Shyar68@gmail.com
بدعوة من النادي الثقافي في الشارقة أحيى الناقد والباحث أكرم اليوسف ندوة بعنوان : القرصنة الثقافية بين العرف والقانون وقدم له الشاعر والكاتب ابراهيم اليوسف
حضرها عدد من الأدباء والصحفيين والمثقفين، بدأ ابراهيم اليوسف تقديمه للمحاضرة ببيت شعر لطرفة بن العبد يقول فيه :
ولا أغار على الأشعار أسرقها عنها غنيت وشر الناس سراق
تشهد الثقافة العربية المعاصرة حالة خطيرة جداً تتمثل في انتشار مرعب لظاهرة (القرصنة الثقافية) وحين نتحدث عن “الثقافة ” فإن المقصود فيها مختلف مجالات الفكر والإبداع والمعرفة والتراث والعلوم وغيرها .. أي الثقافة بمعناها الشامل.
ولعل استفحال هذه الظاهرة الجريمة يعود بشكل خاص إلى تطور التقنيات وخصوصاً الانترنت الذي فتح آفاقاً واسعة أمام الجميع –دون استثناء – سواء من حيث الاطلاع على المنتج الفكري أو امكانية النشر وسهولته من خلال المواقع والمنتديات المنتشرة في كل أنحاء العالم العربي.
ليست القرصنة الثقافية ، حدثاً جديدا تماماًعلى الساحة الثقافية العربية ، بل إن ما يسمى بالسرقات الأدبية قد ظهرت منذ زمن قديم. وقد تناول النقاد العرب القدماء ظاهرة السرقات هذه واهتموا بشكل خاص في الشعر (ديوان العرب) وإن كنت لا أهدف في هذه المحاضرة إلى الحديث عن السرقات الأدبية وتاريخها ، إلا إنني أستطيع الإشارة إلى العديد من الكتب النقدية القديمة التي تحدثت عن السرقات الأدبية أذكر منها: كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه) للقاضي الجرجاني وكذلك كتاب (الموازنة بين الطائيين) للآمدي ، الذي تحدث عن سرقات أبي تمام والبحتري .. نستطيع أن نشير أيضاً إلى سرقات أبي نواس للمهلهل بن يموت بن المزرع ، وكتاب الأصمعي حول فحول الشعراء ، والجاحظ في كتابه الحيوان …وغيرها وبالطبع اتهامات توفيق الحكيم بسرقة كتابه (حماري) ومحفوظ بسرقة (ميرامار) ونزار قباني الذي اتهم بسرقة قصيدة (الجريدة) من جاك بريفير.
إن مفهوم القرصنة الثقافية اليوم : أشمل بكثير ، فإن كان القدماء قد تحدثوا عن توارد الخواطر والأفكار ، ووقوع الحافر على الحافر .. فإن ما يجري اليوم يعد سلباً (مسلماً) للفكر والعلوم والفنون والتراث …وغيرها .
وثمة أنواع كثيرة من هذه القرصنة منها :
1- قرصنة الكتب الكترونياً.
2- قرصنة التراث الشعبي والفلكلور
3- قرصنة الترجمات من روايات ودراسات .
4- القرصنة الأكاديمية، وهي لا تكتفي بسرقة النتائج العلمية والبحوث بل تصل احياناً إلى سرقة الأطاريح العلمية (دكتوراه ..ماجستير ).
5- قرصنة الجوائز الأدبية والفكرية والعلمية .
6- قرصنة الأفلام السينمائية مما أدى إلى التدهور في صناعة السينما .
7- قرصنة الأغاني والألحان . مما أدى إلى تدهور صناعة الأغنية .
8- قرصنة الصور واللوحات الفنية .
9- قرصنة النشر .. (فأن تقوم دار نشر بإعادة طباعة كتاب دون إذن مؤلفه أو دار النشر الخاصة به ..)
– إن انتشار هذه القرصنة يجد أحياناً من يدافع عنه بحجج أو بأخرى كما أن هؤلاء القراصنة لا يتوانون عن الاعتراف بما فعلوه بحجة أو بأخرى ، دون وجود قوانين رادعة .. وفي مثل هذه الحالة فإن العامل الأخلاقي هو عنصر أساسي وهام في الحد من هذه الكارثة التي أشاعت انعدام الثقة بالثقافة العربية علماًوفناً وإبداعاً .. كما أثرت اقتصادياً، ليس فقط على المبدعين الأفراد بل وعلى المؤسسات والشركات وغيرها .
إن مسألة احترام حقوق المؤلف هي مسألة أخلاقية قبا أن تكون قانونية وهي مسألة حضارية قبل أن تكون إبداعية ..
وقد داخل عدد من الكتاب والصحفيين الموجودين ومنهم د. ابراهيم الوحش
نصر بدوان – فدوى كيلاني – صالح خليل – د. شبر الوداعي ثم أجاب المحاضر على بعضها واعتبرها قد أغنت الندوة جميعا كما أجاب مقدم الندوة على بعضها الآخر ، واعتبر الحضور المحاضرة من المحاضرات المهمة التي تمت خلال هذا العام الذي يشرف على الانتهاء.