أتحسس قلبها الصغير وقلبي الكبير، أتقمصها وألعن نفسي…
بيريفان: سيطول بكاؤك، ويطول مشوارنا… فارحميني يا صغيرتي…

– مزكين-

في رحلة الهروب إلى الجنة، في سكون جحيم الهروب، في السادوس المحرم من الفوبيا، في توريات ليالي عامودا.. استلهمنا خلسة حذاء برونزياً يليق بأصابعها وكعبها ومشطي قدميها… واستبدل المشترى بخفّ أسود تحول إلى شبح في مياه الزاب….
بصوت خافت حدثتها عن القديس فرانسيس الاسيزي، والشيخ السنعاني، وسمعان العامودي، وصديقي فارس أوسي، وأصدقائي من أحمد الحسيني إلى عبد السلام خوجة… فبكت مزكين وربتت على صدر بيريفان بحنو…
تشبثت بالزورق وأسمعتني مرثيتها: يا شيخ عبد القادر….يا شيخ جبر… يا بافى كال (تذكرت حينها محمد عفيف وهو يدخن بشراهة).
المهم في الأمر، أنها خاطرت بحياتها في رحلة الهروب إلى الجحيم، فكانت الملحمة الناقصة في عصر الانترنت….

– أنا-

لمن يحبون التقارير، ولمن لا يحبونها…..
ما رأيكم ببعض العلكة المستوردة…؟ أم لسان مستورد يتسع للجميع….؟
ستصرخ بكم الليالي يوماً، وتصدرون اللعنة إلى الجيران….

إلى سلطانة ذات الجدائل الحمر…. سأظل محتفظاً بترابك في قلبي، فأنا لا أتحمل أن أرى آثار الجلطة الدماغية على وجنتيك الجميلتين…
إلى لوند وبلند…عبد اللطيف الكبير مع جداره الكبير الذي حضننا صيفا شتاء…
إلى غسان ونوشى وهيثم وفريدون، أتذكركم مع أول رشفة قهوة سورية…
إلى المنقولين قسرياً ( تحملوا آثار المرسوم 49)…

لن أنساكم ما حييت…..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…