نهاية الإخلاص

محمد الكلاف

بنهاية اكتوبر 2010 المشؤوم ، أسدل الستار على قصة حب مقدس في زمن مدنس …
تجرع كؤوس الحزن والأسى والهزيمة وحيدا على عتبة السعادة الموصدة ، حين خذلته الأماني والأحلام الزائفة … فتركته ورحلت …

رحلت عبر عتمة الهجر القاسي ، مخلفة ذكريات تمخر القلب والفكر والجسد … بل مخلفة لهب الخيانة في حلمه المبعثر حد السراب ، تحضنه الهزيمة المعلنة ، يعد خسائره في العتمة عبر تأوهاته الحارقة ، ورغبته المشتعلة …
أحس بوطأة الزمن واحتقاره فافتقد الحيوية والابتسامة من فرط الإحباط ، ولم يجد عزاءه إلا في الكتابة بين سطور دفاتره المتعبة بدموع قلمه … الكتابة التي تحمله إليها ولو عبر الأثير ، حين يمتطي صهوة الذكريات ، تلوح له بقاياها خلف الكلمات العذبة الراسخة في الوجدان …
ومضت الأيام … ربما وجد النسيان طريقه إلى ذاكرتها ..ا. لكن النسيان لم يتمكن منه ، ولم يستطع مسح آثارها من مخيلته ، لأنه أحبها حبا لا يستطيع أحد أن يمنحه لامرأة ، لأنها كانت مناه وأمل حياته الذي يعيش عليه ومن أجله …فالذكريات ما زالت حية متقدة في ذاكرته مهما كبر فيها الجحود … ذكريات تستفزه وتخزه بين الحين والآخر ، ليس لأنه لم يتقبل الواقع ، بل لأنه لم يستسغ قساوة الواقع الظالم الجائر …
لم يكن ليستسلم لليأس والقنوط ، فقرر أن يمنحها فرصة كافية لتتراجع عن قرارها المجحف والظالم والقاسي …
ركب يوما رقمها على هاتفه … طلبها بلهفة زائدة ، يحذوه الأمل … جاءه صوتها من الطرف الآخر … بكى طويلا … ترجاها لوقت أطول أن تفكر في حبهما الذي بنيا سرحه معا لحظة بلحظة .. لكن رجاءه لم يكن ليحرك ولو درة حب أو حنان في قلبها … كان ردها قاسيا ، أطفأ ما تبقى من بصيص أمل بداخله ، أوصدت بكلماتها الجافة أمامه كل أبواب الرجاء……………………………. يالقساوة قلبها…………………………………..
سمع في صوتها نغمة التشفي … تتفنن في تعذيبه وإهانته وإذلاله … أصابته نوبة من الاكتئاب ، وأصبح أكثر حزنا …
كثير ما كان يهجر النوم جفونه حين تنتصب الذكريات أمام مخيلته لتقض مضجعه ، فيقضي الليل كله يتقلب ذات اليمين وذات الشمال ، مرتميا بين أحضان الوهم القاتل ، يذرف دموع الوجد ، فتتصاعد الآهات الحارقة تلو الآهات …
فكر يوما أن يثأر لنفسه من نفسه بنفسه ، ليمسح عار الهزيمة … ورحل … رحل بعيدا عن عالم المتناقضات … عالم الخديعة واللاصدق واللاوفاء ، يحثا عن عالم أرحب … عن وطن لا مكان فيه للخيانة … عالم حدوده أحضان … مفاتيحه كلمات عشق … شعاره الحب والتضحية والإخلاص … عالم الفضيلة …
ذات صباح وجد مشنوقا على قارعة متاهة الخيانة ، وبيده ورقة مبللة بالدموع كتب عليها ……….هذه نهاية الإخلاص ……

طنجة – المغرب

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

 

مقدمة

تمثّل قراءة جاك دريدا لمقال والتر بنجامين «مهمّة المترجم» إحدى أكثر اللحظات ثراءً في الفكر المعاصر حول الترجمة، لأنّها تجمع بين اثنين من أهمّ فلاسفة القرن العشرين

— بنجامين: صاحب الرؤية «اللاهوتيّة – الجماليّة» للترجمة؛

— دريدا: صاحب التفكيك والاختلاف واللامتناهي لغويًا.

قراءة دريدا ليست شرحًا لبنجامين، بل حوارًا فلسفيًا معه، حوارًا تُخضع فيه اللغة لأعمق مستويات…

ماهين شيخاني

 

المشهد الأول: دهشة البداية

دخل عبد الله مبنى المطار كفراشة تائهة في كنيسة عظيمة، عيناه تلتهمان التفاصيل:

السقوف المرتفعة كجبال، الوجوه الشاحبة المتجهة إلى مصائر مجهولة، والضوء البارد الذي يغسل كل شيء ببرودته.

 

كان يحمل حقيبتين تكشفان تناقضات حياته:

الصغيرة: معلقة بكتفه كطائر حزين

الكبيرة: منفوخة كقلب محمل بالذكريات (ملابس مستعملة لكل فصول العمر)

 

المشهد الجديد: استراحة المعاناة

في صالة…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف…

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…